بقلم: هيثم السباعي
قبل أن أبدأ بكتابة مقالة اليوم، أعود لأكرر رجائي للسيدات والساده القراء والذي أعلنته في المقاله السابقة ان يعتبروا ما أكتبه هو محاولة متواضعة لدراسة مجريات الأمور دون تحيز إلى أي جهة مهما ورد في المقالة. قد تكون بعض المعلومات التي سأوردها منقوصة أو مغلوطة تستوجب التصحيح. لذلك أعتذر عن ذلك سلفاً.
تحدثنا الأسبوع الماضي باختصار شديد عن الأوضاع الداخلية في سورية والتغيرات التي طرأت على تحالفات نظام الحكم داخلياً وإقليمياً ودولياً. سنتكلم اليوم عن الحراك الثوري وتطوراته والتدخلات الداخلية والإقليمية والخارجية، إذا سمح لنا المجال.
٤. الحراك الثوري، حوالي منتصف آذار/مارس ٢٠١١:
تعرضت سورية قبل ذلك التاريخ لعدة سنوات عجاف، كان الجفاف فيها قد عم البلاد كلها مادفع بأعداد هائلة من الفلاحين إلى ترك أراضيهم والهجرة إلى المدن المجاورة طلباً للقمة العيش. تفيد إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن نسبة الفقر في سورية قد بلغت ٣٦٪ في عام ٢٠١٠.
سورية لا تختلف عن باقي الدول العربية، إذ تشكل شريحة الشباب من عمر ٢٥ عاماً ومادون نسبة عالية جداً من أفراد الشعب، قد تصل إلى ٥٠٪، أيضاً حسب إحصائيات الأمم المتحده. من الطبيعي أن تنتشر البطالة بينهم بسبب تردي الأحوال الإقتصادية والجفاف.
رغم كل هذه الصعوبات المعيشية، بدأت الحكومة بتشديد قبضتها الأمنية والتدخل بتفاصيل حياة المواطن اليومية وترك الحبل على الغارب لأجهزة الأمن التي بدأت تصول وتجول بدون رادع أو رقيب وبدون وجود مبررات لذلك لعدم وجود أي خطر على النظام، داخلياً على الأقل.
قبل عدة أشهر بدأ ماسُمي بالربيع العربي في تونس وتبعته مصر بعد عدة أشهر أخرى وانتقل إلى سورية. نجح حراك تونس نسبياً وفشل حراك مصر من كثرة قادته وخلافاتهم الشخصية والحزبية، وعاد الجيش لاستلام مقاليد السلطة وإنقاذ البلاد من التدهور. أتكلم هنا عن النتائج لا التفاصيل.
انتقلت العدوى إلى سورية وبدأت المظاهرات العفوية تخرج في مختلف المدن مطالبة بالإصلاح والحريّة. واجهتها الحكومة من بدايتها بالقوة المفرطة. وكانت تلك كما سميتها عفوية ولا يمكن تسميتها ثوره لفقدانها ثلاثة عوامل مهمة لأي ثورة. العوامل الثلاثة التي أقصدها هي فقدان القيادة (عكس مصر) ولائحة المطالب والقوة اللازمة على الأرض للتفاوض وأقصد هنا الدعم الشعبي الكامل أو بأكثريته.
ظهرت الشرذمة منذ اليوم الأول للحراك وبعض قادة هذه الشراذم وضعوا سقفاً عالية للمطالب لا يمكن القبول بها وانتقلت مطالبها من الحرية والإصلاح إلى إسقاط النظام. حتى الحكومة كان عليها التفاوض مع عدة جهات لفقدان القيادة الموحدة. لهذة الأسباب وأسباب أخرى لم أكن متفائلاً وكما قال لي صديقي الأستاذ بالعلوم السياسية عندما كنا نناقش الوضع أنها – يقصد الثورة – ولدت ميتة.
أعتقد أنه يمكننا الآن أن نستنتج مما تقدم أن السبب الرئيسي لتلك التظاهرات كان إقتصادياً، ومعيشياً.
٤. التدخلات الداخلية:
بعد وقت قصير من بدء التظاهرات فوجئنا بظهور السفير الأميريكي روبرت فورد يرافقه السفير الفرنسي بين المتظاهرين في مدينة حماه يتحدثان إلى المتظاهرين ويشتركون معهم بالتظاهر. هذا الظهور يوحي لأي مبتدئ في السياسة على أنها رسالة للمتظاهرين تطالبهم بالإستمرار وتؤكد لهم أن الولايات المتحدة وفرنسا معكم.
٥. التدخلات الإقليمية:
كانت تركيا، بدعم قطري السباقة بالتدخل، عندما أوفد الرئيس رجب طيب أردوغان ثلاث مرات وزير خارجيته في ذلك الحين البروفسور أحمد داوود أوغلو صاحب نظرية لا أعداء في محيط تركيا. إعتقد الجميع، وأنا منهم، في ذلك الوقت أنه أرسل وزيرة ليقدم النصح للحكومة بالقيام ببعض الإصلاحات ليتبين لنا فيما بعد أن الإصلاح الذي يطلبه هو إشراك الإخوان المسلمين بالحكم. وهذا طلب ليس مرفوضاً من قبل النظام وحسب ولكن من قبل السواد الأعظم من الشعب السوري.
كانت دول الخليج، في بداية الحراك مؤيدة لموقف الحكومة السورية المتشدد من المتظاهرين لأنها كانت ولاتزال تخشى وصول مثل هذه التظاهرات إلى ديارها.إلا أن هذا الموقف تغير بعد حين، ربما بسبب الأوامر الخارجية، أوبسبب دخول الإسلاميين والإسلامويين في الحراك، علماً بأن السعودية أصلاً قامت على مبادئ الإسلام السياسي، وأعترف بانني أجهل الأسباب الحقيقية إذا كانت مختلفة عن ما ذكرت.
نستكمل التدخلات الإقليمية في الأسبوع القادم