بقلم: سليم خليل
لقد مر ما يقارب من سبعون عاما على اختراع المايكروويف وانتشار مليارات منه في مطابخ المنازل والمطاعم وما تزال هناك صرخات من الكثيرين بأنه مسيء للصحة ويولٍد السرطانات! إنها قناعات غريبة عند الكثيرين مثل ما شهدت مدينة أوتاوا العاصمة الكندية وغيرها في كندا التي عانت طيلة ثلاث أسابيع من احتلال شوارع رئيسة في المدينة من سائقي الشاحنات المعترضين على الإجراءات الصحية على الحدود لمنع انتشار جائحة الكورونا وحاملين لافتات مطالبين بالحرية المفقودة في بلد الحرية .
المعروف عن اختراع المايكروويف أنه تم اكتشافه بالصدفة عندما كان الفيزيائي الباحث – برسي سبنسر- يجري تجارب على الموجات الصوتية والرادار وإذا بلوح من الشوكولاته في جيبه ينصهر ! من هنا توضًح أن لتلك الموجات مزايا مختلفة عما يبحث وانطلق في تطوير حادثة توليد الحرارة من الموجات الصوتية لتستعمل في المجالات المدنية . تأكد سبنسر أيضا أن الموجات تولد الحرارة بطريقة احتكاك الجزئيات مثل احتكاك الكفين للتدفئة .
الانطلاق في المجال المدني حدث عام ١٩٤٧ وأول جهاز أنجزه برسي سبنسر كان شكله هزليا، جهاز عامودي بحجم رَجُل، وطبخ سبنسر أول وجبة طعام في هذا الجهاز الذي تطور مع السنين ليصبح بشكله المعروف والمنتشر في مطابخ المنازل والمطاعم .من العقبات في هذا الاختراع كانت أن لا تتسرب الموجات الصوتية خارج باب الفرن المفروض أن يكون شفافا لمشاهدة ما يجري داخل الفرن ؛ خلال التجارب تسربت الموجات من الباب وكان الحل وضع شبكة معدنية ضمن زجاج الباب تمنع تسرب الموجات لتعمل مفعولها داخل الفرن فقط .
جوابا على المحتجين على استعمال المايكروويف نورد بعض أهم المنافع لهذا الجهاز الذي أصبح من الحاجات الضرورية في المنازل والصناعة والتجهيزات العسكرية .
نكتفي بالأمور المدنِية لأن الشئون العسكرية لها أهلها وأخصائيوها وأسرارها .
في الأفران العادية، غاز أو كهرباء يجري طبخ أو تسخين الطعام من الخارج إلى الداخل لذلك تبقي سيدة البيت مشغولة بمراقبة وتحريك الطعام حتى لا تحترق الطبقة الخارجية العليا أو السفلى .
في المايكروويف يجري التسخين من الداخل ومن الخارج معا ولا خوف على الطبقة الخارجية من الاحتراق ؛ تنظم سيدة البيت المدة المطلوبة في المايكروويف وتنصرف إلى عمل آخر . في أول فترة من استعمال الاختراع كان لا يوجد توازن في توزيع الموجات الحرارية لذلك جُهزت الأفران بحركة تدير صحن المايكروويف لموازنة توزيع الموجات ؛ كما أن الموجات تتجه إلى الطعام مباشرة ويبقى الهواء في الفرن باردا ، بعكس الأفران العادية حيث تنتشر الحرارة في كافة زوايا الفرن وعلى الطباخ أن يستعمل العوازل لحمل الأواني. بالإضافة إلى طهي الطعام يجري تعقيم الأغذية بشكل أفضل عند تعرضها إلى موجات المايكروويف التي تقتل كافة الجراثيم. في الأفران العادية تحتاج الأغذية إلى١٢٠ درجة ولمدة ثلاث دقائق لتقتل كافة الجراثيم ؛ بهذه الحرارة والمدة يمكن أن يتفتت الطعام ويصبح مخلوط ؛ أما التعقيم أو البسْترة في المايكروويف تجري مع عملية الطبخ .
أما تحضيرالبوشار،وجبة التسلية للأطفال وللبالغين،أصبح المايكروويف الجهاز الأمثل لتحضيرها لسرعة تفتق الحبوب بوقت قصير بعيدا عن خطر الحريق؛ وطبعا هناك معالجة خاصة لحبوب الذرة لاستعمالها في المايكروويف.
في مجال الطب جرت تجارب معالجة خلايا السرطان منذ السنين الأولى من اكتشاف الموجات وكانت النتائج رائعة بتدمير الأورام السرطانية؛ وانتشر أسلوب المعالجة هذا عالميا ويطيل هذا الإنجاز العلمي عمر ملايين المرضى . يقول الأطباء إن المعالجة لا تخلو من بعض الأعراض الجانبية مع بعض المرضى الذين يعانون من اشتراكات وهؤلاء يشكلون عددا صغيرا لن يسبب حجب المعالجة عن ملايين يستفيدون منها .
في مجال الفضاء تستعمل موجات المايكروويف في معالجة مواد خزفية تطلى بها المركبات لوقايتها من الحرارة عند اختراق المجال الجوي للأرض .
يعتبر المايكروويف من أعظم الاختراعات التي أفادت البشرية .