بقلم: خالد بنيصغي
أصبح هناك شبه إجماع على أن المغرب يقود قاطرة إفريقيا في تطوير كرة القدم ، وقد خطَا خطوات عملاقة في مجال تهييء البنية التحتية بصفات عالمية ، وبذلك أصبح وبشهادة الجميع بمثابة القائد الجديد الذي يسير بإفريقيا نحو تحقيق أحلام القارة السمراء في تغيير ملامحها القاتمة إلى ملامح الطموح والأمل في تحقيق الأفضل، لكن هناك إسراف وتبذير في ذلك، صحيح أننا نحب الرياضة وخاصة كرة القدم ، لكن ليس إلى حد أن تُهضم حقوق المغاربة، بسبب المبالغة في الإنفاق من المال العام ما يُضَيِّع حقوق الناس الفقراء ، فالأمر يختلف تماماً عندما يتعلق الأمر بفتح العديد من الأوراش بهدف تطوير بعض الأنواع الرياضية في بعض الفئات ، ولو على حساب الإسراف والتبذير من المال العام ، والأمر هنا يتعلق بالضبط بتطوير كرة القدم النسوية ، أو حتى عند الذكور ، فالإسراف في المال العام الذي تضيع معه مصالح الناس مرفوض بصفة قطعية كيفما كان مجاله .
ففي الوقت الذي تُعاني فيه فئات كثيرة من المجتمع المغربي من الفقر المدقع والتهميش ، أبت جامعة كرة القدم إلاَّ أن تنفق من المال العام يميناً وشمالاً من أجل أن تُحَقِّقَ كرة القدم النسوية قفزة نوعية حسب ما سطرته من أهداف ، وهكذا بدأت بتخصيص ميزانية ضخمة جدا ، في حين أننا وحسب رأينا المتواضع لا حاجة لنا بذلك ، نقول هذا من باب أنه وبالرغم من أن كرة القدم أكثر الرياضات شعبية في العالم ، فهي بذلك للرجال ، أما كرة القدم النسوية فلا تصل إلى ذلك الشغف مثل نظيرتها من الذكور ، حتى لو تعلق الأمر بكأس العالم للنساء ، لذلك كان كافيا ما تنفقه الجامعة المغربية لتطوير كرة القدم للفرق والمنتخبات المغربية للرجال، وإن كان كل ما يُنفَق حتى الآن لم يَفِ بالغرض المنشود ( لا تزال خزانة المنتخب المغربي تحتفظ بالكأس الإفريقية الوحيدة للأمم منذ سنة 1976 ) والسؤال المطروح بشدة هو: كم سننفق من المال والوقت من أجل أن نحقق تتويجاً للنساء المغربيات ؟؟ وحتى حين تحقيقه فالفرحة به لا تعدو تبرح مكانها لثواني أو دقائق معدودة للمحبين .
إن ما تقوم به جامعة كرة القدم من إنفاق هذا المال العام لَجديرٌ بأن يُنفق على الفقراء خاصة في ظل هذا الإغلاق الكلي في شهر رمضان الفضيل بعد الثامنة مساء للقطاعات التي تشتغل ليلا ؟؟ فكيف لنا أن ننفق كل هذا المال بتخصيص أجرة شهرية لكل لاعبة في البطولة الاحترافية تصل إلى 3500 درهم مغربي ، وهو المبلغ الذي يمكنه أن يرضي ثلاث أسر فقيرة في المغرب ، وهو المبلغ الذي يمكنه أن يحيي نفوس المعطلين أصحاب الشهادات العليا ، حتى تشعر حقا بأنها تعيش في وطن حر يحترم مواطنيه ، ويعطف على فقرائه ، وقس على ذلك كم من أسرة فقيرة ستستفيد وستسعد بمثل هذه القرارات الصائبة ، أضف إلى ذلك المنح التي تمنحها الجامعة للفرق المغربية لكرة القدم النسوية ، والتجهيزات اللوجيستيكية التي تتطلبها البطولة الاحترافية ، إضافة إلى التنقلات والفندقة ومصاريف الحكام والمندوبين وغير ذلك .
والجدير بالذكر أن هناك العديد من الدول العربية وغير العربية ليس بها منتخبات نسوية ، ولم ينقص ذلك من قيمتها أو وزنها في الرياضة وكرة القدم ، فاحترام المرأة والاهتمام بها وتقدير مكانتها في المجتمع ، لا يأتي بالضرورة من الدفع بها إلى مثل هذه الميادين التي لا تليق بأنوثتها كامرأة مسلمة، قد أمرها الله عز وجل بالستر لابالتعري ، إنصاف المرأة المغربية المسلمة بفطرتها يأتي بإكرامها ماديا ومعنويا من دون أن تدفع أي مقابل يخدش حياءها وحشمتها ، فإذا كانت الدولة تريد الاعتناء حقّاً بالمرأة المغربية ولو بتخصيص هذه الأجرة الشهرية فلا مانع في ذلك ، فالمرأة المغربية تبقى في الأول والأخير هي الأم والبنت والأخت والزوجة … لكن ليكن هناك اهتمام بالفقراء ولتخصص لهم من ميزانية الدولة مثيل الذي تخصصه لأي مواطن مغربي كيفما كان وضعه وظرفه ..
إن العدل هو الأساس ، قال الله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ « ولا يصح إلاالصحيح .. دمتم بود