بقلم: درويش صباغ
لعلنا جميعا لم نفاجئ بنتيجة تلك الإنتخابات الرئاسية التي جرت في دولة السودان العربية الشقيقة قبل فترة قصيرة من الزمن ، والتي فاز بها البشير مرة أخرى تلو المرة الرابعة بنسبة وصلت إلي 94% من أصوات الناخبين ، بينما كانت النتيجة لمنافسه على كرسي الرئاسة حوالي 1.5 % من اصوات الناخبين فقط لا غير ، وبهذه النتيجة الحتمية أكد السودان أنه بلد عربي بحق ، فهو بهذه النسبة ينتسب إلي الدول العربية الأخرى التي تجري فيها إنتخابات رئاسية بين حين وآخر ، وتكاد نتيجة الإنتخابات أن تكون متقاربة وكأنها بقدرة قادر تسيطر على أحسلس الناخب في مجمل تلك الدول وتدفعه لأن يحسم النتيجة بتلك النسبة المتشابهة والمتقاربة وذلك طبعاً لأن نبض العروبة يجري في شرايين كل الناخبين العرب الذين ينتخبون أو لا ينتخبون فالنتيجة سوف تكون واحدة ومتساوية ولا بأس من فروقات قليلة بين إنتخابات وأخرى ، فالأمور لا تخلو من أن أحد الناخبين لم يذهب إلي صناديق الأقتراع أو أن ناخبا آخر أدلى بأكثر من صوت ، فالأمور محسومة سلفا ، ورؤساء جمهورياتنا أصبحوا ملوكاً وإن كان ذلك يجري عن طريق الاقتراع الذي نمارسه برفاهية وبتقنية وبشفافية يقال إنها عنوان كل تلك الاستفتاءات ذلك أننا تخطينا مرحلة الإنتخابات التي تمارس طقوسها عند إنتخاب الرئيس للمرة الأولى ، ثم بعد ذلك تبدأ مرحلة الأستفتاءات حول أستمرار ذلك الزعيم في سدة الحكم لفترة زمنية جديدة ! إنتخابات السودان أظهرت الوجه الحقيقي للسودان ولزعيمه بأنتسابه وبقوة إلي مجموعة القبائل والعشائر العربية التي لا تعترف إلا بذاتها ولا ترى في المرآة إلا نفسها وهي تمارس الغزو والسطو والقهر ضمن منظومة من التبريرات التي تعطي لنفسها الحق في كل شئ وتلغي الآخر رغم كل شئ . البشير والحاشية التي ترافقه وتحيط به وتحميه من كل شئ قد يقترب منه وهي تحافظ عليه حفاظاً على مصالحها وعلى مواقعها التي وصلت إليها هذه المنظومة وكلها صورة طبق الأصل عن جمهوريات عربية أخرى ، وهو ليس بعيداً عن ذلك الأحساس الذي ينتابه وهو يرى شعبه يكاد يذوب حبّاً به وهياماً بكل ابداعاته من أفقار السودان إلي الحروب الأهلية داخل حدود الوطن ، إلي التهليل والترحيب باستقلال جزء من السودان عن الوطن الأم . السودان ليس غريباً عن دول عربية أخرى مورست وتمارس بها نفس العقلية ونفس الأسلوب بالحكم وإن كان البشير قد تميز عن باقي حكام الجمهوريات العربية الأخرى برقصه بعصاه وهي قفزة نوعية لم يمارسها اي من رؤوسائنا العرب حتى هذه اللحظة . طبعا لكل دولة ظروفها ولكل رئيس رؤيته لواقع دولته ولن نستطيع الجدال في ذلك! استفتاء السودان كما هي كل استفتاءات جمهوريات العرب هي الانحياز الكامل لعشائر داحش والغبراء في جاهلية ما قبل الإسلام ، والآن هي النصرة وداعش وتوابعهما وما قد يستجد من أمور جديدة على الساحة العربية التي تتراجع يومياً بمستوى تفكير حكامها وقضاياهم الخاصة التي طغت على القضايا العامة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله !