بقلم: سونيا الحداد
سنة ٢٠٢٠ كانت سنة مصيرية بالنسبة لي على كل الأصعدة. أحداثها صدمتني فكريا وروحيا أمام هول الحقيقة التي واجهتها مما أجبرني على التوقف عن أي نشاط والابتعاد في خلوة مع ذاتي الفارغة فجأة فراغ اللحظة التي تسبق الموت. كل ما تعلمته وآمنت به بات سرابا. وها أنا في حالة من الدوران والغثيان أمام هاوية كانت يوما واحة تستمد روحي في ظلها، القوة التي تسيرني فرحة صابرة على دروب الحياة. فجأة أدركت هول السراب الذي رافقني كل هذه السنين. لم أعد أدري بماذا أؤمن والى أين أتجه. أرفض الحقيقة وأهرب إلى عالم الخيال كي أخفف من ألم الواقع وما أشهده، متسائلة لو أنني عشت طوال هذه السنين حقيقة زالت أم أن هذه الحقيقة كانت سرابا ؟
استمريت في تخبطي ووحدتي أشهر، غير قادرة على التكلم أو حتى الكتابة الى أن قررت يوما خلال فترة صمتي، أن أعود في الزمن أتصفح تاريخ الشعوب والحضارات القديمة، أقرا عنها وأتعرف الى ناسها وعاداتها، الى فلسفاتها وقيمها، الى دياناتها وثقافاتها الأجتماعية والفكرية، من خلال هذا العالم الأفتراضي الذي فتح لي جميع الأبواب أنهل منها العلم والمعرفة وكشف حقائق لا تنقلها لنا المناهج الدراسية ولا الأعلامية. هذا العالم الافتراضي أنقذ روحي من الانحدار الى هاوية اليأس والحزن ساعة أدركت أن النزاع بين الخير والشرهو نواة هذا العالم ومحركه. ان حالة السلام التي عاشتها البشرية بعد الحرب العالمية الثانية ليست سوى هدنة أنتهت وأن عالمنا اليوم هو دورة من دورات عجلة الزمن التي تعود باستمرار طالما هناك حياة، وأن الأقوى والأكثر دهاء واجراما هو الذي يكتب التاريخ. هذا ما حصل عبر العصور وما يحصل وسيحصل الآن وفي المستقبل، خاصة وأن الأسلحة تطورت وستتطور أكثر الى نقطة اللاعودة. الامبراطورية الجديدة سيديرها روبوتات مبرمجة لا يمكن اخضاعها لا بل سيخضع الأنسان لها أذا أراد الحياة، يبرمج نفسه حسب قوانينها. سيتغير شكلا وقالبا كي يلأئم متطلبات امبراطوريات العالم الجديد. هذا الأندماج سيكون له الجانب الأيجابي والسلبي مثله مثل اي تواجد آخر. أندماج سيخوله استقبال وملاقاة حضارات كونية أخرى قد يتناسل معها مثلما حل في العهود القديمة. عهد جديد سيحمل افراحه وأحزانه، جمالياته وبشاعته. التناسق امر لا بد منه ولو اتَسم أشكالا مختلفة، ما هو غريب وصادم اليوم سيكون هو الشائع والقاعدة غدا. يكفي ان نعود الى تاريخ الشعوب كي نفهم ما يحل بنا اليوم ونراه من منظار أخر يلهمنا التشبّص بالحفاظ على حقوق الأنسان والدفاع عنها تحت راية العالم الجديد، كي لا نعود عبيدا للأسياد يصطادوننا ساعة نركض في سهولهم !
العالم دخل العلمنة الدولية والعد العكسي بدأ. عصر جديد يكتب له الحياة والحياة سر من أسرار الوجود لا يمكن تفسيره. أنها طاقة كونية تحمل قراراتها ونتائجها فلنجعل من الحاضر نورا أيجابيا قدر الأمكان. هذا الأمر هو خيارنا ولا يمكن لأحد أن يسلبنا أياه!