بقلم: خالد بنيصغي
أعتقد بأن الكل يتفق أن فيروس “ كورونا “ قد قلب موازين الحياة ، والحال أننا نعيش حالة الطوارئ إلى حين أن تعود الحياة بعد أن تغادر “ كورونا “ عالمنا إلى الأبد بإذن الله ، لكن وللأسف هناك من الناس من يعاند ويرفض قرارات الدولة فقط من أجل العناد ، لأنه ببساطة ليس خوفاً من الموت ، ولا خوفاً من نتائج اللقاح ضد “ كورونا “ ، فقط لأنها فرصة أخرى لإبراز العضلات ضد الوطن .
ما إن قررت وزارة العدل اعتماد جواز السفر لولوج المحاكم ، حتى أقامت هيئة المحامين الدنيا ولم تقعدها ، وبدأ شد الحبل بينها وبين الدولة ممثلة في وزارة العدل ، والقرار هو قرار الدولة المغربية ذات السيادة ، لكن الغريب في الأمر هو أن يقوم المحامون بالتظاهر بالمئات من أجل رفض جواز التلقيح مع العلم أن 80 في المئة منهم ملقحين بالجرعة الأولى والثانية ؟؟ومادام أن أغلب المحامين بهذا الوضع فلماذا هذا العناد ؟؟ ولماذا يجب دائما أن نقف ضد قرارات الدولة بالرغم من أنها لا تضر الأغلبية ؟؟ فما المانع أن أُظْهِرَ جواز التلقيح قبل الولوج إلى المحاكم ؟؟ لماذا أرفض ذلك وجواز التلقيح معي ؟؟ وما الذي يجعلني أتضامن مع أقلية من زملائي وهي – أصلا – عبرت عن رأي مخالف لرأيي باختيارها عدم التلقيح ؟؟
إننا نستطيع أن نجيب عن هذه التساؤلات بكل سهولة ، فالأمر واضح وضوح الشمس في الظهيرة ، الأمر يتعلق بهذا العدد الهائل من الأحزاب المغربية ( 38 حزب ) فمن الطبيعي جدّاً أن يشَرِّقَ البعض فيما يُغرِّبُ البعض الآخر ، ومن الطبيعي أيضا أن نجد في كل قرار من سيغرد خارج السرب ، ولكن البيت الذي يُبْنى على أذواق عِدّة ليس له سقف ، لذلك فكيفما كان شكل الحكومة التي اختارها الشعب ، فستعيش العناد والضد من كل الأطراف المعارضة التي لم تنجح في الانتخابات التشريعية ، وللأسف ستحاربها هذه المعارضة من داخل قبة البرلمان ، وكذلك من خارجه وهذا الأمر أخطر من الأول . ولذلك لن يستقيم الوطن إلا بتقليص عدد الأحزاب بشكل كبير ، فنحن لا نحتاج إلا لثلاث أو أربع أحزاب على أكبر تقدير . وكفى من إرضاء الخواطر الذي هو سبب رئيسي في تناسل هذه الأحزاب كلها دون تقديم أي منفعة للوطن ، بل إنها تضره أكثر مما تنفعه .
نحن ندرك تمام الإدراك أن هيئة المحامين ستجيب بالقانون والدستور المغربيين ، وسيقولون إن المطالبة بجواز التلقيح مُخالف للقانون لأنه ينص على أنه اختياري وليس إجبارياً ، لكن في المقابل الدولة ترى أننا نعيش حالة الطوارئ مع “ كورونا “ فكيف نفكر بأن الدولة تريد أن تضر بمواطنيها ؟؟ ثم إن المغرب حتى الآن وصل إلى نسبة 66 في المئة تقريبا بتلقيح ما يقارب 25 مليون مغربي ولم يتبق إلا نسبة 14 في المئة لتحقيق المناعة الجماعية ( 80 في المئة ) ، ونحن نسأل كل مغربي وكل هيئة وجهة معارضة للتلقيح ما الذي تخافونه ؟؟ هل تخشون الموت بسبب التلقيح ؟؟ فالكل يعلم أن لكل أجل كتاب ، ولكل نفس أجلها ، ونطرح سؤالاً أكثر إلحاحاً إذا كان المعارضون يفكرون في غيرهم أم لا ؟؟ هل يفكرون أنهم من دون تلقيح يقفون حجر عثرة أمام هدف صحي للدولة وهي التي أنفقت ملايين الدولارات من أجل توفير ما يكفي من جرعات اللقاح ، في الوقت الذي لم تستطع فيه العديد من الدول توفير اللقاح لشعوبها ؟؟
وهل لا يستحق هؤلاء ال 25 مليون مغربي الملقحين تضحية من القلة من إخوانهم المغاربة الذين لم يأخذوا جرعة التلقيح بعد ؟؟ أم أنهم ليسوا مع الأغلبية وأنهم– لنفرض جدلا – لن يحزنوا عليهم إذا أصابهم – لا قدَّر الله – أي مكروه ، لأنهم يتحملون مسؤولية قرارهم ؟؟ .
إن مجرد التفكير بهذه الطريقة هو خطأ في حد ذاته ، وحتى لو افترضنا أن اختيار الدولة للتلقيح لكل المغاربة أمر غير صائب ، فإن الوقوف ضد قرارات الدولة خصوصاً بعد نتيجة التلقيح المرتفعة لدى المواطنين يضر بأخلاقنا الإنسانية ، لأن أغلب المغاربة أخذوا التلقيح ، لهذا يجب علينا جميعاً أن نكون على صعيد رجل واحد ، وأن نفكر دائماً في الأغلبية التي يضرها ما يضرنا وينفعها ما ينفعنا . ويكفى من معاندة الوطن فقط من أجل العناد والمعارضة ، فأحياناً كثيرة لا نحتاج إلى التكلم بالقانون أو العمل به ، بقدر ما نحتاج أكثر أن نُبدي مرونة مع الوطن والمواطنين دون ان نلجأ لقوة ضغط نملكها ضد الدولة ، لأن ذلك لا يفيد إطلاقاً حتى وإن فزنا في مواقفنا على الوطن ، فإن ذلك يعتبر انكساراً وليس انتصاراً ، فالانتصار هو أن أنتصر مع الدولة لا أن أنتصر عليها .. دمتم بود .