بقلم: هيثم السباعي
نستكمل اليوم سلسلة هذه المقالات التي تحتاج لأكثر مما كتب بكثير لو أردنا الدخول بالتفاصيل اليومية، ولكنني فضلت التوقف هنا خوفاً من الملل من جهة والدخول بتفاصيل قد لا ترضي الكثير لأن الحقيقة مرة.
كما أن قيصر روسيا يريد استعادة أمجاد روسيا وتحقيق حلمها بالوصول إلى المياه الدافئة فإن سلطان تركيا يريد استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية ببسط نفوذها من جديد على المنطقة. كانت تركيا خلال الأزمة السورية ممراً للجهاديين الإسلاميين الذين جاءوا من كافة الدول الأوروبية وجمهوريات الإتحاد السوڤييتي السابقة. وتمكن الرئيس أردوغان بتحالفه مع روسيا وإيران من الحصول على موافقتهما لدخول جيشه إلى شمال سورية بحجة تفويت الفرصة على الأكراد الطامحين بتشكيل منطقة حكم ذاتي أو جمهورية مستقلة في شمال سورية تمتد من حدود إسكندرون غرباً إلى حدود كردستان العراق شرقاً، فسيطر من خلال ذلك على منطقة تمتد من عين العرب وتل أبيض وعفرين غرباً حتى منبج شرقاً. توقف هناك بسبب وجود القوات الأميريكية التي تحمي قوات سورية الديموقراطية (قسد) ذات الأغلبية الكرديه والتي تعتبرها تركيا إرهابية، ولكنه قطع الطريق على أي إمكانية لإتصال الأكراد الغربيين مع الشرقيين (چوهاڤا، كردستان الشرقية) الذين اتخذوا من مدينة القامشلي عاصمة لهم وسيطروا على مدينة الحسكة وبعدها على الرقة بمساعدة التحاف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميريكية.
دخلت القوات الأميريكية من العراق إلى المنطقة الشرقية التي تعرف بمحافظة دير الزُّور بحجة القضاء على تنظيم داعش الإرهابي وشكلت تحالفاً لهذا الغرض ضم بريطانيا وفرنسا والسعودية والإمارات العربية المتحده. قام هذا التحالف بدعم قسد جواً لطرد تنظيم داعش الإرهابي من عاصمته السورية في الرقه. وقد نحج في ذلك ولكن بعد أن ترك المدينة ركاماً وقتل آلاف المدنيين، وأقام قاعدة عسكرية جنوباً في التنف
في غفلة من الزمن أو من اللاعبين على الأرض، قامت إسرائيل بصمت بنقل السور الذي يفصل الأراضي السورية المحتلة في مرتفعات الجولان مسافة ٨٠٠ متراً في عمق الأراضي السورية منزوعة السلاح من المرتفعات نفسها. بهذا نرى أن سورية اليوم مقسمة بين الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران وإسرائيل.
دول الخليج وخاصة السعودية وقطر موجودة على الأرض من خلال المجموعات الإسلامية المختلفة التي تميزت أغلبها بالتطرف وقليل منها بالإعتدال أتوا من ٧٤ دولة مختلفة وفي تقارير أخرى من ٨٤ دوله.
شارك الروس في فترة من فترات القتال بمايقارب ٦٥ ألف جندي انسحب جزء منها قبل عدة أشهر، كما أن هناك عشرات آلاف الجنود التابعين للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني موزعين على كافة الأراضي السورية. أما الميليشيات المختلفة التي عبرت الحدود السورية من العراق والأردن ولبنان وتركيا فيقدر عددها بثمانين ألف مقاتل، منها قاتل إلى جانب النظام ومنها قاتل ضده.
توجد اليوم على الأراضي السورية ٤٦ قاعدة أجنبية موزعة على الشكل التالي تعداداً وموقعاً: ١. الولايات المتحدة الأميريكية: ١١ قاعدة في الرقة والحسكة وحلب وريف دمشق وعدد من الجنود يفوق الألفين. ٢. تركيا: ١٠ قواعد محصورة في المحافظتين المهمتين لها وهما حلب وإدلب. ٣. روسيا: ١٠ قواعد في ريف دمشق، وحمص، وحماه، وحلب، وطرطوس (قاعدة بحرية) واللاذقية. وأخيراً وليس آخراً، ٤. إيران: ١٥ قاعدة موزعة مابين دمشق، وريفها، وحمص، وحماه، وحلب والقنيطرة ودرعا في الجنوب.
٦. آفاق الحل: الحقيقة لا أرى حلاً قريباً ولا حتى في المستقبل القريب. الأسباب التي تدفعني لهذا الإعتقاد كثيرة منها المهم جداً ومنها الثانوي. يضاف إلى ذلك، وبرأيي الشخصي أن المشكله ليست مقتصرة على سورية وحدها ولذلك أود هنا أن أعمم موضوع الحل لسبب بسيط هو أن كافة الدول العربية بدون استثناء تعاني بشكل أو بآخر من نفس المشاكل التي تعاني منها سورية وبالتالي تشترك جميعها بالحاجة إلى نفس الحلول مع بعض التعديلات الطفيفة التي تتطلبها تفاصيل الخصائص المجتمعية في كل منها.
تمر البلاد العربية اليوم بنفس المراحل التي مرت بها الدول الأوروبيه قبل ثلاثة قرون. البلاد العربية اليوم تمر بصراعات طائفية ومذهبية وتكفيرية. عندما يلتقي عربيان أول سؤال يتبادر إلى ذهن كل منهما هو محاولة معرفة الطائفة أو المذهب الذي ينتمي إليه الآخر، مرحلة تجاوزها الأوربيون منذ أكثر من ١٥٠ عاماً.