بقلم: كنده الجيوش
وكيف يمكن للمعكرونة السورية التي تنتجها او التي كانت تنتجها المصانع الغذائية العامة ان تكون على صلة بالمعكرونة في إيطاليا «الباستا» والتي تحضرها بعضا من ارقى المطاعم حول العالم باستعمال القمح السوري.
وكذلك أمثلة أخرى ومنها الزعتر البري في اليونان مثلا وغيره من المنتجات التي تم تداولها عبر دول البحر المتوسط وشعوبه التي تداخلت الى حد بعيد بعيد ووصل التشابه حتى إلى تنوعات تطريز الملابس التقليدية حتى يومنا هذا.
وكيف يمكن حتى يومنا هذا إن نرى مكتشفات لأثار رومانية وإغريقية نادرة تحكي قصصا وأحداث تاريخية كبرى وتدلنا على بعض من جوانبها المخفية في سوريا في تداخل إنساني جميل.
وهي ليست قصة نهاد قلعي رحمه الله بشخصية «حسني البورظان» في إحدى الأعمال الفنية وهو مسلسل صح النوم الذي يعرفه السوريون جيدا… عن ذلك الكاتب ومقولته الشهيرة: «إذا أردنا ان نعرف ماذا في البرازيل علينا ان نعرف ماذا في إيطاليا !» وطبعا من باب الفكاهة !!
القصة أجمل واعرق من هذا وهي تدل على تاريخ جميل وعريق لبلد مثل سوريا وجزء واحد بسيط جدا جدا مما قدمته او شاركت بصنعه مع غيرها من الشعوب.. وطبعا بلدان العالم جميعا لها ما تفخر به ولكن حديثنا اليوم عن سوريا.
وعُثر هذا الأسبوع على لوحة فسيفساء عمرها ١٦٠٠ عام في وسط سوريا ويبلغ قياسها 20× 6 أمتار تحت بناء في بلدة الرستن بالقرب من مدينة حمص.
ويقال بأن هذه اللوحة تُعتبر الأكثر ندرة من نوعها حيث تظهر مشاهد أسطورية لحروب من بينها حروب الأمازون وطروادة.
وقال همّان سعد، وهو مسؤول كبير في المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا: «الماثل أمامنا هو اكتشاف نادر على نطاق عالمي».
وأضاف أن لوحة الفسيفساء غنية بالتفاصيل، حيث تصور إله البحر الروماني نبتون و40 من خليلاته، بالإضافة إلى هرقل وهو يذبح ملكة الأمازون هيبوليتا.
وطبعا سوريا فيها الكثير من الآثار العريقة الكبيرة جدا والاهم بكثير ولكن ما يميز هذه اليوم هو جوانبها المخفية سابقا وندرتها ودلالاتها على أحداث تاريخية بالإضافة الى عودة سوريا الجريحة الجميلة الى عالم الآثار في صفحات الأخبار.
وحتى نرى الصلة فان هذه اللوحة او مجموعة اللوحات تدل على عمق التداخل التاريخي — وان كان من خلال فتوحات واستعمار — بين الإغريق والرومان وبين سوريا وبلدان المتوسط عموما.
ومن جانب أخر ولكن طريف بسيط وجميل ويعيش في بيت كل واحد منا ربما.. كم منا يعرف أن القمح السوري الصلب والقمح السوري الصلب الأحمر الذي يزرع في حوران وهي من أخصب الأراضي وتربتها الحمراء المميزة— وهي احد المناطق التي تواجد في الرومان بشكل مركز — هو النوع الرئيسي الذي يستعمل لإنتاج أفضل أنواع المعكرونة أو الباستا حول العالم.
وأنه قبل الحرب اللعينة كانت كبرى الشركات العالمية تتنافس في المزادات الدولية وتنتظر بفارغ الصبر إعلان سوريا عن عرض لبيع القمح الصلب والأحمر حتى تتهافت عليه. .. وربما هو ما تم اكتشافه في التاريخ القديم عبر العلاقات بين البلدان واستعمل في أيام الرومان وأخذته عنها إيطاليا.
وربما الآن نعرف لماذا المعكرونة السورية البسيطة التي كانت تنتجها شركات القطاع العام الحكومية في مدينة درعا ودمشق القريبة – بعيدا عن إنتاج القطاع الخاص الربحي- باستعمال القمح السوري البسيط كانت من أطيب أنواع المعكرونة حول العالم وبشهادة الجاليات الغربية في سوريا!
إذاً هو كان نوع من التبادل الجميل رغم جوانبه المتعبة والمؤلمة أحيانا! وحتى نبقى في إطار الإيجابية. نعم تبادل جميل.
سلام لسوريا وبلاد المتوسط وكندا والإنسانية جمعاء! تحية للمعكرونة!