بقلم: كلودين كرمة
عندما يخطئ الانسان هل يكفيه ان يعتذر او يعترف بخطئه او يقدم التوبة…او هل يكفى هذا لاصلاح ما قد تم افساده..؟!
لوكان الامر هكذا لم يكن هناك اى احزان ومواجع…ولكن ماذا نفعل حيال جرح المشاعر هل هناك من طبيب يداويه ؟ وماذا ايضا عن خيانة الثقة ؟ او عن الاحساس بخيبة الأمل ؟ او الحسرة والندم ؟
نعم الندم على كل ما ضحينا به وقدمناه من جهد وتعب وحب وبذل الذات ، بئس المصير لكل من ضحى بآماله فى سبيل اسعاد الأخرين ولكل من ضحى براحته وسهر على راحة من احبهم ولكل من قضى الليل بطوله يدعوا بسلامة من يشغلون قلبه ولكل من بات يفكر فى اسعاد كل من حوله ولكل من قضى يومه يعمل على تحقيق امال غيره ..ثم ماذا ..ماذا بعد كل ماقدم من حب وتضحية بكل غالى وثمين …هل من اعتراف بالجميل ؟ هل من احترام وتقدير لهذا الكم من العطاء ؟ هل من كلمة شكر او على الاقل هل هناك من يتذكر كم من سنين مضت تحملنا فيها الكثير والكثير فوق طاقتنا للحفاظ على كيان الصداقة او الاسرة والاهل؟
وعندما يتوقف الانسان للحظات حتى يتأمل حاضره ويستحضر ماضيه ويتوقع مستقبله يشعر وكأنه فى دوامة تأخذه الى اعماق بعيدة تكاد ان تكون مظلمة يشعر بالأسى والمرار لما تعرض له من ظلم وما اصابه من جرح قاسي ترك اثاره على ملامحه وحفر علامات الغربة فى داخله ..ويتسأل هل هناك من اخطأ فى حقه ..هل توانى يوما عن أداء واجبه هل تهاون فى تحقيق احلام وطموحات كل من لجأ إليه هل فى يوم تكاسل عن مشاركة احباؤه او اصداقائه فى افراحهم او احزانهم ..لم يتذكر اذ كان احد حاول ولو لمرة ان يتألم لالمه او يسعى لتخفيف معانته…ومع هذا فانه يستمر فى العطاء دون تهاون او تراجع لم يستسلم للوم اللا ئيمين فى وجوب اتخاذ الحيطة والحذر والاستفادة من دروس الماضى. .
ولكن هذا كله له اثره البالغ فى نفس الانسان الكريم على مضى الايام وبخاصة عندما تفسد حياته اطماع الآخرين ويطفئ بريقها حقد الحاقدين…وعندما يفتقد الشعور بالآمان والسعادة تفقد الحياة ايضا لذتها ولم يعد لمباهجها اى استجابه من قبله …
ويبدأ التعب والإنهاك يحنى ظهر الكريم والمحب ويبدأ الاكتئاب يدق الابواب والشعور بشيخوخة المشاعر وعجز اللسان في النطق بكلمات المجاملة الرقيقة وكان الزمن رسم بقساوته ملامح غير الملامح وخط بقسوة احداثه الكثير من الخطوط التى لا يمكن لاى شيء ان يمحوها و تصبح وكأنها تصاحب هذا الشخص منذ زمن بعيد فتغير وجهه حتى انه اذ نظر فى المرأه لا يستطيع ان يتعرف على شخصيته التى اعتاد ان يراها كما يحب…بل ولا ابالغ حين اقول انه يتحاشى ان يطيل النظر لانه يشعر ان ذلك يؤكد له ما يشعر به من غربة ..انه لا يستطيع ان يكون كما اعتاد ولا ان يكون كما ينبغى ان يكون حتى يجابه ما جد عليه من تغير فى كل ما يدور من حوله ومن يحيطون به…
ولكن ماذا عليه ان يفعل ؟ فان الحياة مستمرة والزمن لم يتوقف ومازال لديه الكثير من المسؤليات تفع على عاتقه والكثير من الالتزمات لا يستطيع ان يتنحى عنها واناس مازالوا تحت رعايته واعمال يتبغى ان ينجزها على اتم وجه ونجاحات يقع على عاتقه تحقيقها…
فلا خيار امامه يجب ان يستمر ويرسم ضحكة ويتصنع السعادة ويتفاعل مع المجتمع ويتجاهل الاحزان ويسخر ممن يحاولون ازعاجه ويستنكر ردود الافعال و يغض البصر عن الشخصيات المستفزة…حتى يظهر امام الجميع انه مازال بخير وانه لم ولن يتأثر بجرح الاحبة فيزداد وجهه صلابة وشخصيته ثبات فهو يقف ضد التيار..وعليه ان يبقى ثابتا متحديا لا يرى الناس فيه ضعف او انكسار…
ومن هنا يجب ان نتأكد من كلماتنا قبل ان نتلفظ بها و يجب ان نعى ونتعقل قبل ان تكون تصرفاتنا سبب فى انهيار علاقات لم يكن مقدر لها الفشل …ومن يخطئ عليه ان يصلح ما قد افسده فكما اجتهد ان يهدم من المشاعر اصدقها ومن العشرة اجملها فعليه ان يجتهد ان يعيد للحياة معانيها التى سلبها .فمجرد الندم والاعتذار او حتى الاعتراف بالخطاء لا يجدى ..بل فى اعتقادى انه يفعل هذا متوهما انه فعل ما وجب علبه ان يفعله حتى يشعر بالرضى عن نفسه ولكن ههيات فمتى اشعلت النار واحرقت ما احرقت هل يفيد الاعتذار ام تبقى اثار الحريق تذكرنا دائما بمرارة ما حدث وما فقدناه قد نبكى عليه مدى الحياة.