بقلم: خالد بنيصغي
بعد مشاورات طويلة ومُطَوَّلَة بين الزعماء العرب حول القمة العربية المزمع تنظيمها في دولة الجزائر في الفاتح والثاني من شهر نونبر القادم ، وبعد تأجيلها لأكثر من مرة بسبب عدة نقاط خلافية ، أخيرا تجد الصيغة الملائمة للاتفاق حول الصورة النهائية التي ستكون عليها إن شاء الله .
ومن أهم هذه النقاط الخلافية قضية عودة سوريا إلى الجامعة العربية ، الشيء الذي ظلت مجموعة من الدول ترفضه على الأقل في الوقت الراهن التي تختلف كليا مع الرئيس بشار الأسد حول الطريقة التي تم بها التعامل مع الشعب السوري في الربيع العربي بالقوة العسكرية التي ذهب ضحيتها ضحايا كُثُر من الشعب السوري ، وقد أعلنت سوريا أنها تقبل عدم حضورها في القمة العربية بسبب هذا الخلاف الكبير في سبيل أن يلتئم العرب ، وحتى لا تُؤجَّل مرة أخرى أو تُلغى ، على حد قولها.
أما النقطة الخلافية الثانية فكانت تتعلق بالقضية الأولى للملكة المغربية وهي الصحراء المغربية ، وقد حاولت الجزائر للأسف الشديد طرح حضور عصابة انفصاليي البوليساريو المسلحة ، وهو الأمر الذي لم يقبله المغرب ولن يقبله إطلاقا على مدى الدهر ، لأن الصحراء المغربية ليست مسألة حدود فقط ، بل هي مسألة وجود ، والقضية الوطنية للصحراء المغربية تجد دعماً غير مسبوق الآن من الدول العربية الشقيقة باستثناء الجزائر وتونس ، هذه الأخيرة التي كانت تدَّعي الحياد الإيجابي ، لكنها أعلنت وللأسف عن نفسها كدمية لدى كبرانات الجزائر الذين استغلوا الأزمة الاقتصادية التي تمر منها تونس ، فأسقطوها في المحظور ، وكان استقبال الرئيس التونسي مؤخرا للرخيص المزعوم لهذه الحركة المرتزقة في مؤتمر التعاون الياباني الإفريقي “ تيكاد “ الذي لا علاقة له بأي حركة انفصالية ، بل هو يقصد الدول الإفريقية في الاتحاد الإفريقي ، والمعترف بها لدى الأمم المتحدة ، وهو الأمر الذي يخالف ما قامت به تونس بتوصية من الجزائر التي دفعت “ رشوة “ بملايين الدولارات لتغيظ المغرب ، وتشوش عليه في قضيته الوطنية الأولى ، وهي تجهل الأخطاء الجسيمة التي سقطت فيها وأسقطت معها تونس في هذا المستنقع ، حيث تبرأت اليابان في بلاغ رسمي من توجيه أي دعوة إلى البوليساريو ، لكن المغرب سرعان ما انتصر في هذه القضية ، لتتراجع الجزائر عن هذا الطرح ، وقد قبلت على مضض أن لا يكون هناك أي طرح لقضية الصحراء المغربية أو التشويش على مشاعر المغاربة في هذا الشأن ، وإن كان ذلك لا يغير من واقع الحال شيئاً ، فالصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه ، ولا عزاء للحاقدين .
وقد أصدرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بياناً قالت فيه : “ إن السلطات الجزائرية قررت في إطار التحضير للقمة العربية المقبلة المقرر عقدها بالجزائر العاصمة في فاتح نونبر المقبل ، إيفاد عدد من المبعوثين إلى العواصم العربية ، حاملين دعوات إلى جميع قادة الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية .
وأضافت الوزارة ذاتها ، في بلاغ رسمي ، أنه سيتم إيفاد وزير العدل الجزائري إلى المغرب ، وفي هذا السياق سيتم استقباله بالمغرب، وفق بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ..
نرجو من الله عز وجل أن تنجح هذه القمة العربية ويلتئم الود العربي ، ويندمل الجرح العربي ، وكفى من التفرقة العربية ، كفى من دعم الحركات الانفصالية في كل مكان ، كفى من الإنفاق المالي والعسكري عليها مقابل تجويع الشعوب ، التي هي أولى بأموالها في مشاريع التنمية التي تضمن فرص العمل الكثيرة التي تمنح جيل الشباب العربي الكرامة والشهامة والعيش الكريم ..
دمتم بود ..