بقلم: نعمة الله رياض
الجزء الثاني:
دعلي مقاعد وثيرة في مقهي يطل علي شاطئ بحيرة ميتشجان بالقرب من جامعة شيكاغو بأمريكا، جلست سوزي مع إبنها مارتن وإبنتها ماجي بعد ما ألقت محاضرة في جامعة شيكاغو تلبية لدعوة موجهه للجامعة الأمريكية بالقاهرة، حيث تعمل سوزي .. راحت تتذكر ما جري لها وأسرتها منذ هربت مع حبيبها براون من مركز الأبحاث بأديس أبابا منذ أكثر من ثلاثين عاما إلي غابات أفريقيا الكثيفه..
عاشوا متنقلين من مكان لآخر في غور الغابات لأكثر من أربعة أعوام دون أن يقابلوا أى إنسان حي .. في أكواخ صغيرة شيدوها أثناء تنقلاتهم ولدت إبنها مارتن وأسمته علي إسم طبيبها في مركز الأبحاث، ثم ولدت ماجي وأسمتها ماجي، أيضا علي إسم معلمتها في نفس المركز ..
عندما إقتربا من البحيرة الكبيرة ، شاهدت سوزي وبراون عدة اكواخ مشيدة علي ضفة البحيرة .. عندما حل المساء أمضوا ليلتهم نائمين علي ربوه تطل علي أكواخ القريه، كان براون ممسكا برمحه يحرسهم أثناء إستغراقهم في النوم .. في سكون الليل، أحس يراون بخطوات تقترب ، وقف متحفزا رافعا رمحه في الهواء .. مرت لحظات بطيئه وفجأة عج المكان برجال مسلحين بالسيوف والرماح يصيحون صيحات القتال .. إستيقظت سوزي مذعورة وإحتضنت أولادها وتكوموا خلف براون يحتمون به، هجم أحد المقاتلين علي براون برمحه ، راوغه براون وسدد رمحه في جسد المهاجم فاصابه في كتفه ووقع علي الأرض فإندفع مقاتل آخر ليصيب براون في ذراعه ويسقط رمحه علي الأرض ليلتقطه مهاجم ثالث , وبذلك أصبح براون مجردا من السلاح فإستسلم هو واسرته للمهاجمين .. تم أسرهم وإقتيادهم لكوخ زعيم القبيله الذي حيا شجاعة براون وعرض عليه الأمان والإنضمام إلي القبيلة هو وأسرته .. وافق براون وانضم إلي مقاتلي القبيلة وأقام هو وسوزي في كوخ صغير بالقرية كانت سوزي تعلم أطفال القرية اللغة الإنجليزية التي تعلمتها من معلمتها ماجي بمركز الأبحاث بأديس أبابا، ونالت بذلك إعجاب وعطف جميع أهالي القرية .. عاشت سوزي وأسرتها حوالي خمس سنوات إلي أن فوجئت بمقاتلي القبيلة يعودون حاملين براون وبه إصابات جسيمة من معركه خاضوها ضد قبيلة معادية .. يذلت سوزي وسحرة القبيلة جهودا مضنية لإنقاذ حياة براون لكنه لفظ أنفاسه وهو يطلب من سوزي العودة لمركز الأبحاث في أديس أبابا.. وافق زعيم القبيلة علي رجوعها لأديس أبابا إكراما لروح براون الشجاع وتقديرا لخدمات سوزي لأطفال القرية , وأرسل مع سوزي وأولادها اثنين من المقاتلين الأشداء أبحروا في قارب في بحيرة توركانا علي الحدود الكينية الأثيوبية حيث تقع القرية، ثم شقوا طريقهم وسط الغابات وساروا علي الأقدام بمحازاة بحيرة اربا مينش حتي وصلوا لمدينة ديللا، ومنها إستقلوا سيارة نقل قديمة قادتهم في طرق ترابية وتابعوا بعد ذلك بأتوبيس عام إلي مدينة أواسا ومنها وصلوا أخيرا لمشارف العاصمة أديس أبابا .
ذهبت سوزي مع أسرتها إلي مستشفي كبير في العاصمة وسألت عن مكان مركز الأبحاث الذي كانت تقيم فيه قبل هروبها مع براون منذ أكثر من عشر سنوات، أخبروها انه تحول إلي مستشفي حكومي بعد أن تنازل عنه صاحبه الملياردير نبيه رمسيس للحكومة الأثيوبيه ..
توجهت لهذا المستشفي الذي كان مقرا لمركز الأبحاث لتسأل عن طبيبها مارتن ومعلمتها ماجي، لكنها علمت من إدارة المستشفي أنهما غادرا المركز وعادا لموطنهما في الولايات المتحدة الأمريكيه ، لكنهم اخبروها أن يوجد بالمستشفي حارس كهل ما زال يعمل منذ أكثر من خمسة عشر عاما.. حضر الحارس وضحك بصوت عالي فور رؤيته لسوزي, فقد كان نفس الحارس الذي أغرته وضربته ليفقد وعيه ليمكنها الهرب مع حبيبها براون .. إحتضنت الحارس وقبلته وإعتذرت له عما فعلت ، فقبل إعتذارها …
قام الحارس بالإتصال بالملياردير نبيه وأخبره بما حدث ..قامت الدنيا ولم تقعد من شدة الفرحة التي عمت أرجاء شركات الملياردير نبيه .. حضر نبيه ومعه إبنه الدكتور كمال علي وجه السرعة وتحققا من إنها سوزي بعد إجراء إختبار الحمض النووي عليها .. إستخرج نبيه مستندات شخصية وجوازات سفر لسوزي وأبنائها مارتن وماجي وإصطحبهم في طائرته الخاصة للقاهرة .
عقد مؤتمر صحفي ضخم, كان من المقرر عقده في أديس أبابا منذ أكثر من عشر سنوات وألغي بسبب هروب سوزي وبراون .. أحدث المؤتمر ضجة علمية وعلي مستوي دولي لثبوث أن سوزي هي أول إنسانة في التاريخ يتم إستنساخها من الحفرية المتحجرة للوسي والتي قدر عمرها بأكثر من ثلاثة ملايين عاما !! .
أقامت سوزي مع أولادها في ضاحية هادئه في القاهرة تحت رعاية الدكتور كمال وادخلت ابنائها مدارس، وحتي هي فقد أنهت المرحلة الثانوية والتحقت بالجامعه الأمريكيه بالقاهرة ثم أصبحت محاضرة فيها بعد التخرج ..
أصبح الإستنساخ مقننا علي مستوي العالم وتحت شروط صارمة لعدم حدوث تجاوزات، أو جرائم أخلاقية .. وأمكن للعلماء مع تقدم الأبحاث أن تكون الأم الحاضنة أنثي شمبانزي بعد معالجة جيناتها الوراثية, ليمكن أن تحمل بويضة آدمية مخصبة وذلك بإدماج النواة التي تنتمي للكائن الذي يراد إستنساخه داخل بويضة مفرغة النواة ايضا من أنثي بشرية, ثم يعرضون البويضة لشحنة كهربية, فيبدأ الانقسام لنواة الخلية الاولية ويتكون الزيجوت وهو مجموعة الخلايا الاولية التي تبدأ عملية الانقسام المتتالي وصولا الى تشكيل الجنين الذي تحتضنه أنثي الشمبانزي وتلد يذلك نسخه طبق الأصل للكائن الذي يراد إستنساخه .. ويذلك توفر الشمبانزي علي الأم البشرية متاعب الحمل والولادة ..
كانت لسوزي أمنيه طلبت من الملياردير نبيه أن يحققها لها .. أن يتم إستنساخ حبيبها براون بواسطة خصله من شعر رأسه إحتفظت بها كذكري طوال هذه الأعوام بعدما مات براون متأثرا بجراحه .. وافق نبيه لتكتمل فرحة سوزي فلقد عاشت أجمل أيامها مع حبيبها المستنسخ براون … وعما قريب ستحتفل بمولد براون الصغير بإعتباره إبنها الجديد المستنسخ ..!!!