بقلم: عادل عطية
كان يتحدث عن الضوء، وكأن الضوء ظلام آخر!
«كيف؟!».. تنتهي بعلامة استفهام شامخة، تحاكي برج القاهرة في علوه وضخامته. وكنت كمن ينظر من خلال ذلك المنظار الذي يعتلي ذلك البرج؛ ليكتشف أهم معالم تفكيره!
أغمض عينيه، وكأنه يحاول استخراج ذكرى ما، وقال: «كنت أحب النور في إشراقة الشمس في طريقي إلى عملي، وفي ضوء القمر، عندما كان يحلو لي السهر. في ليلة فاصلة، بينما كنت عائداً إلى بيتي، أنطلقت أضواء باهرة من كشافات أمامية لسيارة مقابلة على الجانب الآخر من الطريق، فأغمضت عينيّ، ولم أفتحمها إلا ووجدت نفسي على أحد أسرة مستشفى للطوارئ؛ ذلك انني أصبت في حادث تصادم مريع، وبت أرى خلف كل كشّاف سيارة ظلام موت آتٍ، أو: ظلام دائم في العينين».
«إنّه اتهام غير منصف للنور؟»، قلت ذلك بطريقة وكأني أتعارك مع كلماته، حتى أقتل فكرته السيئة عن النور.
«ألم تسمع عن الجلادين، اللذين يسلطون الضوء الشديد نحو عيون من يعذبونهم، حتى لا يرى الضحايا معذبيهم. وألم ترى الفراشات، وهي تحترق وتتبدد بسببه. وألم تسمع عن الآلام التي لا تحتملها العيون الرمداء؛ لأن الضوء يخدشها…؟»
«وهل تظن أن النور خُلق لذلك، أم أن الإنسان وحماقة الفراشات، هي التي تسيء إليه، حتى صارت هناك تحالفات ضده، تبدأ بالخسوف، عندما تتوسط الأرض بين الشمس والقمر، ولا تنتهي بالذين يأتون بالمصباح المعتم ليخنق الضوء، ويحبسه عن عيون الناظرين إليه؟!».