بقلم: علي عبيد الهاملي
كاتب وإعلامي إماراتي
في زمن الفوضى، حين تختلط الأصوات وتختل البوصلات، تُصبح الحقيقة عملة نادرة، وتُصبح السمعة هدفًا سهلًا لمن يفتقدون القدرة على البناء، فيلجؤون إلى الهدم. في هذا الزمن الملتبس، نجد أن دولةً مثل دولة الإمارات تُصبح محطّ الأنظار، لا لشيءٍ ارتكبته، بل لما تمثله من نجاح، ومن استقرار، ومن مكانة صنعتها بالعمل لا بالشعارات.
لقد فشلت كل محاولات تشويه صورة دولة الإمارات، لأنها قامت على وهمٍ لا يصمد أمام الواقع، وعلى حقدٍ لا يصمد أمام التاريخ. فمنذ سنوات، تتعرض دولة الإمارات لحملات مغرضة، تُطلقها أقلامٌ مأجورةٌ، ومنابرُ مأزومةُ، وجماعاتٌ لا ترى في نجاح الغير إلا تهديدًا لمشروعها. ولكن، ورغم كل هذه المحاولات، بقيت دولة الإمارات كما هي؛ تمضي في طريقها واثقة، صامدة، لا تلتفت إلى الوراء، لأنها تعرف أن القافلة لا تتوقف عند كل نباح.
الذين حاولوا تشويه صورة دولة الإمارات، لم يقرؤوا تاريخها جيدًا، ولم يعرفوا رجالها. لم يفهموا أن هذه الدولة الصغيرة في مساحتها، كبيرة في طموحها ورؤيتها، بُنيت بسواعد رجالٍ آمنوا بالوحدة، فصنعوا منها وطنًا أنموذجًا، وأمة تتحدث لغة المستقبل. أرادوا أن يوقفوا مسيرتها فخابوا، أرادوا أن يشوّهوا صورتها فانعكست أباطيلهم عليهم، وبقيت دولة الإمارات على عهدها؛ صوت العقل حين تغيب الحكمة، ويد البناء حين تكثر معاول الهدم.
لقد واجهت دولة الإمارات الحملات المغرضة بالصمت الحكيم تارةً، وبالرد المتزن تارةً أخرى، لكنها في كل الأحوال كانت تُفضّل أن تتحدث عنها أفعالها لا أقوالها. فلم تُنصّب نفسها محاميًا يدافع عن ذاته، بل تركت الميدان مفتوحًا، لتتكفل إنجازاتها بتفنيد كل ادعاء، وتُظهر الصورة الحقيقية لوطنٍ لا يملك إلا أن يكون في طليعة الدول والأمم.
ما لا يفهمه البعض أن الإمارات دولة مشروع، لا دولة شعار. وحين تكون دولةَ مشروعٍ، فإنك ستُزعج من لا يملكون إلا الصراخ. ولذلك، حين تبني مدينة ذكية، أو تُطلق مسبارًا للمريخ، أو تُدخِل الذكاء الاصطناعي في مناهجك التعليمية، أو تُحوّل صحراءك إلى واحة علم وثقافة، أو تصبح فرس رهانٍ يحاول الآخرون اللحاق به، فاعلم أن هناك من سيتوجس، ومن سيحاول تشويه ما لا يستطيع الوصول إليه.
ومع كل ادعاء، كانت الحقيقة تمضي أمام الزيف، تكشف هشاشته، وتؤكد أن دولة الإمارات لم تكن يومًا عبئًا على أحد، بل كانت دومًا نصيرًا للحق، وسندًا للمحتاج، وبانيًا للسلام، وصوتًا للتوازن في عالمٍ مضطرب.
لم تحقد دولة الإمارات على أحد، لكنها لم تسمح لأحد أن يتجاوز عليها. لم تتدخل في شؤون الغير، لكنها لم تتأخر عن حماية حدود مشروعها الوطني. ولم تُعلن العداء لأحد، لكنها لم تصمت حين اقترب التهديد من محيطها وأمنها.
إن الذين يراهنون على كسر صورة دولة الإمارات، ينسون أن الصورة ليست لوحة على جدار، بل هي سيرة ومسيرة، وأن المصداقية لا تُؤخذ من منشور، بل تُبنى على أعوام من العمل الشاق. ودولة الإمارات بنت مصداقيتها بعرق أبنائها وتضحياتهم، وإيمان شعبها بأن لا شيء يُبنى على الكراهية، وكل شيء يُبنى على رؤية واضحة. وها هي اليوم، رغم كل محاولات التشويه، أكثر حضورًا على الساحة الدولية، أكثر صدقية في محافل السياسة، أكثر احترامًا في ميادين الاقتصاد، وأكثر ثقةً لدى شعوب العالم.
لقد انتصرت الحقيقة، لا لأن دولة الإمارات رفعت راية الدفاع، بل لأن الأباطيل لا تعيش طويلًا، ولأن الشمس لا تُغطى بغربال، كما يقال. وسيبقى من حاولوا التشويه أسرى أوهامهم، في حين تمضي دولة الإمارات، كما عهدناها، تصنع أمجادها، وتُراكم إنجازاتها، وتفتح أبواب المستقبل على اتساعها، لمن أراد أن يشاركها البناء، لا أن يُحاربها بالهدم.:
الإمارات لم تكن يومًا بحاجة إلى من يزكّي مواقفها، ولا إلى من يجمّل صورتها. صورتها نُحتت في ذاكرة الشعوب بيد الإنجاز، وبمداد الرؤية، وبإرادة لا تهتز أمام العواصف. الإمارات لا تُعادي أحدًا، لكنها لا تسمح لأحد أن يُعادي مشروعها، ولا أن يشوِّه ملامحها، لأن من يعرف من يكون، لا تزعزعه الأكاذيب، وإذا كان البعض يعيش على افتعال الخصومة، فإن الإمارات تعيش لتصنع الأمل، وتبني المستقبل، وتكتب اسمها في سجلّ الأمم، ليس بالحبر، وإنما بالفعل.