بقلم: ريتا حبيب قازان
“ما الحبُّ إلا “جنون” كما يصفه شكسبير، و “دمعة وابتسامة “ في قول جبران ..
نقفُ عاجزينَ أمام هذا الكبير في وصفه، شُّعورٌ يحرِّك أحاسيسنا وينمو داخل أفئدتنا كالطِّفل،
فيضاعف من رقّةِ المرأةِ كما من حنانِ الرَّجل، وهو لكلاهما استمراريَّةٌ وكمال ..
الحبُّ كيمياءٌ متبادلةٌ وقوَّةٌ جاذبةٌ تقرِّب ما بين شخصين، فيقف خلف مشاعرهما
كعودِ الكبريت يولعها تارةً ويطفئها أخرى ..
وحدةٌ موحَّدةٌ في تكوينه، فلا نقيسه على مقياسِ “ريختر” لنرى كيف يتضخَّم،
بل في عدد دقَّاتِ قلوبنا وحرارة أجسادنا .. فهو كاللصِّ يدخلُنا دون استئذان ..
نسأل أنفسنا مرارًا وتكرارًا إلى أيِّ فئةٍ من العاشقينَ ننتمي ؟
هل نحن من هؤلاءِ البائسينَ في الحبّ، أم من فئةِ المختارين المجبرين،
أو من كومةِ شعراءٍ تُسكن الحبَّ خيالَها فتجسِّده في الحبرِ وعلى الورق،
وعلى شبَّاكِ التَّذاكر تنتقي نساءَها قدَرًا كما تختارُ الأفلامَ الجميلة .. فهل على خيالها تُلام ؟
فالحبُّ في رحيقِ الزَّهر وموسيقى النَّاء، في قناديلِ المساءِ وفي عتمةِ السَّماء ..
في الانتظارِ والسَّهر .. في الثَّلج والمطر .. منه يولد الأملُ من رحمِ التُّربة،
كما في صمتِ الصُّخور .. هو رحيق الأحلام وخمرة الآمال ..
والحبُّ بلا عتب كالبحرِ الصَّامتِ في ليلةٍ ظلماء،
والحبُّ بلا نغمٍ كالسَّماءِ النَّائمةِ تنتشي دون قمر،
وإذا كان بلا ألمٍ فلا يُدرك غورَ البِحار، يطفو على رغوِ المدِّ والجزر دخيلًا ..
الحبُّ هواءٌ وماءٌ وخاتمةُ الشَّقاء، فلنفرغ قلوبنا من الظُّنونِ فلو محت فينا آثار الهيام،
ووقعنا ضحيَّة الأوهام، تُكسَر فينا مشاعر ولو رقَّتِ النفسُ إليها، لا يُجبرها ألفَ اعتذار..
فكلَّما علا الحبُّ تلاشى واضمحلَّ البؤس ..
ومن الحبِّ ما قتل ولو في فُسحةِ الأمل .. إنَّنا نفنى ولا يفنى الأمل ..
ففي ولادةِ النَّحلِ، هناكَ أمل .. في اعتناقِ الموجِ، هناكَ أمل ..
في هطولِ الأمطارِ وسكونِ اللَّيل، هناكَ أمل .. وفي العودةِ إلى نقطةِ الحبِّ هناكَ أمل ..
فلنقفْ وقفةَ حبٍّ على أعتابِ الأمل ..