أكد رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر على أعتاب مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي مع أوروبا، مشيرا إلى أن مصر اتخذت حزمة إجراءات لقيت إشادة دولية من أجل الإصلاح الاقتصادي.
وقال رئيس الجمهورية، خلال مشاركته الجلسة الختامية للمنتدى الاقتصادي على هامش انعقاد القمة المصرية الأوروبية الأولى في بروكسل، اليوم الأربعاء، إن القمة المصرية الأوروبية؛ محطة جديدة ومهمة في الشراكة بين الطرفين، مشيرا إلى أن الاستثمارات الأوروبية في مصر تبلغ 32 في المائة من إجمالي حجم الاستثمارات.
وأضاف أن مصر سوق واعدة تستطيع خدمة الشرق الأوسط، مشددا على أن موقع مصر يتيح للشركات الأوروبية الوصول إلى دول إفريقيا وآسيا.
وقال الرئيس السيسى: نحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، في مسار التعاون الاقتصادى بين مصر والاتحاد الأوروبي؛ مرحلة تتطلب رؤية أوسع وطموحا أكبر، وسط هذه التطورات غير المسبوقة، التي شهدتها منطقتنا ومحيطنا الإقليمي، خلال الأعوام الأخيرة، مؤكدا يقينه الراسخ بأن مصر اليوم؛ تمثل فرصة حقيقية وملموسة أمام مجتمع الأعمال الأوروبي، وليس مجرد شريك قريب جغرافيا.
كما أكد السيسى أن الحاجة إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد في منطقتينا؛ باتت أكثر إلحاحا من أى وقت مضى، في ظل تحديات التجارة العالمية، وأزمات الطاقة، وتقلبات الأمن البحري، مشيرا إلى أن مصر يمكنها أن تكون الحليف الصناعي والتكنولوجي، الذي تحتاجه أوروبا لتأمين إمداداتها، وتنويع مصادرها، وتعزيز قدرتها التنافسية على المستوى الدولى.
ودعا إلى شراكة استثمارية، قائمة على المنفعة المتبادلة؛ حيث توفر مصر فرصا حقيقية فى قطاعات استراتيجية مثل: الصناعات الدوائية واللقاحات، وصناعة السيارات التقليدية والكهربائية، والأسمدة والبتروكيماويات، والطاقة الجديدة والمتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، والشرائح الإلكترونية والذكاء الاصطناعى، والصناعات الدفاعية، والبنية التحتية اللوجستية والنقل.
وأكد أن الاستثمارات الأوروبية في مصر، لن تحقق فقط عائداً مالياً، بل ستسهم في بناء اقتصاد إقليمي أكثر توازنا، وستدعم استقرار جنوب المتوسط، وستعزز مكانة الشركات الأوروبية، في أسواق تتوسع بشكل سريع ومستمر.
وأكد السيسي أن الحكومة المصرية اتخذت حزمة من الإجراءات، في إطار برنامجها للإصلاح الاقتصادي؛ أسفرت عن رفع التصنيف الائتماني لمصر، من جانب مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية الرئيسية، وأشادت تلك المؤسسات وصندوق النقد الدولي، باتباع مصر لسعر صرف مرن، فضلا عن تزايد تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفاع معدل النمو السنوى، خلال الربع الأخير من العام المالي 2024 – 2025 إلى “4.4%”، مقارنة بـ”2.4%”، خلال العام المالي 2023 – 2024؛ بما يعكس مرونة الاقتصاد المصرى، بالرغم من التحديات والأزمات الإقليمية والدولية.
كما أكد رئيس الجمهورية أن مصر ستواصل جهودها في هذا الإطار، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي؛ التزاما منها بتنفيذ برنامج الإصلاح، وإحراز تقدم في مسيرتها التنموية؛ فضلا عن التزام مصر، بتنفيذ وثيقة سياسات ملكية الدولة، التي تحدد الإطار العام، لعمل الشركات الحكومية والمملوكة للدولة، وكذا تنفيذ برنامجها للطروحات الحكومية، بهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادي.
وشدد على أن موقع مصر الاستراتيجي؛ يتيح للشركات الأوروبية النفاذ إلى أكثر من “1.5” مليار مستهلك في إفريقيا، والمنطقة العربية والاتحاد الأوروبي ذاته بفضل شبكة واسعة من اتفاقيات التجارة الحرة، واتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، والموقع المتميز على الممرات المائية والبرية التجارية، والبنية الأساسية المتطورة.
وأشار الرئيس إلى أن مصر توفر منظومة متكاملة من الحوافز للمستثمرين؛ تشمل الإعفاءات الضريبية، وسهولة تحويل الأرباح، وتوافر العمالة المدربة منخفضة التكلفة، والطاقة بأسعار تنافسية، إلى جانب الأمن والاستقرار السياسى والمؤسسي.
ولفت إلى أنه تم إطلاق “المنصة المصرية الأوروبية للاستثمار”؛ لتكون أداة عملية لتحفيز الاستثمارات الأوروبية، إلى القطاعات ذات الأولوية، وخلق فرص للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفقا لأولويات التنمية الوطنية ومجالات التخصص الأوروبية.
كما أكد الرئيس، حرص الدولة المصرية، على مواصلة الحوار مع مجتمع الأعمال الأوروبي؛ للتعرف على تطلعاته، وتجاوز أي تحديات قد تعيق استثماراته.
وقال الرئيس “أدعوكم إلى النظر إلى مصر، ليس فقط كسوق استهلاكي واعد، بل كشريك إنتاجي موثوق؛ يمكن أن يحتضن خطوط إنتاج أوروبية؛ تخدم الأسواق العالمية والأوروبية، بكفاءة وتكلفة تنافسية.
وقال السيسي، مخاطبا حضور المنتدى الاقتصادي المقام على هامش انعقاد القمة المصرية الأوروبية الأولى في بروكسل: أدعوكم -من هذا المنبر- إلى زيارة مصر، والتعرف على أرض الواقع على البيئة الاستثمارية المحفزة، والاطلاع عن قرب، على ما توفره من فرص استثمارية حقيقية، وحوافز مشجعة، وضمانات جادة.
كما دعا الرئيس، المفوضية الأوروبية، إلى توسيع أدوات الضمان، والتأمين للمستثمرين الأوروبيين في السوق المصرية، كما دعا الحكومات الأوروبية، إلى دعم نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة المشتركة؛ بما يخدم مصالح الجميع… وقال: ليكن هذا الحدث، نقطة الانطلاق نحو تعاون مثمر ومستقبل أفضل.
واستهل السيسي كلمته بالإعراب عن سعادته، بتواجده اليوم في بروكسل، والمشاركة في حفل ختام هذا الحدث الاقتصادي المهم، الذي أكد السيد رئيس الجمهورية أنه محطة جديدة، في مسار الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، حيث يأتي بالتوازي مع القمة الأولى، بين مصر والاتحاد الأوروبى.
وتوجه الرئيس عن شكره لكل من ساهم في تنظيم هذا الحدث، وإثراء النقاش في جوانبه الموضوعية على مدار اليوم؛ والذي أكد – مجددا – أهمية وثقل الشراكة الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي، الذي يعد الشريك التجاري والاستثماري الأول لمصر، بنسبة تصل إلى نحو 27 % من تجارة مصر الخارجية خلال عام 2024، كما مثلت استثمارات الاتحاد الأوروبي في مصر، نحو 32 % من أرصدة الاستثمار الأجنبى المباشر، الموجودة في مصر خلال عام 2024 .
وأشار الرئيس إلى تنوع موضوعات النقاش، خلال جلسات هذا الحدث، حيث تناولت محاورا استراتيجية، ما بين دراسة إنشاء ممر استثمارى أوروبي في مصر؛ يكون بوابة للأسواق الإفريقية والعربية، وأفكارا حول تعميق اندماج مصر فى سلاسل الإمداد الأوروبية، وتناولا معمقا لدور القطاع الخاص، والتزام الدولة المصرية بدعمه؛ ليكون محركا رئيسيا للتنمية.. مؤكدا أنها موضوعات، تعكس عمق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين وتشعبها، وتطلعنا المشترك نحو الانتقال بها إلى آفاق أرحب، خلال السنوات القادمة.
وقال: لم يأت هذا الحدث الاقتصادي، وليداً للحظة الراهنة، وإنما جاء امتداداً لمسارٍ متصاعد، بدأ في مارس 2024، بالإعلان عن قرارنا المشترك، بالارتقاء بمستوى العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى، إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، خلال زيارة رفيعة المستوى إلى القاهرة، لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وقادة كل من بلجيكا وإيطاليا واليونان وقبرص والنمسـا؛ أعقبه مشاركتها في افتتاح المؤتمر المصري الأوروبي الأول للاستثمار خلال يونيو 2024، وهما الزيارتان اللتان عكستا إرادة سياسية واضحة، لبناء علاقة متوازنة وطموحة، تقوم على المصالح المتبادلة؛ وما نشهده اليوم؛ هو ترجمة عملية لتلك الرؤية.
وأعرب الرئيس عن بالغ تقديره للسيدة فون دير لاين، وذلك “في زيارتي الأولى لبروكسل، بعد هذا التطور النوعي في العلاقة بين الجانبين، مشيرا إلى أن رئيسة المفوضية الأوروبية لعبت دورا محوريا، في دفع هذا التعاون إلى الأمام.
كما أكد أن مصر تبادل الالتزام الأوروبي، بالعمل الدؤوب لتعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية، على أسس عملية ومستدامة.