بقلم: سليم خليل
إسمه كريستوفر هافنس؛ أُتهم وحُكم عليه بجريمة قتل لمدة خمسة وعشرين عاما وعمره ستة عشر عاما فقط . ترك المدرسة بعمر مبكر ولم يجد عملا ؛ عاش في محيط البؤس والجريمة وأصبح مدمنا على المخدرات .
بعد مرور تسعة سنوات على سجنه بالقرب من مدينة سياتل في غرب الولايات المتحدة إكتشف ميوله إلى الحساب والأرقام وأخذ يدرس الحساب في مكتبة السجن وفي الكتب البدائية المتوفرة . بعد حفظه لتلك الكتب بدأ يراسل المكتبات والمدارس طالبا مساعدتهم للحصول على كتب حساب لصفوف أعلى من الكتب المتوفرة في السجن .
لم تبخل عليه المصادر التي راسل لكن إدارة السجن إحتفظت بتلك الكتب وبعد البحث والجدال إستلم كتبه بشرط تعليم المساجين مبادىء الحساب .
باشر تعليم الحساب للمساجين وتوفرت له فرصة التفرغ للدراسة ؛ بعد دراسة الكتب الجديدة لم يتوقف عند ذلك الحد وأخذ يراسل دار نشر متخصصة وشهيرة بعلوم الرياضيات وتصدر صحيفة شهرية تبحث في تلك العلوم ؛ في إحدى رسائله تمنى أن تتاح له فرصة تبادل آراء مع من يرغب لأن الأرقام أصبحت شغله الشاغل وجزءا من آماله ونشاطه !!!
تحقق حلمه لما قرأت رسالته مارتا سيروتي إستاذة في الرياضيات تساهم في إصدار المجلة وحولت الرسالة إلى والدها أومبرتو سيرتوزي إستاذ رياضيات في جامعة تورين الذي تردد في بادىء الأمر لكنه إكراما لإبنته أرسل للسجين إحدى المسائل الصعبة لتجربة مهارته .
تحدثت الإستاذة في جامعة – ماغيل – فرع الهندسة عن تبادل المعلومات بين السجين ووالدها الذي استلم من السجين الجواب عبارة عن صفحة طولها ١٢٠ مائة وعشرين سم لم يستطع مطالعتها لطولها واضطر لإدخالها في برنامج خاص في الكمبيوتر لتحليل أجوبة السجين وكانت الأجوبة صحيحة وجميعها مكتوبة يدويا .
بعد تلك المفاجأة طلب أومبرتو سيرتوزي من السجين التعاون في حل مسألة لم يستطع هو نفسه حلها بعد عدة محاولات وهي عبارة عن جزئيات متتابعة ومعادلات رقمية شبيهة بالعملات الرقمية الحالية كُتبت منذ عهد اليونان القديم -عالم الرياضيات أوكليد- الذي أتعب دماغه في حلها .
إستطاع السجين كريستوفر هافينز إيجاد الأجوبة وتعاون مع إستاذ الجامعة أومبرتو سيرتوزي في نشرها في مجلة الرياضيات بالشكل العلمي الصحيح والمفهوم!!
نشرت الأجوبة في المجلة في شهر يناير كانون الثاني العام الماضي ٢٠٢٠ مع تفاصيل علمية كاملة ؛ كما أن السجين العبقري أسس منتدى علميا في السجن يضم المساجين الراغبين في تحسين وضعهم العلمي .