بقلم : ﭽاكلين جرجس
القهوة، لمن أدمنها هي مفتاحُ النهار البعض يومهم لا يبدأ إلا إذا كان أمامهم كوبًا من الكابتشينو أو قهوة الأسبريسو المنعشة و معها قطعة كيك أو كرواسون الغنية بالذبدة أو المحشوة بالجبن الذائب بداخلها ،تشعر كأن قلبك يذوب عشقًا مع كل قضمة و كل رشفة ترتشفها صباح كل يوم فى إحدى المقاهى العالمية على أنغام موسيقى أجنبية مشهورة ؛ أصدقاؤنا هؤلاء بالتأكيد ينتمون للطبقة الوسطى العليا أى أولئك الذين يملكون التحدث بعدة لغات مختلفة ؛أما إذا كنت مثلى و مثل أغلب الشعب المصرى الذين يتناولون فطورهم البسيط على عربة فول بالتحويجة و الزيت الحار يتقوتون به ليسد جوعهم طول فترة العمل حتى انتهاء دوام اليوم و العودة لبيوتهم ؛ فهؤلاء يصنفون بالطبقة الفقيرة و ينفقون على فطورهم حوالى العشرة جنيهات أو تزيد قليلًا ؛ أما اصحاب السعادة المنتمين للطبقة الوسطى العليا لا تكفيهم الخمسون جنيهًا فى مشروب القهوة اللذيذة صباحًا ، و يقول عنهم الكاتب الفرنسي جان انزيلمي بريلات في مقولته الشهيرة : “ قل لي ماذا تأكل أقول لك من أنت “، وهي مقولة تلخص باختصار أن شخصية الإنسان تبدو للآخرين من خلال ما يتناوله من طعام وكذلك من طريقة تناوله للطعام مرورًا بآداب الطاولة وطريقة إعداد الطعام ،بلا شك أن آداب الطعام و نوعيته بل تكلفته و طريقة الإنفاق عليه تعبر عن مدى ثقافة الشخص و حالته الاجتماعية و المادية و إلى أى طبقة ينمتى .
كنت أعرف أن الطبقات الاجتماعية مقسمة اقتصادياً حسب علاقة الدخل بالمصروفات ، فمن يتساوى دخله مع مصروفاته فهو من الطبقة الفقيرة و من يزيد دخله عن مصروفاته بقدر يتيح له هامش قليل للترفيه أو مواجهة أى ظرف طارىء فهذه هى الطبقة المتوسطة .. أما من يزيد دخله عن مصروفاته زيادة كبيرة فهذه هى الطبقة الغنية … أما الأن هل لازالت الطبقة الوسطى متواجدة و قادرة على إحداث حراك اقتصادى أم تلاشت و أصبح المجتمع مصنف إلى طبقتين الطبقة الفقيرة و الطبقة الغنية ؟.
للأجابة على هذا التساؤل يجب أن نذكر أن الطبقة المتوسطة متعددة الشرائح، ومن ثم تتباين التأثيرات الاقتصادية عليها،نظرًا لتباين الفئات التي تضمها الطبقة المتوسطة، فتم تقسيمها إلى ثلاث شرائح (دنيا، ومتوسطة، وعليا)، مع مراعاة الاختلافات بين الفئات الثلاث؛ كما أن التفاوت بين تلك الشرائح في مستويات الدخول يؤدي إلى اختلاف في تأثيرات السياسات الاقتصادية عليها ، و بالرغم من معاناة شرائح الطبقة المتوسطة و تراجع الإنفاق الاجتماعي كذلك اضطرارهم تغير النمط الاستهلاكى والسلوك الشرائى فى المأكل والمشرب والملبس ووسائل الانتقال ؛ إلا أنها تبقى رمانة الميزان فى أى مجتمع إن الطبقة الوسطى هى الطبقة التى يشير تناميها واتساعها إلى مدى نجاح السياسات الاقتصادية والاجتماعية فى تحقيق العدالة وفى توزيع الدخل وتنمية المجتمع ككل هى أحد الأعمدة الأساسية للاستقرار السياسى والسلم الاجتماعى .
و هذا ما أكده تقريرًا لوكالة “فيتش سولوشنز” حول توقعات خصائص الأسرة المصرية حتى عام 2025، فيتش تتوقع” إذ ا كان نمو دخل الأسر المصرية مدفوعًا بالنمو الاقتصادي واستقرار معدل التضخم، وانخفاض معدل زيادة الأسر حتى عام 2025 عن السنوات السابقة، لتصبح 29 مليون أسرة في عام 2025، مقارنةً بنحو 27 مليون أسرة في عام 2021 ؛ مما يحدث نموًّا في حجم الطبقة المتوسطة المصرية التي يتراوح دخلها السنوي بين 78 ألف جنيه و156 ألف جنيه؛ مما يجعلها من أسرع الطبقات نموًّا على مستوى العالم، ليزيد بنسبة 58.2% في عام 2025، مقارنة بنحو 34.3% في عام 2021. وستزيد نسبة الأسر التي يزيد دخلها السنوي على 390 ألف جنيه إلى 11% في عام 2025، مقارنة بنحو 4.6% في عام 2021 “.
يأتى هذه التقرير بالرغم من تداعيات جائحة كورونا التى أجبرت العالم كله على الإغلاق مما أدى إلى إنكماش الحالة الاقتصادية على كل شرائح المجتمع و تراجع الحالة الاقتصادية فى دول العالم ؛ لكن بسبب سياسة مصر الحكيمة تجاه جائحة كورونا و اتباعنا خطوات مختلفة كليا لسياسة التعامل مع الوباء، خاصة فيما يتعلق بالإغلاق و جرعات اللقاح والتعايش مع الفيروس، وحملات التوعية التي ساهمت بشكل مختلف في ارتفاع معدل التنمية مما ساهم بأن يتحرك الاقتصاد المصري كقطار سريع، نتيجة لاستمرار نموه الإيجابي الذي يعتمد على المعدل الاستهلاكي للمواطنين خاصة الشباب، واستمرار تدفق التحويلات المالية، والقيود الحكومية القليلة على التنقل مما ساهم في انتعاش السياحة الداخلية ؛ مما جعل الاقتصاد المصري يثبت أن خطوات الدولة المصرية أتت ثمارها وأنه مازال هناك الجديد من التقدم والتنمية على المدى الطويل ؛ خاصة أن مصر كانت تتعافى من ثورات وحراك طيلة سنوات وبعدها جائحة على مستوى العالم مما يعني أن هذه الشهادة ستؤدي إلى زيادة معدلات النمو ؛ و الذى بدوره سيؤدى إلى نموًّا في حجم الطبقة المتوسطة المصرية التي يتراوح دخلها السنوي بين 78 ألف جنيه و156 ألف جنيه؛ مما يجعلها من أسرع الطبقات نموًّا على مستوى العالم، لتكون بنسبة 58.2% في عام 2025، مقارنة بنحو 34.3% في عام 2021.
تجربة مصر الجديدة لم تكتمل بعد فنحن لانزال نسير بخطى ثابتة لتحقيق خطة التنمية المستدامة 2030، قد يشعر المواطن أن حركة التغيير بطيئة أو مردودها على الأسرة غير واضح ، قد يظن أنها مرهقة ومكلفة لكن بنظرة مستقبلية و أمل و إيمانًا بالله و قيادتنا سيتحقق الحلم و سنجنى الثمار نحن نزرع ليحصد أولادنا و أحفادنا من بعدنا ، لذلك تظهر أهمية الطبقة الوسطى لتحقيق التوازن المجتمعى فهى رمانة الميزان للمجتمع وأيضًا من أدوارها حماية القيم الاجتماعية والثقافية من الإنهيار حيث إنها أحد الأعمدة الأساسية للاستقرار السياسى والسلم الاجتماعى ، وأخيرا لابد من مواجهة أى تدهور اقتصادى أو ثقافى للطبقة الوسطى حتى تستطيع القيام بواجبها ودورها فى مجالات التنمية بالجمهورية الجديدة .