بقلم : ﭽاكلين جرجس
مصر كانت فى كثير من الأزمنة رمزًا للهروب من الضيقة ، فقد هرب إبراهيم من ضيقتة إستبقاء لحياته من المجاعة وإلتجأ إلى مصر ، كما إلتجأ إليها يعقوب وبنوه طلبًا للنجاة وهربًا من الجوع فى أرضهم ، كما أن يربعام أتى إلى مصر طالبًا النجاة من وجه سليمان الذي أمر بقتله… . وهكذا صارت مصر رمزًا لطوق النجاة، وملجأ للهروب من وجه الشر من قديم الأزل و حتى الأن .. و عندما جاءت العائلة المقدسة إلى مصر احتمت في حضنها وباركت أرضها، وأن الخير حل بمصر فى تلك الفترة وأصبح شهر بشنس هو أكثر شهور السنة بركة؛ لذا تحتفل الكنيسة القبطية في اليوم الرابع والعشرين منه والذي يوافق 1 يونيه من كل عام بذكري دخول العائلة المقدسة إلى مصر.
و تخليدًا لذكرى أقدم سائح فى العالم اعطى الرئيس السيسى توجيهاته ببدء العمل لإحياء المسار و بالفعل تسعى الحكومة المصرية لتذليل جميع العقبات أمام هذا المشروع الضخم ، الذى سوف يؤدى إلى إثراء منتج السياحة الدينية فى مصر ، باعتباره محورًا عمرانيًا تنمويًا والذى يضم نحو 25 نقطة تمتد لمسافة 3500 ذهابا وعودة من سيناء حتى أسيوط ؛خاصة أن الجمهور المستهدف يقارب 2.1 مليار مسيحى كاثوليكى مما سيكون له عظيم الأثر على الاقتصاد القومى للبلاد و انتعاش لحركة السياحة إذا ما تم الربط بين نقاط المسار و المعالم السياحية الأخرى التى تتميز بها مصر و تنتشر حول اراضيها ؛ كما يمكننا التنسيق بين مصر و القدس و الأردن لربط مسار العائلة المقدسة بهم وتسويقها عالمياً .
المشروع يحتاج لتلافى بعض النقاط السلبية و الاهتمام ببعض الافكار الخلاقة التى تساهم فى سرعة بدء الرحلات و استمرار نجاح المشروع ؛ فمازلنا نعانى من عدم الالتزام بالمواعيد المحددة للانتهاء من المشروع ، يحتاج المشروع لتوافر عدد كبير للمراكز صحية بنقاط المسار لعالج كبار السن و حالات الطوارئ، و توافر خدمات الإسعاف الطائر بالمناطق النائية ، الاتفاق مع هيئات المجتمع المدنى بتزويد المناطق باستراحات و كافتيريات سياحية لخدمة الزوار و هذه المشروعات سيكون لها مردودها الاقتصادى و ستساهم بتوفير فرص عمل لشباب المحافظات المجاورة ،تزويد الطرق بالعلامات الإرشادية توضح مسار رحلة العائلة في مصر دعم نقاط المسار بوحدات أمنية مسلحة تجنبًا من وقوع أى هجمات من أعداء الوطن على السياح،الاتفاق مع غرف السياحة و الشركات لإنشاء عدد من الفنادق على أعلى مستوى تهدف لراحة الزائرين و عمل عروض بالصوت و الضوء فى أهم المحطات التى مرت بها العائلة ،و وضع خطة دعاية وإعلانات متخصصة في المجال مثل إنشاء صفحات و فيديوهات دعائية فى الفضاء الإلكترونى لتعريف السائحين بالمسار وأبرز محطاته خاصة وأن التسويق الالكتروني هو الحل الأوفر مادياً و الأكثر انتشارًا، تصميم وطباعة بروشورات خاصة بالعائلة المقدسة،زيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة والرحلات الشارتر التي تسهل الوصول لنقطة بدء الرحلة ،إعداد المرشدين المدربين لشرح هذه النقاط السياحية بدقة ومن ناحية أخرى التنسيق مع الاديرة لتسهيل الزيارات، تزويد الطرق بمسارات تناسب زوى الاحتياجات الخاصة ، و علامات استرشادية و مرشدين يجيدون لغة حوار الصم و البكم ، طباعة ملخص عند خط سير الرحلة بطريقة برايل للتسهيل على المكفوفين محاكاة و تخيل الأماكن التى زارها السيد المسيح و العائلة المقدسة ؛فى الحقيقة تحمل الرحلة في طياتها دلالات ومعان حضارية وتاريخية وثقافية؛ بل تحمل أيضاً مفاهيم إنسانية راقية و هو ما يجب علينا التركيز عليه أثناء الإعداد لهذه الرحلة ؛ فهى تراثاً إنسانياً عظيماً لكل الإنسانية.
وروعة هذا الحدث التاريخي والتراثي أنه في مصر أى فى قلب العالم فهو يمثل جزءاً من الهوية المصرية متلامساً مع البعد التاريخي، لذلك نعيش الأن فترة انتظار لهذا الحدث الجلل نتمنى أن لا تطول كثيرًا كما نأمل أن يكون حفل افتتاحه بنفس روعة حفل افتتاح طريق الكباش أو احتفالية نقل المومياوات ؛فمصر هي أرض التعايش والضيافة، أرض اللقاء والتاريخ والحضارة والسلام، وهي الأرض المباركة عبر العصور.