بقلم: كنده الجيوش
مرت خلال هذا الشهر ومنذ أيام قليلة مضت ذكرى الاحتفال السنوي بالمحاربين القدماء.
هذه المناسبة جميلة حقا لنا جميعا وهي للاحتفال بالحياة وليس الموت وحتى نتذكر بان السلام أهم وأجمل من الحرب وأن علينا أن نحفظ الحياة والحقوق والكرامات بالسلام وليس الحرب— قدر الإمكان وان نسعى جاهدين لذلك .
وهنا اذكر قصة جميلة أحب إعادتها لانها تمثل الكثير من القيم التي نحب أن تتوج بمكانة عالية في معاييرنا الأخلاقية.
المحاربين القدماء وجملة مختصرها «S.W.L.K «
يقول احد المحاربين القدماء الأوربيين خلال الحرب العالمية الثانية – ويروي عنه أولاده وهم أصدقاء قدماء- بانه كان يكتب رسائل بشكل متواصل لزوجته المحبة وهو على جبهة القتال. كان يتحدث فيها عن محبته لها وعما يحصل معه وكيف يعيش ظروفا صعبة وكيف انه يحارب من اجل سلامة بلاده ويطمئن على محبوبته زوجته وعائلته.
كانت تلك الرسائل المكتوبة هي خيط الحياة الذي يربطه بكل من يحب وأولهم زوجته. وكان يكتب على مظروف البريد بعد ان يلصقه وعند زاوية الإغلاق «S.W.L.K».
واختصار»S.W.L.K « باللغة الانجليزية معناه الأصلي هو جملة «Sealed With a Loving Kiss” أي ألصقت بقبلة محبة.
ويالها من رسالة محبة. ويالها من قصة. ويمكن أن نتخيل إحساس زوجته محبوبته عندما تصلها الرسالة من جبهة القتال وتطمئن بأنه بخير وتستعلم أخباره ويطمئن أولاده على سلامته. من هذه الرسالة تصل مشاعر المحبة والألم والشجاعة والحزن والرغبة بالسلام وكذلك صد الأشرار.
وكان ذلك الرجل من المحظوظين الذين عادوا على قيد الحياة دون الكثير من الأذى الجسدي.
وكلما مرت علي ذكرى لقاء ذلك الرجل أحسست بالنبل الذي كان يحمله بشخصه. ليس فقط لأنه كان شخصا يدافع من اجل الآخرين ولكن لان نبل شخصه كان أساسياً في كيانه ونوع علاقته بزوجته وأسرته ومجتمعه.
هذه الجملة استعملها الكثيرين ولكن علقت بذاكرتي هذه القصة لهذا الصديق الكبير والتي تفيض محبة رغم ذكراها البعيدة. واستعمل هذا الاختصار أبناء هذا الرجل في مناسبات مختلفة ولكنها لا تقل محبة ولا ظروف استثنائية.
واليوم نتذكر المحاربين القدماء في كندا التي كان لرجالها ونسائها ولها دور كبير في الحرب العالمة الثانية وان يكون عالمنا أكثر سلاما اليوم.
اليوم نحيي ذكراهم ونتذكر الأحياء منهم ونكرمهم.
واليوم هي مناسبة لكي نتذكر بان المحاربين القدماء هم كثر من ذلك التاريخ. وبعضهم ربما لم يحارب في الحرب العالمية الأولى أو الثانية بأية صفة كانت ولكنه قام بأعمال إنسانية ترقى لمن شارك في هذه الحروب ومنهم أجدادنا الذين قاموا بحماية اللاجئين وضحايا الحربين. ومنهم الكثير في بلادنا العربية وكلنا يعرف المذابح والاضطهاد والأحداث الأليمة التي تعرض لها الأرمن والسريان والشركس وحتى العرب في الحرب العالمية الأولى وكان أجدادنا في سوريا والعراق ولبنان وبلاد الشام عموما ومصر خير نصير وخير ملاذ امن للجميع.
اليوم ومع تكريم المحاربين القدماء في كندا – أصدقاء أجدادنا بفعل الشهامة- نتذكر بأننا نحبهم ونتمنى لو أن البقية كانوا أحياء ولم يتعرضوا للأذى.
انه يوم ليس لتمجيد الحرب والتضحية بالأرواح لأننا لا نحب الموت ولا الحروب. انه يوم لتمجيد من حارب ويوم نعد فيه بأننا سنعمل ما بوسعنا من اجل السلام وسلامة الأرواح.