بقلم: فـريد زمكحل
يعتقد البعض بأن العالم يعيش اليوم أسوأ أعوامه، بينما قد تجد من يقاطعك ليذكرك بعام 1347 الذي حصد به الطاعون الأسود حياة 200 مليون إنسان.
وربما سيقول لك آخر بأن عام 1918 عام الإنفلونزا الأسبانية التي أجهزت على 100 مليون إنسان هو العام الأسوأ، وربما سيستوقفك البعض الأخير ليكلمك عن الحرب العالمية الثانية التي قضت على حياة 60 مليون إنسان بأنها الفترة الأسوأ في حياة البشرية.
في الوقت الذي يعتقد فيه شخص متشائم بأن عام 2020 هو الأسوأ على الاطلاق على الجنس البشري، إلا أن الحقيقة والتاريخ يقولان عكس ذلك وفقاً لما جاء وصدر في الأبحاث الصادرة عن جامعة هارفرد الأمريكية تحت إشراف «مايكل ماكورميك» مؤرخ حقبة القرون الوسطى في هذا الخصوص والذي قال فيه بأن الانفجارات البركانية الضخمة التي شهدها العالم في القطب الجنوبي للأرض والتي سبقت عام الهلاك (عام 536 ميلادية)، وتمكن رمادها المنتشر من حجب ضوء الشمس طيلة هذا العام مما أدى إلى انخفاض درجة حرارة الأرض وانقلاب الطقس، وكان ذلك في العام العاشر من حكم جستنيان الإمبراطور البيزنطي العظيم وفي أثناء ليلة صيفية رائعة لم ير البشر النهار مرة أخرى من بعدها حيث استمر الظلام الدامس نتيجة هذه الأتربة الرمادية الناجمة عن هذه الانفجارات البركانية العظيمة، التي حجبت الشمس وأدت لانخفاض درجات الحرارة وسقوط الأمطار الغزيرة التي تبعتها موجة قاسية من الثلوج التي تخطت أراضي الإمبراطورية البيزنطية ووصلت إلى الصين، وأسوأ منها ما تعرضت له القارتين الأمريكيتين وأدى إلى تدمير المحاصيل الزراعية لدرجة أنه لم يعد هناك للناس ما يمكن أن يأكلوه ليدخل سكان هذا الكوكب في مجاعة زادها سوءاً تجمد الأنهار وتغطية الجليد لمناطق كبيرة وشاسعة من الأراضي، بحيث لم يعد هناك لا طعام ولا ماء ولا شئ يُساعد الانسان على البقاء… والتاريخ يؤكد على إندثار حضارة كاملة تُدعى «الموتشي» واختفائها من الوجود في أمريكا الجنوبية، ولم يبقى منها سوى بعض الآثار التي تُخبر عنها، والسيئ والأسوأ ما حدث بعد الجليد والصقيع والدماء الذي استمر لسنوات بعد العام الكارثي حيث هاجم (طاعون جستنيان) نسبة للإمبراطور البيزنطي الذي وقع في عهده هذا الحدث الكبير وأودى بحياة ملايين من البشر في مناطق عديدة من اوروبا و الشرق الأوسط…
وقد لا يعرف البعض بأن الأرض لم تستعد عافيتها من جديد سوى بعد مرور 4 سنوات من عام الهلاك وإن استمرت المعاناة لمدة مائة عام بالتمام والكمال، ولولا السماء ولطف الله لما بقى إنسان على وجه الأرض، حيث عادت درجة حرارة الجو للاستقرار وبدأت بالارتفاع التدريجي فذاب الجليد وعادت للنباتات الزراعية الحياة، وجرت الأنهار مرة أخرى وظهرت المعادن القيّمة على سطح الأرض، ما أدى لسنوات من الازدهار والانتعاش استفاد منها العالم بعد سنوات الدمار العظيم التي لحقت به. الأمر الذي يؤكد على قدرة هذا الكوكب وصلابة وقوة منّ يعيشون عليه من البشر للنهوض به من جديد بعد كل كارثة يتعرض لها، وبأن الحياة مستمرة وستستمر إلى أن تقرر السماء والجالس على العرش غير ذلك..
ولكن هذا لا يعني بأن هذا العام لن يكون صعباً وعلى وجه الخصوص في نصفه الثاني، حيث تُشير كل المُعطيات على أن عالم ما قبل كوفيد-19 لن يعود من جديد خاصة على مستوى الحريات الشخصية الفردية والجماعية، وإن الهدف من كل ما يحدث هو تدريب الناس على القيام بعزل نفسها بنفسها طوعياً وبعيداً عن استخدام القوة تحسباً للحروب البيولوجية القادمة للصراع القادم أو المنتظر بين القوى العظمى وتحديداً بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على أحقية منّ منهما لقيادة العالم بعد كوفيد-19، وهل ستكون القيادة فردية النفوذ والأبعاد أم أنها ستكون تحت رعاية وإشراف الحكومة العالمية الواحدة والموحدة لقيادة العالم الجديد إلى أجل غير مسمى تكون فيه الشعوب ويكون فيه الإنسان مجرد رقم لا أقل ولا أكثر.
لذا من المفيد أن تتوقع كافة السيناريوهات وأن نستعد لها ولمواجهاتها بكل قوة وحكمة .. لأنها معركة تأكيد للوجود من عدمه واختيار المصير الأشرف لنا ويتناسب مع قيمنا ومكاسبنا الدنيوية والروحية التي تُدّعم وتساند حقوقنا الشرعية والمشروعة في حياة عادلة .. آمنة .. مستقرة .. مؤمنون بالله وبالمثل الشهير القائل «تُقدِّرون وتضحك الأقدار».
وكل عام وانتم بخير بمناسبة قرب حلول عيد الفطر المبارك أعاده الله على كل صانعي السلام في العالم ومحبينه بالخير واليمن والبركات…
وللحديث بقية إن شاء الله مع خالص تحياتي…