بقلم : ﭽاكلين جرجس
مما لا شك فيه أن الثقافة و كل أنواع الفنون تلعب دور هام و محورى لنهضة أى دولة و تقدمها ،و يأتى على رأس الفن بأعتباره “ أبو الفنون “ فهو مرآة تعكس هموم وقضايا الوطن ، حيث يجسد المسرح بفنانيه حال المجتمع و يكشف الغطاء عن بعض المشاكل الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية التى تنخر فى عظام الوطن و تؤرق المواطنين تأتيهم فى قالب كوميدى محبب للمتلقى بل و يقدم أيضًا حلولًا لمشاكله مما يزيد من نسبة وعى المواطن و طريقة تعامله مع مجريات الأمور،بالفعل يستحق “ أبو الفنون “ أن يستعيد مجده و نبدأ من جديد لنتخطى فترات الإخفاق ؛ نحتاج لتوجيهات الناقد الفنى للعمل المسرحى من خلال وجهة نظر متكاملة للعمل و ليس ناقد للنص المسرحى فقط ، إنتقاء الأعمال المسرحية الهادفة و الابتعاد عن فكرة الاسكتشات الموجودة حاليًا ، فالمسرح الحقيقى هو الذى يُنمى و يُثقف و ينشىء جيلًا واعيًا مبدعًا لكنه لا يخلوا من الفكاهة و الضحك الراقى الغير مبتذل .
فبالرغم من مرور الزمن و التغييرات الاجتماعية التى طرأت على الشعوب فى العصور الماضية ؛ يروادنا تساؤل مُلح ما الفرق بيننا و بين من سبقونا من درب التنوير و الحداثة فنحن لازلنا نحبو تجاه التنوير أما التنوير فى فرنسا على سبيل المثال جاء بعد موليير فيلسوف المسرح مباشرةً ؛ لذلك ألم يحين حتى الأن موعد إستعادة هيبة المسرح و الأعمال الثقافية و التنويرية لرفع المستوى المعرفى و الثقافى للمجتمع ؟ !
بالفعل أثمن انطلق مهرجان سمنود المسرحي بالغربية ، في دورته الـ (27)، خلال الشهر الجاري، والذى يُعد من أعرق المهرجانات الحرة والمستقلة في المسرح المصري، وفي إحدى أقاليم مصر، على مسرح مركز شباب سمنود بالغربية، شارك بالمهرجان 25 عرضًا مسرحيًا من مختلف محافظات مصر من الفرق الحرة والمستقلة، ومن المسرح الجامعي، من القاهرة، القليوبية، الجيزة، الغربية، الدقهلية، الشرقية، السويس، بورسعيد، كفر الشيخ، الإسماعيلية، الإسكندرية،البحيرة، ومن صعيد مصر من المنيا، والأقصر ، ينظم مهرجان «سمنود» هذا العام ورش تدريبية في مجالات مختلفة في المسرح منها: التأليف والتمثيل، والإخراج والسينواغرافيا .
معروف أن المهرجانات المسرحية مهمة جداً في تطوير الحراك المسرحي في أي بلد كان، حيث العروض والندوات والفسح النقدية والتثاقف وهي مما يدفع بالتجربة المسرحية نحو الأفضل، ولا ننسى أن المسرح بدأ بحالة مهرجانية طقوسية أيام الأغريق في المسرح العربي، ومنذ ظهر المسرح في وطننا العربي لم تكن المهرجانات هي الهم ولا الغاية في تقديم العرض المسرحي، بل كانت الغاية الأولى هو تقديم المسرح للجمهور، ولكن بعد أن ظهرت المهرجانات باتت هي الغاية وسحبت بساط الأهمية من تحت أقدام الجمهور الذي بات غريباً عن المسرح والمسرح غريباً عنه ما نحتاجه دائماً، أن نتوازن، أن نخلق تواصلاً مع الجمهور ولا نساهم في أن نفقد طرف معادلة الإبداع فلا نجد لاحقاً سوى أصدقائنا ووجوهنا المكررة هي من تتلقى المسرح، ويتجه الجمهور بكامله إلى أشكال تلقي أخرى، توفرها له الهواتف الذكية. نحتاج أن ندرس عميقاً مهرجاناتنا، ماذا قدمت وماذا أخذت، وما نحتاجه أن نخلق مواسمنا المسرحية بعيداً عن غاية المشاركة في المهرجانات، أن يكون الجمهور هو الغاية، أن تكون المتعة والحاجة للفن والمسرح هي الجدوى من الاشتغال المسرحي.
لذلك يعتبر أنعقاد مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، بالمجلس الأعلى للثقافة، ومناقشة جدول أعمال “ شبكة المهرجانات العربية “ هو الشكل الحديث للمسرح و الرابط الاساسى لفن المسرح و الثقافة بين الدول العربية خاصة وأنه يتيح تبادل الخبرات وحصر مواعيد المهرجانات والتنسيق بينها، وإنشاء قاعدة بيانات للمهرجانات والتى انطلقت من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 2016 في الدورة الـ 23 برئاسة الدكتور سامح مهران والتي صدر عنها إعلان القاهرة الأول بحضور عدد كبير من مديري المهرجانات المسرحية العربية كنتاج لمائدة مستديرة عقدها المهرجان بعنوان: “ دور المهرجانات المسرحية العربية في سياق التفاعل المسرحي مع العالم”. و هو ما يُعزّز التواصل البشري، فخلال حضور المسرحية يتشارك الإنسان هذه التجربة الفنية الفريدة مع الممثلين الذي يؤدون العرض، بالإضافة إلى الجمهور الذي يرافقه في المسرح الأمر الذي يغيب عن شاشات التلفزة يُحفّز المسرح الفرد على التفكير ورؤية الأمور من منظور آخر.
علينا تذليل العقبات و العمل على توفير الكوادر الفنية المتميزة والعمل على زيادة المخصصات المالية المتاحة للإنتاج الفني بالأقاليم و تجهيز المسارح بتجهيزات تكنولوجية فائقة التطور مثل laser beam أو multimedia projectors أو simulation أو Holograph أو أجهزة تعليق مناظر أو استخدام تقنيات متطورة في تصنيع المناظر والديكورات وغيره مما يجعل العرض المسرحي بمثابة حلم أسطوري يدفع الجماهير لترك منازلهم وشاشات التليفزيون لضمان أنتاج جيل شباب أصيل في الصناعة الثقافية .