بقلم: عادل عطية
يا من تواجهون بعض الألم، فلا ترون إلا أنفسكم، ولا تحسّون إلا بآلامكم، ولا تسمعون غير صدي أوجاعكم!
أخرجوا أصابعكم من آذانكم، وأصغوا جيداً لصرخات الألم: الخرساء، والتي لا يمكن أن توصف في كلمات، والتي تدوي حولكم وكأنها لا تعنيكم أبداً!
أطلبوا من الله، أن يختم شفتيكم على أوجاعكم، وآلامكم الخاصة، متدربين بشغف عليها. واسألوه مزيداً من النعمة؛ حتى لا تديروا ظهوركم، وتتحجروا، حيث يجب أن تلتفتوا إلى العالم المتألم الدامع الباكي، وتسرعوا إلى آلام الآخرين الممدودة إليكم، وتضموها إلى صدركم، وتعانونها بصبر ـ مشاركة منكم للمتألمين والمعذبين في الأرض ـ. وأن يعينكم على أن تبذلون تضحياتكم، وتجعلونها جزءاً من لذتكم ترحماً على الذين فقدوا، ولم يساندهم أحد!
ولتكونوا ممتلئين بالرغبة والحرص على إبقاء أنفسكم جزءاً من الحياة؛ فالإنسان يصير إنساناً: حين يتألم لبؤس لم يصنعه بيديه، ولم يكن سبباً فيه، وحين يخرج من سجن ذاته، ويخفق قلبه مع أبعد نجم في السماء!
تعلموا الألم، ولير كل واحد منكم نفسه سليل آلام البشرية جمعاء، يتلاحم وأوصابها، يتجاوب مع احتياجاتها بقوة حبه، يطوي جوانحه على قلب رقيق، وعواطفه تفيض في أكثر من موقف!
لتكن الإنسان الذي يقاسي؛ فلا تسأل الذي يتعذب كيف يتألم، لأنه أنت.. تعرف الجرح في أعماق قلبك!
تعلموا الألم، من أجل الطفولة التي تنزف دماً، وتموت جوعاً وبرداً، واهرعوا لنجدتهم، ومدوا أيديكم إليهم، وعزّوا نفوسكم فيهم، وأبكوا عليهم، وفيهم: كل ما هو برئ، وتلقائي، وصافي، والحب، والصدق، وكل ما هو نظيف في هذه الحياة!
تعلموا الألم، من أجل أولئك الذين لم يتعرّفوا إلى فرح العائلة، وليس لهم في العالم من يعني بهم!
واحملوا قلوبكم، وابحثوا لهم عن: الراحة، والسعادة، والفرح الكياني!
تعلموا الألم، من أجل شباب في عمر الفرح، قلوبهم تدمع في حدقات عيونهم الشريدة، يبحثون عن اللذة المؤدية إلى الموت، ويبحثون عن إنسان: يهتم بهم، ويصرخ من أجلهم!
تعلموا الألم، من أجل الذين يتجرّعون الظلم، والتعسف، والاضطهاد، وتخنق حريتهم في القيود وراء القضبان والزنازين، وصلوا كثيراً من أجلهم!
تعلموا الألم، من أجل الذين يهلكون في مرافئ الرذيلة والشر، ولتكن كل خلية في جسمكم غدة دمعية، وصلوا بحزن من أجلهم، ومن أجل خلاصهم!
تعلموا الألم، من أجل الإنسان الذي يضرب بالحروب الشيطانية، يتمزّق، وعرق الجهاد يتصبب من قلبه، وهو يجری في سباق المجد، وساندوه بابتهالاتكم!
تعلموا الألم، وغيّروا بالمحبة، والعطف، طبيعة الحياة على الأرض؛ حتى يتراجع الألم، ويشفي الله جروحه في هذا العالم!…