بقلم : ﭽاكلين جرجس
لحظات شديدة الغموض، لا يعرف الإنسان كيف تأتي أو متى تأتي، لكنّ إحساساً غامضاً، وحدثاً مبهر يحدث غالبًا عند منتصف الليل حيث يجتمع عشاق المغامرة حيث الإنبهار و الغموض و الرهبة تتجلى فى كل مكان تحت سفح الجبل أو بأعلى نقطة فى الجبل عليك فقط ألا تكون وحيدًا انضم لإحدى مجموعات راغبي تسلق الجبال لتبدأ المغامرة فى تلك البقعة المميزة من أرض مصر و التى ناجى فيها الله موسى النبى ؛ و لتكن مطمئنًا سيكون معك دليلك الخاص ممنوع صعود الجبال دونه هو من بدو سيناء و الأكثر إلمامًا بتلك المنطقة الوعرة ؛ كن أيضًا مستعدًا للمفاجأت فشرح المرشد لمعالم تلك المنطقة التاريخية و الأثرية سيصيبك بالذهول ، و لإضفاء جوا من التمييز و الغموض سيطلق المرشد اسم لمجموعتك لينادي به عليكم خلال رحلة الصعود والهبوط حتى لا يضل أحدًا الطريق.. و هنا ألتقط أنفاسك و لنبدأ المغامرة على وعد باللقاء على قمة الجبل في انتظار لحظة شروق الشمس بأشعتها الذهبية وهي تغمر سلاسل الجبال بنورها.
اخلع نعليك فى هذه البقعة المقدسة فأنت الأن على سفح جبل موسى الذى يتيح لك رؤية أروع منظر طبيعي بين قمم الجبال التي تتلون بألوان مختلفة ،و جواره جبل سانت كاترين أعلى قمة فى مصر بلونه الأخضر و تسكوه بلورات الثلج البيضاء ، مدينة سانت كاترين بأسرها تتحول إلى اللون الأبيض النقى فى الشتاء، استمتع بتصوير المناظر الطبيعية الخلابة قبل أن تبدأ رحلة النزول التي غالبًا ما تكون أسهل ، خلالها يمكنك مشاهدة منازل البدو في أحضان الجبال، وأشهرهم قبيلة الجبالية.
وقبيل المغادرة سيصطحبك المرشد للتجول في أقدم دير في العالم هو دير “ سانت كاترين” و هو يوحى بقلاع القرون الوسطى، سمي الدير باسم القديسة كاترين التي هربت من الإسكندرية خوفًا من اضطهاد الإمبراطور الروماني لها لاعتناقها المسيحية، وعاشت تتعبد في هذه المنطقة التي سميت باسمها ، وإن كنت من محبى القراءة ستجد ثانى أهم مكتبة فى العالم بعد مكتبة الفاتيكان و تضم آلاف المخطوطات الأثرية باللغات اليونانية والسريانية والعربية، قد تتفاجأ عندما ترى نسخة من وثيقة “العهدة المحمدية” التي تعهد فيها الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، بحماية ساكني الدير في كل زمان عندما لجأ إليه المطارنة والرهبان طلبًا للحماية فما كان من النبي الأكرم إلا أن تعهد بذلك ملزمًا المسلمين بحمايته إلى يوم الدين.
ويعتبر هذا الدير الوحيد في العالم الذي يحتضن بين أرجائه مسجد، وهو مسجد “الحاكم بأمر الله” .
بالرغم من قصر الرحلة إلا أنها ممتعة حقًا استرخ قليلا قبل التجول فى المدنية لشراء المنتجات البدوية التذكارية ، و لا تنسى التسكع بين البيوت فهى كنز معمارى و لوحة فنية بديعة تتلاحم فيها البيوت بالحدائق بإطلالة بيزنطية من القرن الرابع الميلادى، علاوة على ذلك هناك تناغم واضح بين الطبيعة والمبانى الروحانية التى تتميز بها المنطقة، أعدك أنك ستكرر هذه الرحلة كلما استطعت حيث الطبيعة الخلابة التي شهدت أحداث تاريخية دينية جعلتها أرض مباركة.
و لإضفاء مزيد الجمال فى تلك الرقعة المميزة قامت الدولة بعمل تنمية شاملة لمنطقة سانت كاترين من خلال مشروع “التجلى الأعظم” وإنشاء “مزار روحانى” على الجبال المحيطة بالوادى المقدس لتعظيم الاستفادة من مقومات المدينة السياحية و وضعها فى مكانتها اللائقة التى تستحقها هذه البقعة الطاهرة المقدسة من أرض مصر .
مشروع التجلى الأعظم يتضمن حماية صحراء سانت كاترين والتنوع البيولوجى وعمل بنك جينات للفصائل النادرة والتراث الثقافى للبدو وإدراجه فى مخططات التنمية والإدارة وهناك برنامج واضح للحفاظ على المنطقة كتراث معمارى، ومن الجانب الاجتماعى فإن المشروع يتضمن تحويل التراث الثقافى والطبيعى ليؤدى وظيفة فى حياة المجتمع المحيط وتشجيع المجتمع باستثمار موارد فى التراث ومشاركة القيادات المحلية والأهالى فى كل مراحل المشروع ، سيتم الضخ بمشروعات عملاقة وإعادة تشغيل مطار سانت كاترين، ليسع 600 راكب في الساعة، و إنشاء منتجعات وفنادق تتماشى مع البيئة الموجودة لسانت كاترين، وافتتاح مستشفى على أعلى مستوى وممشى سياحي، وطريق جديد بين سانت كاترين، والطور وسانت كاترين، وشرم الشيخ وغيرها.
ومع بداية فصل الشتاء و بالتزامن مع احتفالانا بيوم التسامح العالمى فى 16 نوفمبر و الذى تعبر عنه تلك البقعة المقدسة حيث تم انعقاد ملتقى للسلام العالمى بها وأيضًا بإنتهاء مؤتمر المناخ الناجح الذى كان فرصة هامة لتنشيط السياحة المصرية علينا أن نبدأ بأقصى سرعة فى وضع حملة تسويقية كبرى لسانت كاترين بشكلها الجديد، خطة تجمع بين السياحة الشاطئية والدينية و المغامرة، نحن فى انتظار هذا الحدث الجلل و إلى ذلك الحين علينا فقط الانتظار و المشاهدة فى صمت فكما يقولون الصمت فى حضرة الجمال جمال .