بقلم: فرج ميخائيل
هناك انواع عديدة من الفقر وكلها تشعر الانسان بالضيق والقلق.
وأول ما يخطر على بالنا عند سمع كلمة الفقر هو الفقر المادى وهذا طبيعى لأنه اكثر الانواع خطورة بما له من تأثير عميق على كل جوانب الحياة وأهمها الثقافية والصحية.وهذا ما نتحدث عنه فى تسلسل درامى محزن : الفقر ..الجهل ..المرض.وكأن كل منهم نتيجة لما قبله..فالمادة تلعب دورا لانستطيع ان ننكره فى المستوى الثقافى الذى بدوره يؤثر على اسلو ب التفكير و كيفية التعامل مع الازمات ومواجهة المواقف والذى يؤثر بدوره ايضا على ما نسميه عليه المستوى الاجتماعى..
وهناك ايضا الفقر المعنوى وهو الذى يشعر به الانسان رغم غناه!! فهناك من يمتلك الكثير من الممتلكات لكنه لا يستمتع بها لسبب او لأخر .. وهناك من لديه الكثير من الاصدقاء ولكن وقت الحاجة لا يجد من يطيب خاطره إلا حيوانه الاليف!!!وهناك من لديه المقام الرفيع ولكن عند بلوغ سن المعاش لا يذكر اسمه وكأنه لم يولد!!! وهناك من لديه الاخوة والأقارب والعزوة ولكنهم حوله فقط لغرض ما فى نفوسهم …والله اعلم…
و ايضا لا يجب ان نتجاهل الفقر العاطفى وهذا يصيب كل البشر الغنى والفقير …ذو المعالى و البسيط…المتعافى والعليل…الحاصل على اعلى الشهادات والذى لم ينل اى قسط من التعليم…
وهذا لانه يتعامل على المستوى النفسي الذي يرتكز على المشاعر التى كثيرا ما تتأوه من فرط الالم وعمق الجروح التى تحدث تغيرا فى ملامح الشخصية ولا من مداو ولا من بلسم يطيبها..
فتجاهل المشاعر والأحاسيس هى اقوى دافع للتغير للأسوأ..فنرى الضعيف يصبح جسورا و قليل الشأن يسعى للانتقام ممن عايروه ومن ليس له يلجأ الى كل الاساليب حتى يستحوذ على كل شئ…
والمظلوم يمد يده الى الشر لاسترداد حقه..
فأى شكل من الاشكال يكون عليه مجتمعنا.. وعلى أي اساس نبنى بيوتنا.. وعلى اى مبادئ نربى أبنائنا؟
فلننتبه يا سادة ..فللمشاعر اهمية قصوى فعلى اساسها يبنى مستقبل بلادنا . و بها ايضا نحافظ على تراثنا ونصون حضارتنا ونبرز تقدمنا ورقينا..
نعم العلم بدون شخصية سوية وقيم رفيعة انما يقودنا الى بناء مجتمع همجى يستخدم علمه لا للبناء والتقدم انما للدمار والانهزام.
فلنسعى الى تحقيق الحلم ..فلنسعى الى تحقيق العدالة الاجتماعية .. بالعمل والجد والاحترام والتقدير والاهتمام ومواجهة المواقف الصعبة ومجابهة المشاكل والسعى لحلها بالأسلوب الامثل الذى يرضى جميع الاطراف ويثلج النفوس ويدعم الحب والاستقرار..
فهكذا تبنى حضارات الامم ..
فمنذ القدم والى الان من الاسباب الاساسية لهدم الدول هى الصراعات والخلافات والانشغال بالمصالح الشخصية دون اعتبار للمرؤوسين.. كم من دول انهزمت لا بسبب ضعفها وقلة اعداد جيوشها أو لنقص معدتها ولكن بسبب عدم وحدة صفوفها و رفض الخضوع لعدم الثقة فى القائد فيفسحون المجال للخونة بخلخلة النظام …وبئس المصير…..
فلنسعى سويا لتحقيق السعادة بغنى النفس حتى يتسنى لنا تحقيق الغنى المادى والثقافى وأعظم انواع الغنى الذى لا يفنى هو الحب الذى يكمن فى قلوب المحيطين بنا..والاحترام والتقدير الذى يجب ان نتبادله دون تمييز..والسماحة التى تبعث الامل فى القلوب البائسة.