بقلم: كلودين كرمة
للوحدة معانى كثيرة ومشاعر مختلفة ومواقف متعددة..الوحدة التى يتمناها الانسان ويسعى اليها تكون بغرض العزلة عن العالم الخارجى والبعد عن صراعات الحياة التى تفقد الانسان سلامه الداخلى فيتجه الى الانشغال بالعبادة سعيا فى طريقه لرضا ربه واهتمامه بالحياة الابدية.
وايضا يوجد من يخلو الى نفسه بعد يوم عمل شاق به الكثير من المشاكل فيجد من الوحدة لمدة ساعة او اثنين العلاج السريع حتى يصفى ذهنه ويرتب افكاره و يهدئ اعصابه حتى يتسنى له مجابهة يومه الجديد.
وهناك من يتخذ من السفر مخرجا من ضغوط الحياة فيجدد نشاطه ويستمتع بالحياة لفترة ولو قصيرة يستطيع بعدها العودة الى مضمار العمل دون تذمر.
ومن الطرق المتبعة لتخفيف الضغوط ايضا هى ممارسة الرياضة يوميا فهى وسيلة للتخلص من التوتر والغضب.
اما الجلوس لفترة لسماع الموسيقى او للقراء ة او الكتابة او الرسم او العزف فهذا ايضا مطلوب لهدوء الاعصاب والحماية من التوتر والضغط العصبى.
كل هذه الاشكال من الوحدة هى مقبولة وصحية وضرورية.
ولكن اخطر انواع الوحدة هى التى يشعر بها الانسان وهو فى وسط بيته مع احباءه او اصدقائه فهذه الوحدة قاسية جدا وقد تؤدى الى العديد من الامراض النفسية الخطيرة.
وهذا النوع الاخير يكون نوع من رفض الواقع ومحاولة الهروب منه والانفصال عن الاخرين اما لأسباب صحية او مادية او تعرضه لصدمة عنيفة حطمت رغبته فى التواصل والمشاركة.
مسكين وبائس من وصل الى هذه الحالة فهو لا يستطيع الانفصال عن الواقع ولا يقوي على مجابهته والتعايش مع المحيطين به.. وربما هذا يؤدى به الى نوع من انواع الخلل العقلى فلا يستطيع ان يتحكم فى انفعالاته وردود أفعاله نتيجة للضغط الذي يقع عليه.
ما اصعب ان يعيش الانسان حائر ،مكتوف الايدى وكأنه مسجون محكوم عليه بان يمضى فى حياة ويتبع خطوات يشعر فيها بالغربة مع انه يتمتع بكامل الحرية فى الاختيار وتغيير المسار …ولكن هناك مسئوليات وأولويات وهناك ايضا من يحبهم ولا يستطيع المضى قدما من دونهم..
تعيس هو الانسان الذى بالرغم من مكانته لايشعر بالكرامة وبالرغم من غناه لا يستمتع بما يمتلك وبالرغم من نفوذه يشعر بالضعف وبالرغم من ذكائه يشعر بالعجز فى تحقيق السعادة والأمان الذى يبتغيه.
فيا لقسوة الحياة والمجتمع والظروف التى تفقد الانسان متعة الحياة رغم روعتها وتفقده صدق المشاعر رغم الذين يحيطون به ..رفقا بنفسك ايها المخلوق الضعيف الذى لا تملك امر نفسك ولا تستطيع حتى ان تؤمن لنفسك يوم غدك ..لانه ليس لك ان لم يسمح به خالقك..هون على نفسك مما ترهقها به وتفقدها معنى الحياة.