بقلم/ أسماء أبو بكر
ماذا عن مملكة الجبل الأصفر -المملكة المزعومة- التى فرضت نفسها كدولة جديدة علينا !؟ وهل ستكون هذه المملكة قاعدة أمريكية جديدة إضافة لقواعدها في المنطقة العربية لضمان السيطرة على المقدرات العربية والإسلامية ولضمان إستمرار التفكك العربي الإسلامى لقرن كامل؟!! لابد من وجود هدف وراء أي دعوى حتى ولو كانت صغيرة؛ فما بالك بقضية تتعلق بإقامة دولةٍ جديدة، بين دولتين كبيرتين في المنطقة مثل» مصر والسودان»، إن الأمر لا يخلو من نظرية المؤامرة الخبيثة من دون مبالغة..
أظن أن خريطةُ العالم ليست ثابتةً والدول كذلك؛ فالعالم بين عشيةٍ وضحاها يسقط دولًا ويقيم أخرى، وعلى الرغم من السكون الطويل أحيانًا، إلا أن عاصفةً هوجاء قد تحدث في أي لحظة،ففي الأيام الماضية أثيرت على الساحة أخبارٌ شكلت جدلًا واسعًا؛ تتحدث عن ميلاد دولةٍ عربيةٍ إسلامية جديدة تقع بين مصر والسودان، بئر طويل؛المنطقة التي لا تعترف أيُّ دولة في العالم بالسيادة عليها؛ فهي لا تغري أحد مساحةٌ ليست مبالغ فيها، وشحيحة الموارد تقريبًا، إن لم تكن معدمة بالمرة؛ لكن ما الجديد إذًا ؟! لا تظن أن الأحداث التي تجري حولنا تحدث بصورةٍ فوضوية، أو أن متغيرات العالم متروكٌ للصدفة البحتة، بل أن ما نراه أمام أعيننا في أيامنا تلك، ربما دُبر له منذ سنواتٍ خلت، فنحن لا نعيش فقط عصر تفتيت الدول إلى دويلات لبسط النفوذ عليها، بل أننا نحيا عصر ميلاد الدول الناشئة بل والدويلات أيضًا !!
أثارت مؤامرةٌ ومخططٌ شيطانى صهيونيٌّ كبيرٌ جدلًا واسعًا في العالم كله، بل إنها كارثةٌ يُعد لها على الحدود المصرية السودانية، فخلفَ قمةِ الجليدِ – لكل من يهمه الأمر – تحدث مؤامرةٌ كبرى تحاك بأيدٍ شيطانيةٍ خبيثة؛ لبث الفتنةَ بين مصرَ والسودان، والوقوع في فخ الخلافات الحدودية بين البلدين وإشعال النيران في ملف حلايب وشلاتين من جديد ..في الحقيقة تعجبت لدعم بعض الدول العربية والإسلامية والأوربية لهذا الهراء؛ لم يتعظوا بعد؟!!
والسؤال هنا.. هل يأتى إقامة دولة عربية مقتطعة من دول عربية بصناعة صهيو أمريكية وبتمويل عربي لتثبيت أركان الدولة اليهودية على أرض فلسطين ؟!وهل حقا ما يحدث فيها بداية لشرق أوسط جديد!؟ إن قضية الشرق الأوسط الجديد قضية مثارة على الساحة منذ سنوات طويلة، وهم يتحدثون عنها من جانبٍ إيجابي كأنه رؤية جديدة، على الرغم من ظهور النيات الخبيثة التي تحمل معاول الهدم والتدمير، ولا نستبعد أن تكون هذه الدويلة شوكةٌ في حلق مصر والسودان؛ لتكون بداية جديدة لنزاعاتٍ خمدت نيرانها؛وقد يحدث أحدهم نفسه قائلًا، أنها ربما تكون دولةً ذات أهداف سامية تسير وفق منهجٍ لا يتعدى على الغير!! ولكن لماذا في هذا التوقيت بالتحديد في ظل عدم استقرارٍ تشهده معظم دول المنطقة؛ فالدول التي تخلو من نزاعاتٍ خارجية، تسقط تحت وطأة التطرف الداخلي ولكي تظهر معالم هذه المسألة الجدلية يجب أن نجد إجاباتٍ شافية لهذه الأسئلة، وعند ذلك يمكن أن نستشف النيات من وراء هذه الأقاويل التي لم تتعد –حتى الآن- حدود الحبر على الورق: هل هناك مناطق في العالم ليست تحت أى سيادة !؟وهل العالم سيعترف بمثل هذه الدولة !؟ وهل حقا ظهرت دولةٌ ذات سيادةٍ بين مصر والسودان !؟ وهل بالفعل توجد أرض لا تخضع لسيادة أى منهما؟! وأين رد الخارجية المصرية على هذه العجوز الشمطاء التى تقول أنها رئيسة وزراء هذا الكيان وأين المخابرات العامه والعسكرية والقيادات السياسية ؟! وهل ستنجح مخططات الاستهداف الاستعمارى لأمة العرب ومقدراتها؟!
أتوقع أن أخطر ما في الموضوع هو ما يتعلق بموقع هذه الدويلة المزعومة، ووفقًا لزعامة المحامية الأمريكية «نادرة ناصيف» فهى تقع على مساحة أرض بين مصر والسودان بالقرب من منطقة حلايب ،وتصفها إنها أرض تصنف ضمن الأراضي المباحة التى لا تخضع لسيادة أى دولة منهما؛ كيف ذلك؟! وهل يوجد بين مصر والسودان أرضٌ لا تخضع لسيادة أى منهما؟!أم أن هذه هى المؤامرة الصهيونية!؟
في الحقيقة أن هذه الشمطاء «نادرة ناصيف» تحاول إستغلال ما حدث سابقًا من خلاف تاريخي بين مصر والسودان حول حلايب وشلاتين وبشكلٍ عام حول ترسيم الحدود بينهما،وما ترتب عليه من وجود «جيب» من الأراضي أسفل خط عرض 22 تقول مصر انه يدخل ضمن حدود السودان بينما يراه السودانيون أرضا مصرية ،وهكذا تعتبر هذه المحامية هي والذين يحركونها من خلف الصورة أن هذه الأرض ليست مصرية ولا سودانية وكل من البلدين لا تراها خاضعة لسيادته، فمن الطبيعي الأن أن تتحرك سلطات مصر والسودان لإيضاح الوضعية الجغرافية لهذا الجيب الحدودي وأعتقد أن هذا في حد ذاته هو المطلوب بالنسبة لهم، بالتأكيد الشديد سيترتب على ذلك فتح الملف الحدودي بين البلدين بشكل كامل بما في ذلك ملف حلايب وشلاتين ليستفحل الخلاف بين الدولتين ويتطور إلى نزاع دولي كبير وهذا هو هدفهم الخبيث وهنا تكمن الخطورة في ظل الأوضاع السياسية الحالية في السودان الشقيق وفي مرحلة تأسيس دولة ما بعد «ثورة الحرية والتغيير» ذلك هو الخطر الكبير الذي نحذر من الوقوع في فخه أو التراخي في مواجهته أو الاستخفاف به، الأمر يتطلب تحركا فوريا وجادا من قيادتي الدولتين لإحباط هذا المخطط الماكر ووأده في مهده قبل فوات الأوان ..
كل هذه الادعاءات تأخذنا إلى الصراع الذي دار بين كرواتيا وصربيا على بعض الأراضي المتنازع عليها، وتركهم لمجموعة أراضي لا يرغبون في فرض السيادة عليها، الأمر الذي دفع أحد الأشخاص ويدعى Vit Jedlicka بإعلان هذه المنطقة دولة وأطلق عليها «جمهورية ليبر لاند» لكن بالطبع لا توجد مقومات الدولة في هذه البقعة أيضًا لكن الأخير صدق حلمه وبات يجمع الأموال ويرسل الدعوات من أجل وضع دولته الوليدة على خريطة العالم، ومن يدري ربما تصبح دولة حقيقية في الأيام القادمة..
من خلال ما سبق، ومع ترابط خيوط القضية، تشير كل الأحداث إلى الأصابع الخفية، ولست ممن تسلب عقولهم نظرية المؤامرة، لكنه واقعٌ نعيش فيه، لا يجب أن نعطيه أكبر من حجمه، وكذلك ليس من الحكمة أن ننكره لأننا عاجزين عن مواجهته، لذلك أوكد أن الماسونية والصهوينه وراء تمويل إنشاء هذه الدولة؛ مخطئٌ من يعتقد أنَّ المقال سينتهي دون ذكر الماسونية والصهوينة، فلا يوجد أمرٌ غامضٌ في المنطقة العربية والعالم كله اليوم إلا وتكون هذه المنظمات خلفه، لما لا وهدفهم الأول تفتيت الدول الكبرى إلى دويلات يسهل السيطرة عليها، وبسط نفوذهم؛ لاستنزاف ثروات الشعوب..
ولنا في التاريخ العبر؛ فالمنظمات السرية في العالم ليست من ضروب المبالغة الحمقاء، لكن إذا جعلنا أنفسنا رهن المؤامرات دون أخذ خطوة للأمام هذا هو الحمق بعينه.. ولن أشير إلى تحليل الأمر تحليلًا رمزيًا وغير ذلك من الأمور التي باتت مهضومة لدى الجميع، لكن من المستفيد من وضع هذه الغصةِ في حلق بلدين كبيرين مثل مصر والسودان؟!
خلاصة القول ..«كل لبيبٍ بالإشارة يفهمُ » ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه في كل حدث جَلَلْ ماذا بعد؟! هل نرفع الرايات البيضاء، أم ندس رؤوسنا في الرمل مثل النعام، ونشارك عدونا نهش لحم إخواننا ؛ولذلك اناشد المخابرات العامة والقيادات السياسية في مصر بسرعة إتخاذ إجراءات صارمة لوقف مثل هذا العبث حتى لا نقول بعد ذلك: «أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض»..