بقلم: سليم خليل
إشترى أحد تجار السيارات المستعملة عدة آلاف يورو؛ العملة الأوروبية الموحدة ؛ من لبنان وهو من بلد عربي؛ وغادر لبنان إلى ألمانيا لشراء عدة سيارات مستعملة لتصديرها إلى أسواق مختلفة .
لدى وصوله إلى مطار ميونيخ وقبل مغادرة المطار ومثل العادة ؛ ذهب إلى المصرف في المطار لصرف مئة يورو إلى قطع صغيرة لحاجته وليدفع أجور التاكسي إلى مكان إقامته . بعد تقديم مئة يورو إلى موظف البنك ببرهة تقدم منه رجلان بلباس مدني وطلبوا منه مرافقتهما إلى أحد المكاتب حيث قالوا له المئة يورو مزورة ؛ ويتوجب التحقيق بمنشأ العملة المزورة .
فوجىء ذلك التاجر وأخذ يخرج آلاف اليورو من جيوبه ويضعها على الطاولة سائلا بإستغراب وخوف : رجاءً إفحصوا لي هذه العملات وآمل أن تكون غير مزورة لأني لا أملك سواها وهي كامل رأسمالي وإني هنا في ألمانيا لآشتري بها سيارات مستعملة ألمانية.
أخذ رجال الأمن العملات وثبتوا عددها بمحضر ضبط وأعطوه نسخة وسلموها لموظف آخر للتأكد من صحتها .
بعد الفحص أعطي تاجر السيارات وصلا بالكمية المزورة وأعادوا له العملات الصحيحة .
بعد التحقيق عن مصدر العملة قيل له إنه من تصرفاته تأكدوا من براءته وإنه ضحية العصابات واقتادوه إلى فندق المطار وقالوا له أنت ضيف ألمانيا لغاية إنتهاء التحقيق ؛ ولك الحرية الكاملة داخل الفندق حيث يوجد مطاعم وملاعب رياضية ومسابح وأساليب تسلية يمكنك الإستمتاع بها لتمضية الوقت !!
بعد عدة أيام طلبوا منه الذهاب إلى البنك حيث عوضت الدولة عليه كمية اليورو المزورة ؛ كما دفعوا له تعويضا عن إقامته في الفندق وتشكروه لأنه ساعد أوروبا على إكتشاف عصابة المزورين وإعتقالهم مع عملائهم في العالم !! كان مركز عصابة التزوير وطباعة اليورو في إحدى الجزر اليونانية في الخليج الذي تحده شرقا تركيا وشمالا اليونان .
إضافة إلى تكريمه طبع أمن مطار ميونيخ رمزا صغيرا على صفحة من جواز سفره بقرب تأشيرة الدخول ؛ وقالو له يمكنك الحصول على مساعدة السفارات الألمانية في العالم عندما تبرز لهم هذا الخاتم في حال الضرورة !!
كان أول رجاء طلبه من رجال الأمن الألماني عدم تبليغ إسمه إلى بلده العربي ؛ وأكدوا له أن التحقيق سري ولن يبلغ اسمه إلى أي سلطة خارج ألمانيا .
بعد ما يقارب مدة سنة تقريبا قرر التاجر السفر إلى ألمانيا ليشتري كمية سيارات مستعمله وذهب إلى سفارة ألمانيا في بلده للحصول على تأشيرة دخول .
عند مدخل السفارة وجد مثل العادة عشرات طالبي تأشيرة الدخول ووقف في الدور ؛ بعد ساعة تعب من الإنتظار فتذكر خاتم أمن مطار ميونيخ على جواز سفره ؛ فترك صف المنتظرين وتقدم إلى باب السفارة فاتحا جواز سفرة على صفحة خاتم الأمن الألماني وبرز جواز السفر إلى موظف السفارة المنظم لدخول طالبي التأشيرات ؛ فإذا بذلك الموظف يصطحبه إلى داخل السفارة حيث قَدمت له الضيافات ومنح تأشيرة دخول مجاملة مجانية لعدة سفرات وسألوه إذا كان بحاجة إلى أي خدمة أخرى.
غادر السفارة وقلبه يتسارع فرحا ومفكرا كم هو محظوظا لأن المشكلة حدثت في مطار ألماني وما هي الحال لو أكتشف العملة المزورة رجال الأمن في بلده وما هي إجراءات التحقيق التي كان سيتعرض لها بالإضافة إلى الخسائر المادية .