بقلم: تيماء الجيوش
مع صدور هذا العدد من جريدة الرسالة ستكون قمة الديمقراطية للعام 2023قد أنهت أعمالها في الولايات المتحدة الأمريكية و التي تُعقد للعام الثاني على التوالي من 28 الى 30 آذار/ مارس و ذلك بحضور عددٍ كبير شخصي او افتراضي عبر الانترنت من رؤساء دول وحكومات ووزراء و جمعيات و منظمات غير حكومية. عنوان القمة لهذا العام المساواة الجندرية شرط أساسي للديمقراطية.
Gender Equality as a Prerequisite for Democracy
تناولت القمة محاور أساسية بالغة الأهمية نذكر من بعض عناوينها : الشراكة من أجل الديمقراطية: مناهج جديدة للإصلاح، العدالة والسلم الدائمين لاوكرانيا، النهج المعقد لتحقيق المكاسب الديمقراطية، مكافحة الفساد كحجر زاوية لاقتصاد عادل وديمقراطي وخاضع للمساءلة، تقوية النقابات وحماية الديمقراطية، مكانة المرأة هي مكانة الديمقراطية، مواجهة الكراهية: معالجة العنف الناجم عن الكراهية باعتباره تهديدًا للديمقراطية ، الديمقراطية و دورها في جعل العدالة للجميع، الديمقراطية ومؤسساتها، تعزيز دور الشباب في المجالين السياسي والديمقراطي…الخ. نسوياً خُصِصَ للمرأة جلسة هامة قدّم لها وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ANTONY BLINKEN. حيث ذكر فيها أن مسألة شراكة النساء و الفتيات المدنية و السياسية هي أولوية رئاسية وحكومية وأن الديمقراطية تُعزز بمشاركة المواطنين كافة لا سيما النساء والفتيات .
وأشار إلى ثنائية تعاني النساء منها أولها قيام الحكومات القمعية بسّنِ قوانين الهدف منها تقييد الحريات الأساسية للمرأة ، ومنها حرية التعبير و حرية التجمع . و ثانيهما و بآنٍ معاً تقوم الجهات المتطرفة باستهداف النساء والفتيات. عّرج في كلمته أيضاً على العنف الموّجه ضدهن ومنه تعرض الصحفيات والمدافعات والسياسيات وغيرهن للمضايقات والانتهاكات المستمرة عبر الإنترنت، و محدودية الفرص للنساء المُعنفات للوصول للعدالة. وأضاف أن تعّرض النساء للتمييز غالبًا ما يضعهن في وضع غير مؤات – وذلك من خلال المعايير المزدوجة التي يواجهنها، و الوصول إلى الحقوق. برأيه وبالرغم من مواجهة هذه القوى ، تقود النساء والفتيات زمام الدفاع عن حقوقهن وحقوق الإنسان والديمقراطية في جميع أنحاء العالم ليبرهنَّ على أهمية وجود النساء في عملية صنع القرار. تلا هذه الكلمة نقاشاً قالت فيه سفيرة مساواة الجندر في السويد السيدة SOFIA CALLTORP Ambassador to gender equality
أن تمكين المرأة الاقتصادي ليس فقط بداية للمشاركة المدنية والسياسية بل هو أساسي لشمولية الديمقراطية و تعزيزها . بالإضافة الى ذلك قدّم الوفد السويدي ورقة توصيات تحدد وسائل عملية وفاعلة و تُشّكل منصة صلبة لحقوق المرأة ، ارتكزت ورقة التوصيات على ثلاثة نقاط أساسية في المساواة الجندرية و المسار الديمقراطي و هي على التوالي: 1- الشمولية، 2- الأطر التشريعية والسياسية ، 3-منع الصراع و السلام والأمن . أوضحت التوصيات حين تناولت الشمولية مدى تأثر المساواة المباشر وغير المباشر بمجموعةٍ من الأعراف و الممارسات و القوانين و السياسات الاجتماعية المعقدة ، ثم ما لهذه الأعراف والممارسات الاجتماعية والثقافية من دورٍ في الاندماج و زيادة حدّة التحديات التي تواجهها المرأة في ممارستها لحقها الديمقراطي إن كان مشاركة أو تمثيلاً أو قيادة في الحياة العامة. و أنه من الإفادة في هذا الحيز بناء تحالفات مع قادة المجتمع التقليديين لمعالجة الأعراف الاجتماعية والثقافية والقوالب النمطية والممارسات الاجتماعية الضارة التي تعيق المساواة بين الجنسين ومشاركة المرأة وتمثيلها وقيادتها. وفي معرض تناول منع الصراع نبهت في جزئية الاقتراحات الى أن مشاركة المرأة وتمثيلها في جميع جوانب عمليات والسلام والأمن ضرورية لتعزيز سلامة المرأة وأمنها والتي تؤدي بالتالي الى تقوية العمليات والمؤسسات الديمقراطية. أما من حيث التشريع و القانون فقد نحت التوصيات الى دمج المساواة بين الجنسين في جداول أعمال الديمقراطية الأوسع نطاقاً والاستفادة من الأطر الجندرية الدولية القائمة مثل اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) واتفاقية استانبول وجدول أعمال المرأة والسلام والأمن لتعزيز المساواة بين الجنسين في مساعي بناء الديمقراطية. لم يغب العنف ضد المرأة عبر الانترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي عن متن ورقة التوصيات داعية الى زيادة التنسيق بين المنصات عبر الإنترنت و الجهات التي تنفذ القانون من أجل تحديد هوية مرتكبي هذا العنف والرد على التهديدات ومحاسبة الجناة.
وفي معرض التوصية بشأن منع نشوب النزاعات والسلام والأمن، فإن تعزيز العمليات و المؤسسات الديمقراطية تعني الاستفادة من قرار مجلس الأمن رقم 1325 وجدول أعمال المرأة والسلام والأمن (WPS) لا سيما في مرحلة ما بعد الصراع وإعادة الإعمار وعمليات الانتقال السياسي لإنشاء وتعزيز العمليات والمؤسسات الديمقراطية وهياكل الحكم الرشيد . ناهيك عن إعطاء الأولوية لإدماج المرأة بشكل هادف كإستراتيجية رئيسية لمنع النزاعات ومعالجتها ، وبناء السلام والأمن وتعزيز المرونة الديمقراطية. و العمل بشكل تعاوني لتطوير استراتيجيات وأدوات للتخفيف من المخاطر التي تتعرض لها السياسيات والمدافعات عن حقوق الإنسان وقادة المجتمع المدني.
لم يكن هناك مشاركة عربية رسمية او مدنية في هذه القمة. على الرغم من أن محاورها الأساسية هي جذرية للمجتمعات على الصعد السياسية والأمنية و الاقتصادية. المساواة الجندرية هي حقاً أساس النظم الديمقراطية. لا يمكن بمكان أن تُقصي نسبة هامة من مجتمعك، لا يُمكن ان تُقصي المرأة العربية عبر قوانين تمييزية يقف عليها تضامناً وتكافلاً حُراس نظم ثقافية و اجتماعية عفا الزمن عليها ومضى و بحماية من حكومات او نظم سياسية ثم تعود للحديث عن المدنية والحداثة و المستقبل المختلف و ربما و ببعض الجرأة إدعاء الديمقراطية ، هذا تناقض صارخ.
ما قدمه المؤتمر هام وهو سنوي يقوم على المراجعة و التقييم وما تم انجازه و ما ينبغي انجازه . الديمقراطية و المساواة الجندرية ليست أمراً خاصاً بالغرب بل هي مسألة حرية.
أسبوع سعيد لكم جميعاً. رمضان مبارك و أحد شعانين مبارك.