بقلم: كلودين كرمة
عندما نفقد الإحساس بالمسئولية هى كارثة بعينها هى عدم مبالاة ، أى تبلد المشاعر وهو نوع من أنواع الانفصال عن الحياة أى شبه موت…
كل فرد منذ أن يبدأ عقله على الاستيعاب تقع على عاتقه مسئوليات يكلفه بها المجتمع بدءاً من الأهل وتتوسع الدائرة حتى تشمل الأقارب ثم الأصحاب إلى آخره .. ومع التقدم فى السن والاختلاط بالمجتمع والتوسع فى تلقى التعليم وتنمية الثقافة ، يبدأ الإنسان من تلقاء نفسه تحمل مسئوليات متعددة لإدراكه لأهمية دوره فى المحيط الذى يعيش فيه مقتنعا إنه صاحب فكر ورسالة لا بد له أن يتممها بنجاح وحب ، شاعرا أن ما تلَّقه من معرفة وأكتسبه من خبرات يؤهله للمضى قدما فى أكثر من إتجاه وأكثر من طريق يتحدى فيهم العقبات ويتخطى المصاعب ، ويجرب هنا وهناك حتى تستقر به الأمور ويختار عن وعى ما يريده حقا وما يقدم له الحياة الكريمة والمبشرة بالخير والرفاهية له فى المقام الأول ومن ثم يستطيع أن يقدم بدوره نتائج خبراته أو تجاربه للمجتمع بأسره سواء على المستوى الأدبى وما يحمله من إثراء حقيقى للتراث والتاريخ والقيم والعديد من المعانى السامية والأخلاق الكريمة التى إذ أهملها الناس هلكوا ؛ أو على المستوى العلمى والتقدم التكنولوجي الذى ينقذ العالم من الدمار والتخلف والموت المحتم . ويالها من فاجعة حين يرتبط انعدام المشاعر بالأنانية التى تصل إلى حد إيذاء الآخر حتى يتحصن الشخص ؛ وهذا بالطبع سلوك مكروه ويمكن تصنيفه بأنه مرض نفسى ناتج عن خلل ونتائجه وخيمة إذ يجعل الأمور تنحرف عن مسارها الصحيح وتدور فى دوائر الغل والإنتقام والكراهية و دائرة سوداء تظل فى الدوران وتزداد سرعتها حتى تشعل النار فى الأخضر واليابس. وبالطبع مما نراه من سلوك مشين من بعض أصحاب السطوة و المسئولين والرؤساء الذى ينهبون ويسرقون ويحرقون كالتتار والهكسوس حتى يغتنوا بخير الآخرين ، ويغتنموا لأنفسهم ، ويفتخرون بسطوتهم ، ويدوسوا تحت أقدامهم الكثيرين من الكادحين حتى يعلو مقامهم ويزداد غناهم ؛ فهم يكفرون بأنفسهم أولا لأنهم انحطوا عن مرتبة الإنسان الواعى و المثقف سيد الطبيعة إلى حيوان فاقد السيطرة على غرائزه منزعج ، مضطرب ، مرعوب يمد يده الباطلة ويزيد من بطشه ويصرخ ويهدد وتعلو ملامحه ملامح شيطانية وتلمع عيونه فتظهر طمعه ويعبس وجهه فيعبر عن غله وقساوته وافتقاده إلى كل معانى الإنسانية وافتقاره وعوزه الشديد بما إنه يعترف أن ما لديه لا يكفيه وإنه عجز عن تدبير أموره فأعلن فشله وأظهر عجزه ، وهو يظنه عزة و افتخار !! هذا على مستوى البارزين فى المجتمع الإنسانى ، أما عن الأغلبية العظمى ، فنتيجة للذعر الذى يزرعه فيهم الإرهابيون من جهة والظروف المعيشية من جهة أخرى وكذلك إنتشار الاوبئة والاستماع لأخبار الحروب والزلازل والفيضانات والأوبئة فهم يفقدون الأمل فى الحياة والتى أوجدها الله منذ البدء حتى ينعم بها الإنسان ويحمد ربه ويعمل على الحفاظ عليها من حيث نقائها وجمالها فتدوم من جيل إلى جيل ، فيكون هناك فرصة لأن تمتلئ نفس الإنسان بالخير وينطبع فيها ما يراه من حسن وبهاء يرتقى به وينفر تلقائيا من مشاهد البؤس ويستنكرها ولا بمد يده إلى الأذى حتى لا يلم به الحزن الدفين ويشعر بالألم والمهانة والحسرة وتحل الكآبة مكان الفرح و يحل البغض مكان الحب والمودة . فعيب علينا ..إننا نكون عكس ما ندعى ، نقول إنا دعاة سلام وحُماة للضعفاء ومحافظين على حقوق الإنسان وننشد العدالة الاجتماعية ونمد أيادي العون للفقير والمحتاج ونراعى الأرملة وننصف اليتيم ..وفى الحقيقة إننا نزرع القنابل ونصنع الأسلحة وندوس على حقوق الآخرين .. وإن أختلف معى أحدا فى هذا الرأى فلماذا رغم مرور السنين وتغير القادة والمفكرين مازال يوجد الكثير من المقهورين والمظلومين والبؤساء والفقراء والمرضى ؟ وإن كان هناك عباقرة فى الشؤون السياسية وخبراء فى الاقتصاد لماذا تفشل المعاهدات ويطعن فى الاتفاقيات و ينهار الاقتصاد ؛ لماذا لا يضعون حدا للحروب ؟ بما إنهم مدبرون دارسون لهم منهج من المفترض ان يضعهم على الطريق المستقيم .. فإنهم يسنون القوانين ويشرعون ويعلنون ان هذا حق وهذا باطل ولكنهم مازالوا عاجزون عن الحفاظ على العالم بهدوئه وجماله وخيراته لصالح شعوب الأرض، ولا ينشدون ألا الحياة الرغدة السالمة على وجه هذه الأرض. لقد عجزت أياديهم من أن تحمل ميزان العدل ..
وليس هناك من عادل ورحيم إلا الله وحده وإن عجز الإنسان فلا رجاء لنا إلا فى الرب أن يمنحنا سلامه فى خضم هذه الحياة حتى نستطيع أن نمنح بدورنا السلام لمن هم فى حاجة إليه.