بقلم : على أبودشيش
كان للفنان والمهندس والمصمم المصري القديم الدور البارز في إخراج الأعمال الفنية الرائعة التي وصلتنا عبر التاريخ، والتي بقيت شاهدًا فريدًا على عبقرية المصري القديم فى تشييد أعظم حضارة في العالم أجمع.
وكان من وراء الفنانين جيش من العمال هم الوقود الفعلي لمختلف نواحي الحياة، وعلى عواتقهم قام هذا الخِضَم الهائل من الإنتاج الحضاري على ضفاف نهر النيل الذي انبعثت منه الحياة في مصر القديمة فكانت أول حرفه هي الزراعة.
وكانت الزراعة من الأعمال الهامة والشاقة، والتي رسمت للحضارة المصرية معالمها الرئيسة وكان انتظام الزراعة هو أهم سمة لحياة المصري القديم، ثم بعد ذلك اتجه إلى الحرف الأساسية للتكيف مع البيئة المحيطة، فلولا العمال المصريون لما تم إنجاز الأهرامات الخالدة، ولولاه لما كانت المعابد والمقابر باقية حتى الآن، وما عرفنا الصناعات الخشبية والمعدنية وطريقه صنع الأواني والفخار وصناعة الذهب.
وكان العامل المصري القديم هو السبب في استمرار وبقاء هذه الصناعات اليدوية القديمة فقد عمل في ظل إمكانيات متواضعة، وأبدع شتى أنواع الفنون والتي لا زلنا نتيه بها فخرًا على العالم أجمع.
فلولا اتقان ومهارة العامل المصري -والكلام لأبو دشيش- لما وصلتنا أسماء الملوك العظام، ومن أهم إبداعات العمال تشييد الأهرامات التي تدل على الإعجاز الهندسي للمهندس والعامل المصري ولقد اكتشف عالم الآثار المصرية الدكتور زاهي حواس مقابر العمال بناة الهرم ليثبت للعالم أجمع أن المهندس والعامل المصري هم من بنوا هذه الأهرامات الخالدة.
ومن أهم الصناعات في مصر القديمة كانت الصناعات الحجرية مثل صناعة التماثيل والأواني الحجرية، وصناعة قطع الأحجار من المحاجر، وكذلك الصناعات المعدنية مثل الذهب والفضة وغير ذلك، وقد بلغت دقة الصنعة مبلغًا كبيرًا مثال على ذلك قناع الملك توت عنخ آمون، وأيضًا برع المصري القديم في الصناعات الكيماوية في صناعة الأدوية والعقاقير الطبية، وكذلك في الصناعات الخشبية مثل صناعة الأثاث المنزلي والجنائزي.
وعانوا العمال أشد المعاناة في العمل تحت الظروف قاسية، وقد طالبوا بحقوقهم المادية، وقاموا بعمل أول إضراب مسجل في التاريخ حتى الآن، وذلك في عهد الملك رمسيس الثالث.
وعلى جدران معبد هابو في مدينة الأقصر يسجل لنا التاريخ أول احتجاج عمالي منذ آلاف السنين، حيث اجتمع العمال المصريون في المعبد الجنائزي الذي بناه الملك رمسيس الثالث وقاموا بإعلان الاحتجاج والاعتصام رفضًا لسياسة الملك الاقتصادية، والتي أدت لتأخر أجور العمال في دير المدينة لمدة شهرين، وامتثل الملك رمسيس الثالث لمطالب العمال وانتهى الاعتصام الذي خلدته جدران معبد هابو في الأقصر.