بقلم: سليم خليل
أعلن في شهر شباط / فبراير الماضي عن توقيع عقد فتح قناة في نيكاراجوا بكلفة خمسين ميليار دولار تقوم دولة الصين بتمويل المشروع وتنفيذ الأعمال وبدأت أعمال الحفر بالرغم من إعتراض مجموعات كبيرة من السكان على ضجيج السفن في المستقبل. عند المباشرة بالمشروع أعلن رئيس البلاد أن المشروع هو الأسلوب الوحيد الذي سيخرج السكان من حياة الفقر وستشكل تكاليف المشروع خمسة أضعاف الدخل القومي في نيكاراجوا .
حسب التقديرات التجارية سيتحول ثلاثون بالمئة من السفن العابرة في قناة باناما إلى القناة الجديدة كونها تقع شمال باناما وأقرب إلى الولايات المتحدة التي تعتبر أقوى وأعظم سوق تجارية في العالم .
طول القناة الجديدة ٢٧٨ كيلومتر أي ثلاث أضعاف طول قناة باناما وتقريبا ضعفي طول قناة السويس . مع البدء بالأعمال في نيكاراجوا أعلنت إدارة قناة باناما توسيع وتعميق القناة لتسهيل مرور سفن تحمل 14000 حاوية . ستكون كلفة توسيع وتعميق قناة باناما خمسة ميليارات دولار وستكون جاهزة لمرور السفن العملاقة في الربع الأول من العام المقبل .
كما أعلنت إدارة قناة السويس في مصر عن بدء أعمال توسيع القناة لتستقبل سفن عملاقة أكبر من التي تمر حاليا .
منذ ما يقارب مئة وخمسين عاما أفتتحت قناة السويس في مصر وكان لها أهمية إستراتيجية كبرى وتنبأ آنذاك رئيس الأكاديمية الفرنسية في كلمة إستقباله للمهندس الفرنسي فردينان ديلسبس المصمم والمنفذ للقناة : لقد كان لقرون طويلة مضيق البوسفور الذي يفصل أوروبا عن آسيا محط مطامع وحروب دامية في التاريخ والآن أضفت على جغرافية الحروب مركزا إستراتيجيا آخر لأنه عند أي نزاع ستتسارع
القوى المتحاربة لإحتلال القناة الجديدة لتأمين سرعة إنتقال الجيوش والمعدات.
كانت مطالعة رئيس الأكاديمية الفرنسية صحيحة إذ حدثت ثلاثة حروب معروفة للسيطرة على هذا الممر الإستراتيجي .
بعد قناة السويس أفتتحت قناة باناما وكان حسب عقود فتح القناة أن تعود ملكية القناة إلى دولة باناما بعد مئة عام أي في التسعينات من القرن الماضي. لكن الأهمية الاستراتيجية والحربية لقناة باناما ومصالح الولايات المتحدة في باناما المجاورة أدت إلى إحتلال باناما والقناة في عهد الرئيس جورج بوش الأب في التسعينات من القرن الماضي ..
ما هي الأهمية الاستراتيجية لقناة جديدة تبعد بضع مئات من الكيلومترات شمال قناة باناما وأطول ثلاث أضعاف طول قناة باناما ؟
خلال العقود الثلاث الأخيرة تطورت فنون الحرب الحديثة والعلوم والطيران وانتشرت الأساطيل الحربية ومعها حاملات الطائرات الجبارة والصواريخ والقواعد الحربية الأميركية المزروعة في كافة بقاع الأرض ؛ وبالإضافة إلى الأسلحة التقليدية فيها طائرات حربية بدون طيار تتحرك وتتلقى الأوامر من مراكز بعيدة عن مواقع القصف ؛ بهذه التطورات يمكن القول إن الأهمية الحربية والإستراتيجية للأقنية التي تربط البحار والمحيطات أخذت تتقلص لتصبح أهميتها مقتصرة على سرعة نقل البضائع ومعها تخفيض كلفة النقل البحري الذي ينعكس إيجابا على كلفة بيع البضائع والسلع إلى المستهلكين .