بقلم: خالد بنيصغي
تعالت الأصوات في مجموعة من الدول العربية بإلغاء عقوبة الإعدام ، ويمكن ربط هذه الحركات بالعولمة عامة ، ومن بين هذه الدول المغرب الذي يعرف نشاط الأصوات العلمانية بشكل فظيع ومستفز للضغط على المملكة المغربية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام متناسين أن دستور المغرب ينص على أن الدين الرسمي للمملكة هو الإسلام .. وبذلك على المسؤولين الكبار كل من موقعه أن يحتكم إلى النص القرآني والسُّنة النبوية في التشريعات والقوانين بالرغم من أن القضاء المغربي يحتوي الكثير من الأحكام الوضعية التي تختلف عن ما يذكره القرآن وتؤكده السُّنَّة النبوية الشريفة ..
ونحن في هذا الكتاب اليوم سنبيِّن الحكمة من التشريع الإسلامي للإعدام ردّاً على مثل هؤلاء العلمانيين الذين يسيئون للإسلام من حيث يشعرون أو لا يشعرون ، متشدقين بالحداثة والديمقراطية .. على أن عليهم أن يخجلوا من أنفسهم وهم يدافعون عن مجرمين قتلة سفاكين للدماء بغير !!حق
علينا في البداية أن نشير إلى أننا نتحدث عن مجرمين قتلة اقترفوا جريمة القتل مع سبق الإصرار والترصد ، ولسنا نتحدث هنا عمن ارتكب جريمة القتل بالخطأ دون أي نية مسبقة في إحداثه .. أما من قتل بالعمد مع سبق الإصرار والترصد فيستحق عقوبة الإعدام لحكمة بالغة وبليغة في الإسلام الحنيف نوجزها كما يلي :
1 – تطهير المجتمع من المجرمين والقتلة ورد الاعتبار لأهل المقتول بالقصاص ، كما قال جل وعلا : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسنّ بالسنّ والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ).
ثم إن الإسلام اعتبر من فعل ذلك كأنما قتل الناس جميعا ، قال تعالى “ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ “
2 – ما لا يعلمه الكثير من العلمانيين هو أن الحياة إنما هي ابتلاء واختبار من الله عز وجل ، قال الله تعالى في سورة الملك “ تبارك الذي بيده المُلك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور “ ولذلك فالقاتل عمداً للنفس المؤمنة يعتبر خاسرا في الدنيا والآخرة – وربما – من أجل ذلك يكون قد تبوّأَ مقعده من النار ، فوضع له الإسلام حدّاً في اختباره في الدنيا لأنه كالغشاش في الامتحان فهو راسب دون حاجة لإتمام اختباره .. يقول الله عز وجل : “ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا “
3 – إن الله قد كرَّمَ الإنسان وفضّله على جميع مخلوقاته وجعل حرمته أعظم من حرمة الكعبة الشريفة فالإنسان عند خالقه محترم الدم والمال والعرض ، وهذه الحرمات لا يجوز التعدّي عليها أو التفريط بها ، فمن خلال هذه المكانة وباعتبار الحدود التي رسمها الله تعالى فإنّ الاعتداء على النفس البشرية يعتبر من أعظم الكبائر ، وعليه فإنّ من تسوّل له نفسه الاستخفاف بحياة البشر وإزهاق أرواحهم عمداً وظلما فلا بدّ أن يرتقب العقوبة الرادعة الزاجرة ، ولذا فإن الإسلام يرى أن تشديد العقوبة أمر ضروري حفاظا على السلامة الاجتماعية العامة .
هذه بعضٌ من حكمة تشريع الإسلام للإعدام عند قتل النفس عمداً .. وختاماً إن الإسلام الدين الكامل والتام الذي يعتني بحقوق الإنسان ويحفظها بالشكل المطلوب والناجح .. وهذا ليس بغريب على الله عز وجل أن يمنحنا ويخلق لنا ما يصلح لنا ويناسبنا تماماً ، وهو القائل في محكم كتابه “ ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير “ ..