بقلم: خالد بنيصغي
قطع المغرب أشواطاً عملاقة في تجويد الرياضة وخاصة كرة القدم ، وقد شهدت البلاد تقدماً كبيرا سواء على مستوى البُنَى التحتية ، أو على مستوى تحقيق نتائج قيِّمة على مستوى المنتخبات أو الفرق الوطنية في مشاركاتها القارية، ونذكر على سبيل المثال في السنوات الأخيرة تأهل المنتخب المغربي لكأس العالم روسيا 2018 ، وفوز المنتخب المغربي المحلي لبطولة إفريقيا خلال الدورتين السابقتين ، وفوز الوداد البيضاوي بعصبة الأبطال الإفريقية ، وفوز الرجاء البيضاوي بكأس الكنفدرالية الإفريقية ثم كأس السوبر الإفريقي ، وأيضا فوز نهضة بركان المغربي بكأس الكنفدرالية الإفريقية ، ناهيك عن تواجد الفرق المغربية في هذه السنوات الأخيرة في الأدوار المتقدمة لهذه البطولات ( نصف النهاية ) ، ولهذا أرى لزاماً علي أن أعلن منذ البداية أنني من كبار عشاق كرة القدم المغربية ، أفرح بإنجازاتها ونجاحاتها ، وأحزن لنكساتها ونتائجها السلبية ..
ومن غريب الصُّدف أن يجتمع لديك عشق الشيء والخوف من عدم إحقاق الحق ، أن يجتمع لديك حب كرة القدم، وفي نفس الوقت ترى أن ممارستها بالشكل الحالي في بلدك يأتي على حساب الفئة المقهورة من الشعب الذين
لا يجدون السبيل إلى لقمة العيش، لذلك نرى من واجبنا التنبيه إلى الأخطاء التي تنتهجها بعض منابر الإعلام المغربي ، ونخص بالذكر هنا الإخوة الإعلاميين براديو “ مارس “ الذين يملكون من الكفاءات ما يكفي ليجعلهم في القمة ، لكن وكما يقال “ لكل فارس كبوة ، ولكل صارم نبوة “ ، في ظل الأزمة المالية التي تعيشها الأندية المغربية الممارسة في البطولة الاحترافية الأولى والثانية تتعالى الأصوات براديو “ مارس “ لمطالبة رؤساء المجالس البلدية بالمدن المغربية بالدعم الكامل للفرق الرياضية وخاصة كرة القدم .. بل هناك إجماع من الزملاء الصحافيين والمحللين والضيوف بأن ترفع العمالات والمجالس البلدية من ميزانية الفرق حتى تخرج من أزماتها وتستطيع استخلاص أجور اللاعبين ومنحة التوقيع ومنح المباريات ؟؟
إننا نسأل أصدقاءنا في راديو “ مارس “ بكثير من الدهشة والاستغراب إن كانت كرة القدم هي الهم الوحيد للسادة عمال صاحب الجلالة ورؤساء المجالس البلدية ؟؟ أو بلغة أخرى هل يقوم مثلا رؤساء المجالس البلدية بدعم كرة القدم فقط حتى نكون في غاية الفرح والسرور ؟؟ هل يجب فعلا أن نتغاضى ونتغافل عن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى والتي هي أيضا من واجبات العمال ورؤساء المجالس البلدية ؟؟
إنه لمن سَرَفِ القول والعمل أن نهتم فقط بتطوير كرة القدم على حساب لقمة عيش الفقير الكادح المقهور الذي يعاني الجوع والبرد القارس في المغرب العميق، وننفق من المال العام على مجالات تحقيق الفرجة والترفيه والمتعة ، على حساب تجويع المحتاج والمسكين ، وقهر كرامة الشباب الحاصل على الشهادات العليا بالعطالة والبطالة ، فبدل أن نرفع من ميزانية هذه الفرق يجب أن نرفع من هِمَّة المواطن المغربي وصون كرامته ، يجب أن نتقي الله في أنفسنا وفي الآخرين ، فاليوم نحن فوق الأرض وغدا سنكون تحتها ، يقول الله عز وجل “ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا “ .
نحن ورغم عشقنا لكرة القدم نريد أن تسير الأمور بالتساوي في دولة الحق والقانون ، دون أن ننسى فقراءنا ، ودون أن نمس كرامة المغربي في دينه وعِرضه وماله ، ولهذا نرى من وجهة نظرنا أن يخفف إخواننا الإعلاميون الضغط على الجهات المسؤولة في قطاعات الحياة العامة للمغربي والتي لا يجوز حصر ميزانيتها فقط في الرياضة أو كرة القدم بصفة خاصة ، بل يجب تدبير ميزانيتها من الجهاز الوصي على القطاع ، فهناك منحة جامعة كرة القدم والإشهار والنقل التلفزي وغيرها كثير ، كما أننا نقترح أن يكون هناك ميثاق شرف موقع من رؤساء ال 32 فريق في البطولة الاحترافية بقسميْها الأول والثاني بتحديد سقف الأجور لدى اللاعبين ومنح الفوز في المباريات ومنح التوقيع وغيرها ، وحتى تحديد القيمة المالية لشراء عقود اللاعبين بأثمنة مناسبة ومعقولة ، لأن هذه المصاريف بهذه الطريقة تثقل كاهل الفرق الوطنية لأنه مُبالغ فيها ، ونحن هنا إذ نقول بهذا البديل فليس لأننا لا نريد للمتدخلين في كرة القدم من لاعبين ومدربين وغيرهم ، أن تكون مداخيلهم مرتفعة ، أبدا إننا لا نقول بهذا ، فالله هو الرزاق ذو القوة المتين سبحانه ، ولكن عندما يكون الأمر على حساب المال العام للفقير المغربي ليذهب من أجل المزيد من “ تجويد الرياضة وكرة القدم “ فهذا سيظل بصمة عار في جبين المسؤولين عن المال العام للدولة ، في حين أن ما نراه اليوم من مداخيل الممارسين للعبة كرة القدم فهي مداخيل محترمة وحافظة لكرامتهم ، فيما كلنا نعلم علم اليقين أن ميزانية الجماعات لا تكفي لكل القطاعات ، فما بالك بالمطالبة بالرفع من ميزانية الفرق الوطنية إلى الضِّعف ؟؟ لذلك يجب أن نترك المسؤولين في العمالات والمجالس البلدية في تدبير الشأن المحلي بما تراه عادلا ومناسبا لكل المجالات والقطاعات الضرورية .. وما حققناه حتى اليوم في مجال كرة القدم فهو في مستوى كبير والحمد لله مع متمنياتنا بالمزيد من التقدم والازدهار دون أن ننسى ميزانية فقرائنا ومحتاجينا ، ودمتم بود