بقلم: هيثم السباعي
هذه المقاله والمقالة التي سبقتها تعبران عن رأي كاتبها، وهما تمثلان أسوأ الإحتمالات الموجوده قيد الدراسة على طاولة مفاوضات الكبار حول مصير الأزمة السورية وتوزيع مناطق النفوذ على أراضيها. قمت بنقلها كما وردت دون زيادة أو نقصان مع تمنياتي ورجائي المخلص الذي يشاركني بها جميع السوريين الغيورين على وطنهم بأن لايكون مصير بلادنا كما ورد بهذا التحليل الذي أرى أن أقل مايقال فيه أنه مخيف. (المهندس هيثم السباعي).
٢. يعتبر التنافس حول تمديد خطوط أنابيب لنقل الغاز (تتمة)
رفضت سورية عرض قطر وقامت في عام ٢٠١١ بعقد إتفاق مع إيران والعراق على تمديد خط أنابيب يصل حقل غاز “جنوب پارس” الإيراني إلى أوروپا. يمر الخط من “العسالويه” بإيران إلى أوروپا عبر إيران وسورية ولبنان، على أن تكون سورية مركز التجميع والإنتاج. ماتت جميع هذه المشاريع دون نشر نعواتها، لأنه لايوجد دائن واحد يخاطر بمثل المجازفة المادية الكبيرة جداً، حتى في حال الحصول على عقد طويل الأجل. المخاطرة الديبلوماسية لاتقل سوءاً عن المادية لأنه يجب التفاوض على مسار الخط مع مجموعات وطنية ثانوية وربما حكومة سورية بقيت على قيد الحياة مع ماتبقى لها من القدرة المؤسساتية. كما أنه مع إكتشافات الغاز الوفير في المنطقة، فإن هناك طرق أخرى لمدير تنفيذي لشركة غاز للحصول على المتاعب بدلاً من حصوله عليها بالتورط في سورية، غير الآمنه.
يذكر أن المشاريع ليست عديمة الفائدة؛ بل بالعكس هي ذات منفعة سياسية ومادية. يمكن للقائمين على المشاريع -إيران وقطر- معالجة القتال بالحفاظ على أحلام السياسيين وأمراء الحرب حية بإغرائهم برسوم النقل ولكن “عندما يحين الوقت”.
٣. ممر إيران عبر سورية: أنشأت إيران ممراً عبر سورية لدعم نظام الأسد وحزب الله حليفها اللبناني، يوازي الحدود السورية التركيه قبل أن ينحدر جنوباً بإتجاه حمص واللاذقية. نقلت إيران الطريق، بسبب تمركز القوات الأميريكية في شمال شرق سورية، مسافة ١٤٠ ميلاً (٢٢٥ كيلومتراً) إلى الجنوب علما بأن منطقة دير الزُّور وأغلب محافظة حمص ستكونان تحت سيطرة السنه حسب التقسيم قيد المناقشة.
يعتبر فقدان الممر في المنطقة السنية خسارة إستراتيجية لطهران لأنها ستضطر إلى الأعتماد على الشحنات البحرية التي تم إعتراضها عدة مرات وعلى الشحنات الجوية المكلفة والمحدودة. إضافة إلى ذلك، فإن إستخدام إيران للخطوط الجوية لدعم الأسد وحزب الله سيعرضها إلى مزيد من العقوبات الإقتصادية من قبل الغرب وقد تُعطل صفقات طائرات البوينغ وإيرباص، في الوقت الذي تحاول فيه إيران العودة إلى السوق الدولية. بذلك تكون النتيجة إزدياد التوتر بين الأصلاحيين الإقتصاديين والحرس القديم الذي يمكن أن يُضعف جهود إيران التوسعيه لمصلحة جيرانها ومصلحة ضحايا الأسد وحزب الله.
٤. المشكله الأخيرة والتي يمكن أن تُغرق الأخرين وهي مشكلة اللاجئين والنازحين داخلياً. هناك حوالي خمسة ملايين لاجىء مسجل في لبنان وتركيا والأردن والعراق. لدى تركيا أكبر عدد من اللاجئين يصل إلى ثلاثة ملايين ولكن لديها أقوى إقتصاد متطور وقدرة على إستضافتهم، حالياً. يستضيف الأردن، اليوم أكثر من ٦٥٠ ألف لاجىءٍ سوري بينما يستضيف لبنان أكثر من مليون لاجىء، أي ٢٠٪ من عدد السكان البالغ ٤,٥ مليون. بالمقابل، يستضيف العراق ٢٠٠ ألف لاجىء جميعهم في مناطق تسيطر عليها الحكومة الكردية المحلية.
يبلغ عدد النازحين داخلياً ستة ملايين، أغلبهم نزح هرباً من مناطق الصراع المسلح وزيادة النشاط العسكري من قبل الولايات المتحدة الأميريكية وحلفائها التي قد تزرع بذور متاعب مستقبلية.
لايمكن للأردن ولبنان تحمل أعباء اللاجئين المادية إلى الأبد ولديهما قوانين توازنات طائفية غير مستقرة ونقص بالأموال لتغطية هذه الخلافات، لذلك، يجب أن تعطى الأولوية لإعادة السوريين الموجودين في لبنان والأردن إلى وطنهم، ولكن إعادتهم إلى أين؟؟؟؟ الطريقة الوحيدة هي إغراء الدويلات الطائفية والعرقية المستقلة ومناطق الحكم الذاتي بتخصيص حصة لها من عائدات النفط والغاز، عندها لن يكون لدى لبنان والأردن أي منفعة بالتأخير والأعذار.
لاتتضمن القائمة آنفة الذكر كل المشاكل، إذ من المتوقع أيضاً مواجهة المشاكل التالية:
أ) موضوع مرتفعات الجولان: هل إذا كان مصير سورية الموحدة إلى زوال ستقوم إسرائيل بضم الجولان إليها وينتهي موضوعها إلى الأبد؟؟؟
ب) هل ستقوم الدول المجاورة بإبتلاع الدويلات الطائفية/مناطق الحكم الذاتي العرقية؟؟؟ تركيا مثلاً لاتريد منطقة كردية سورية تتمتع بشبه حكم ذاتي؛ وربما تفضل، أقله كردستان عراقي أوسع. وفي العراق هل كردستان عراقي أوسع سيدفع الأكراد إلى طلب حصة أكبر من النفط ومن مقاعد مجلس النواب؟؟؟؟
ت) تلعب روسيا دور السارق والمعرقل: ستجعل روسيا الأمور صعبة على الأرض وفي مجلس الأمن في الأمم المتحدة، إذا لم تضمن قواعد بحرية وجوية في الجزء العلوي ومشاركة “غازبروم وروزنِفْتْ” شركتا الغاز والنفط الوطنيتان بتطوير الحوض الشرقي، كلاهما (الشركتان) تحت الحصار الإقتصادي المتعلق بغزو شبه جزيرة القرم ولهذا السبب يمكن أن يكونا لاعبان ضعيفين.
إستخدم تعبير “غير مسبوق” مرات كثيرة في الموضوع السوري، وربما حان الوقت لتطبيقه بموضوع التقسيم. لاتزال الترتيبات الدوليه الحاليه تحاول إعادة توحيد سورية ضمن حدودها الدوليه المعترف بها، إلا أن هذا يتطلب عمل البيروقراطيين ووكالات الإعانات ومقاوليها. أما خطة التقسيم النزيهه (غير المتحيزه) فستعطي لكل مجموعة طائفية وعرقية منطقة تخضع لسلطتها.
ث) هل يجب أن تتوحد سورية مع بعضها من جديد؟؟؟؟ ربما !!! ولكن هذا السؤال يجب أن يوجه إلى السوريين أنفسهم ولن تكون الإجابه جاهزة في الدورة الديبلوماسية الحالية. إستغرق إعادة إعمار أميريكا ١٢ عاماً (١٨٦٥-١٨٧٧) بعد الحرب الأهليه وكان القتال وقتها بين مجموعات من نفس العرق والدين ولم تكن أهدافها إبادة بعضها البعض. القرار النهائي في سورية سيتخذه الأحفاد.
چيمس دورسو لمجلة أسعار النفط الإلكترونية.