بقلم: فرج ميخائيل
تبدأ المباراة يوم ولادتنا ولا تنتهى إلا مع نهايتنا….مجبرين على اللعب حتى لو لم نكن نعرف اصول اللعبة وقواعدها..ومطالبين بتحقيق الاهداف حتى لو لم ننل التدريب الكافى … وحذار من التعرقل او السقوط فقد تضيع الفرصة .. وإياك ان تعترض وإلا سوف تنال عقوبة الاستبعاد .. وإياك ان تتراخى وإلا ستكون محط سخرية..وان اخطأت سوف توضع رقبتك تحت المقصلة..اما اءا احرت هدفك بطريقة او بأخرى فهنيئا لك بالمكسب والتكريم والشهرة فقد نلت الثقة وتسعد بالمكافأة و يصبح اسمك رنان ويتهافت المعجبون على ملاحقتك وتتصدر صورك وإخبارك صفحات الجرائد وتصبح مثلا يحتذى به..سواء ان كنت حققت الفوز صدفة او عن جدارة وسواء ان كنت لجأت الى الحيلة او كان هدفا نظيفا …الذى يهم هو ما سجلته الارقام وما تحقق من فوز امام اعين الجميع… وما بين مؤيد ومعارض تختلف الاراء ويختلف معها مستوى التقييم لتكنيك اللعب ومستوى التدريب..
وبعد كل مبارة نحرص على الاستماع لتعليق من هم يعرفون اصول اللعبة .. وهذا التعليق يبرأ او يدين وتبنى علي اساسه الاراء النهائية بعد الفحص والتمحيص و التدقيق فى تفاصيل المباراة واعادة المشاهد و مناقشة اسباب النصر او الهزيمة ووضع اضعف الركالات تحت المجهر لاثبات صحة ما نريد اثباته. او لنفى ما نريد نفيه.. مع انها نفس المعطيات ولكنها ذو حدين..وان سقط احد اللاعبين اثناء المباراه فإن رجال الاسعاف ييدون دورهم فى الفحص الاولى والعلاج فان زال الالم فإنه يكمل معه لتحقيق الاهداف المنشودة اما ان كانت اصابته بالغة فإنه يبتعد ويحل محله اخر بطل قادرا على المواصلة والتواصل مع باقى الفريق.
فلنتأمل معا .. الم تشبه حياتنا هذا الترتيب اننا نواجه الكثير من المشاكل ونمر بكثير من المواقف ونتعامل معها من وجهة نظرنا ونتعرض “للتعليق” اعنى التأييد او المعارضة من جهة “ المشاهدين والحكام “ونجد من يساندنا فى طريق الحياة ولكننا نجد للاسف من يعترضنا ويحول دون نيل امانينا اكثر فى العدد واشد فى القوة ممن يؤيدوننا ومكرهم يفوق قوتهم و يستخدمون دهائهم فى تشويه الصورة وزرع الشك وعرقلة المسيرة بإختلاق المشاكل؛ فهذه نوعية من البشر تكون بمثابة الآفات التى تدمر غيرها حتى تنمو وتترعرع على سرقة الامال و احباط العزم والهمم.. بدلا من ان تهتم لامر نفسها وبناء مستقبلها.. فانها شخصيات مريضة تسعد لحزن الاخرين وتهنأ بشقائهم..وتحقد على الناجحين وذلك لان تفوقهم يظهر الفشل ونقائهم يظهر سواد نياتهم وتقدهم يظهر تخلف افكارهم العقيمة.
و احيانا كثيرة يكون من يعترضنا هو من نظنه اقرب الناس الينا
ولذلك يظل هو العدو الخفى الذى ينحر و يفسد دون ان نعى مقاصده إلا بعد ما يصيبنا منه الاذى المباشر لان ثقتنا به وحبنا له تحجب الحقيقة عن اعيننا ونستمر فى التماس الاعذار له لرفضنا فكرة ان يكون هذا الونيس هو من يدمر حياتنا…
ولكن الحياة لا تتوقف وتتوالى الاحداث ،المفرح منها والمزعج.. ولكننا نستمر فى المقاومة بكل ما اوتينا به من مقومات حتى ننهى ما بدأناه بصورة مشرفة تستحق التقدير ..
ولكننا لن نتوقف عند هذا الحد فقط من الحياة الشخصية .. ولكن على المستوى العام و فى مختلف المجالات وعلى نطاق اوسع واشمل وهو “الوطن”…فكثيرون هم ضحاياه وشهدائه.. ولكن السؤال هنا هل حبنا لوطننا وبسالة جنودنا والاستماتة فى الدفاع عنه تقع تحت هذا التقييم نفسه !؟ هل هذه الاعمال البطولية تتحول بمنتهى البساطة الى مبارة كرة قدم!!؟ بمعنى اخر هل يمكننا ان ننزل الى الميدان دون تدريب كاف واستعدادات واكتساب المهارات …بل دون تقدير كاف لقوة العدو او ان نكون على دراية بما لديه من اسلحة و حتى نحتسب لأنفسنا من احتمالات الخيانة ..؟ هل عندما يغدر بأبطالنا و يسقط ضحايانا
يكون هذا مجرد خبر فى الصحف او موضوع مناقشة على شاشات التلفاز او مجرد تعليقات على الانترنت.. هل اعتدنا على مثل هذه الاحداث لدرجة انها اصبحت لا تؤثر فى المجتمع ؟ هل من العادى والطبيعى ان يستشهد كل يوم خير شبابنا وأولاد امتنا على يد قطاع الطرق والإرهابيين والخارجين عن القانون؟؟ ان الشرطة والجيش هم درع بلادنا وبدونهم نكون فريسة سهلة لأتفه الأعداء فلماذا فى بعض الاحيان لا نتوخى الحذر ونعد العتاد والعدة ونهجم بقوة تباغت المجرمين وتشل حركاتهم..ومن المسئول عن سؤ التقدير و التخطيط…من المسئول عن خراب الديار و الحزن الذى يعصر القلوب ، من المسئول عن ضحكات الاستهزاء عند انتصار شرذمة من الـ “لا شئ” نعم انى استعفى ان اطلق عليهم اى لقب أخر..فإنهم بالفعل لا يستحقون حتى وصفهم بالأعداء.. لكنهم خائنين.. لانهم من المفترض انهم يأكلون من خير اراضنا ويشربون من نيلنا ثم يقتلون اولادنا…فأى منطق هذا ..والى متى يمكننا ان نحتمل خبر الانفجارات ونعد الضحايا ثم .. ثم نقوم نأكل ونشرب و نتجاذب اطراف الحديث الحزين ..الى متى نشعر بالقهر والظلم ونشعر اننا مهددون بالتعذيب والقتل فى اى مكان وفى اى وقت.. الى متى يا من يطلق عليهم رؤساء الدول وحكامهم يا من تمولون الارهاب ..انكم مثل الافات التى تتغذى على دماء المسالمين .. تبدون اقوياء ولكن بدون اسلحتكم فانتم لا شئ..- انتم يا من تدعون حماية حقوق الانسان – بدلا من أن تستغلوا امكانياتكم وتستثمروا اموالكم وتسخروا تقدمكم العلم والتكنولوجيا لخير الانسانية و اسعادها ، وبدلا من نشر مبادئ التعاون وفكر السلام تحولون جنتنا الى جحيم فقط من اجل تحقيق مطامعكم وتحسبون اننا لا نعى ولانفهم اهدافكم .
ولكنكم فى يوما ستجنون نتيجة ما تزرعونه الان فى بلادنا وسيكون حالكم اسوأ حالاً منا وستمتلئ اراضيكم بنفس البذار التى سيصعب عليكم فيما بعد اقتلاعها…فمن ثمرة ايديكم تأكلون..
اما نحن فلن ينحى لنا جبين على مر العصور وان سقطنا ننهض فى قوة وشموخ…ولكن مع هذا كله لا ننسي ان نعزى انفسنا فى احبابنا وابطالنا الذين يروون بدمائهم الشريفة الغالية نبت الشهامة والشجاعة والبسالة والتضحية .. فهنيئا لنا لان رجالنا الشرفاء لا يهابون الاعداء ولا يخشون الموت ولا يتوارون فى وقت الشدة والضيق فهم كالاسود لا يقبلون العيش الا بكرامة وعزة نفس ولا يدَّعون العظمة والشموخ فهم بالطبع اهل لها.