بقلم: فريد زمكحل
فرضت الاضطرابات الاقتصادية التي تواجهها مصر في الوقت الراهن على الحكومة المصرية، ضرورة التفكير في إعادة إدماج جماعة الإخوان المسلمين المحظور نشاطها في مصر وتم تصنيفها بالإرهابية في المجتمع المصري من جديد، وهو ما كنت قد أشرت إلى إمكانية حدوثه في أكثر من موضوع، ويدَعي البعض بأن هذا الصلح المنتظر إتمامه كان بطلب علني من الجماعة للحكومة المصرية، وتحديداً من الدكتور حلمي الجزار القطب الثالث في الجماعة ونائب القائم بعمل المرشد العام للجماعة، هذا في الوقت الذي صرَّح فيه اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق بجهاز الأمن الوطني المصري في تصريحات لـ « العربية نت « و»الحدث نت»، إن ما يطلبه الجزار مرفوض خاصة وهو لم يأتِ على شكل مبادرة رسمية صادرة عن مجلس شورى الإخوان كما حدث في مبادرتهم في التسعينيات حتى مع إعلان حلمي الجزار عن استعداد الجماعة للتخلي عن العمل السياسي في مقابل إطلاق سراح كافة المعتقلين من عناصرها الموجودين في السجون المصرية مع التأكيد على اقتصار دور الجماعة على المجال الدعوي فقط.
وفي اعتقادي الشخصي أن هناك أكثر من سبب وراء تفكير الحكومة بإتمام هذه المصالحة مع الجماعة وقيامها بالإفراج الفعلي عن عدد كبير من قيادتها الموجودين في السجون المصرية مؤخراً منها التالي:
الضغوط الغربية الهائلة التي تمارس وتتعرض لها الإدارة المصرية من بعض الأنظمة الغربية الكبرى في العالم ومن بعض المؤسسات المالية القارضة لمصر ومنهم البنك الدولي باعتباره شرطاً اساسياً لمساندة النظام الحاكم تمويلياً وسياسياً للاستمرار وبالتبعية لحدوث الاستقرار السياسي والاجتماعي مع تحريك الموقف الاقتصادي المصري نحو الأفضل في الفترة القادمة وبما يضمن سيطرة الدولة على الموقف الاقتصادي المتراجع بصورة مستمرة ويهدد بقيام ثورة شعبية جديدة للإطاحة بالنظام الحاكم علاوة على أنه السبيل الأفضل لتحسين العلاقات الدبلوماسية بين بعض الدول الحاضنة للجماعة والداعمة لاستمرارها مع عودتها لوطنها الأم، وذلك من خلال فتح صفحة جديدة مع حكومتها الأم بعد رفع أسماءهم والقرار الصادر يشتمل على حوالي 715 شخصاً منهم من هم على ذمة قضايا أخرى منهم وعلى رأسهم الداعية وجدي غنيم. ومن هذه الأسماء أيضا المسجلة في هذه القوائم اسم لاعب المنتخب المصري والنادي الأهلي الشهير السابق محمد أبو تريكة الذي يُقيم في قطر منذ تصنيفه إرهابياً في مصر قضائياً وشعبياً.
وقد صرح الدكتور عمار على حسن أستاذ العلوم السياسية «لبي بي سي»، أنه في ظل عدم وجود معلومات واضحة عن تبعيات مثل هذه القرارات المتخذة ولا يمكن الحديث إلا عن تكهنات واحتمالات، منها أن تكون هناك مفاوضات سرية بين فصيل من تنظيم الجماعة والسلطة الحاكمة في مصر نجحت وأدت إلى هذا القرار وهذا احتمال أولى، إلا أنه يوجد احتمال ثاني، وهو أن تكون السلطات قد قامت بالاستجابة لنصائح دولية طالبتها بتلطيف الأجواء بشأن الأوضاع السياسية وحقوق الإنسان، وقد حدث ذلك ويحدث من آن لآخر من خلال فتح حوار وطني من خلال لقاءات لرئيس الحكومة مع بعض الكتَّاب والمفكرين للإفراج عن كل السجناء السياسيين ولو على فترات.
أما الاحتمال الثالث فيكمن في السلطة الحاكمة التي قد تكون ارتأت أنه من المهم إعطاء قدر من الحيوية للحياة السياسية في ظل التراجع الاقتصادي الكبير الذي تتعرض له البلاد حالياً.
والاحتمال الرابع والأخير والذي لا يمكن تجاهله بأن يكون ذلك قد تم بناءً على تعليمات مباشرة من إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، وذلك على سبيل المكافأة لقيامهم بحشد المسلمين والعرب لتأييد ومساندة الرئيس ترامب في الانتخابات الأخيرة وأدت إلى فوزه بشكل حاسم في هذه الانتخابات.
وإن كنتُ شخصياً استبعد هذا الاحتمال الأخير الصادر عن الدكتور عمار على حسن وذلك لقلة عدد الموجودين من أعضاء الجماعة في الولايات المتحدة الأمريكية وإن كنت أتفق مع الدكتور حسن في قوله بأنها قد تكون خطوة حقيقية نحو شئ إيجابي وقد تكون مجرد حركة لتمرير أزمة ما أو موقف ما فوق المتوقع.
في كل الحالات لا يجب في تقديري أن نسبق الأحداث وعلينا أن ننتظر قليلاً حتى تتكشف أسباب اتخاذ مثل هذه الخطوة، ومن يقف ورائها والهدف الحقيقي منها، وجميعها تساؤلات مشروعة ومن حق كل مواطن في مصر معرفة ما يحدث بالضبط؟ ولماذا يحدث الآن على وجه التحديد؟ ولصالح من وضد من ؟
وغداً لناظره لقريب!