بقلم: تيماء الجيوش
في العام ٢٠١٢ كان لي شرف اللقاء شخصياً بعمدة مدينة ميسيساغا السيدة ماكلين من خلال تكريمٍ إقامته مؤسسة السيد قريوطي لتكريم الفاعلين في الجالية العربية و كان من المُكرّمين شقيقتي كنده لعملها كخبيرة صحفية في الشرق الأوسط، عملها الصحفي في كندا و في الشأن العام . في ذاك التكريم كان هناك حضور دبلوماسي عربي و مجتمعي يدعو الى التفاؤل و الفخر بما تقدمه الجالية العربية من مساهمات وإبداع في مجتمعنا الكندي مع الحفاظ على وشائج الانتماء لمجتمعنا العربي الأم. و طبعاً كانت السيدة ماكلين هناك و هي عمدة المدينة. كان لافتاً كمّ الاحترام والتقدير المتبادل بينها وبين الجالية العربية. كانت تقف لتصافح الجميع تتبادل معهم الأحاديث وتبتسم لهم . ألقت كلمتها لتحيي الجالية العربية و إسهاماتها و تحيي وبشكلٍ خاص من تمّ تكريمهم في الحفل. كانت هناك تقف وتجسد معادلة ليست بالهينة في السياسة أن تكون ناجحاً وأن يودك الجميع لأنك قريب منهم يبادلونك الرأي والنقاش و الاقتراح. لم يأتي هذا من فراغ للسيدة ماكلين بل جاء نتاجاً لسنوات طويلة من العمل و الشراكة الحقيقية مع أبناء مدينتها التي تعتز بها بل الإقليم بأكمله. يُعرف عن السيدة ماكلين مقدار ما تحمله من أمال و عمل لإقليم GTA. بدأت مسيرتها بحلول العام ١٩٧٨ حيث انتُخِبتْ عمدةً لأول مرة و بفارق ٣٠٠٠ أصوات متقدمةً على خصمها.
ويُعزى لها النمو الذي عهدته مدينة ميسيساغا التي كانت أساساً مجموعة من البلدات والقرى الصغيرة لتتحول الى واحدة من كبريات المدن الكندية.
و ما ساعد أيضاً في هذا النمو الهجرة الداخلية للأقلية الناطقة بالانكليزية من كيبيك الى الولايات المتحدة واونتاريو عموماً و مدينة تورنتو الكبرى تحديداً ما دعى ومن باب التودد أن أُطلق على ماكلين اسم الإعصار Hurricane Hazel. للدلالة على المعدل العالي للنمو. ولعل خبرتها ومرونتها السياسية كان مُقدّراً لها أن تبرز عاجلاً وفي بداية تسلمها منصبها. فما أن مضت أشهر على انتخابها حتى أصدرت قراراً بإخلاء المدينة من مائتي ألف مدني تحسباً من تداعيات انحراف قطار مُحّملاً بالمواد الكيميائية و السامة و الحريق الذي تبعه. و هذا الإخلاء السلس والحفاظ على الأرواح دون خسائر فيها منح المدينة وعمدتها أسماً استثنائياً و جدارة سياسية سمحت ل ماكلين أن تتقدم لإعادة انتخابها عدة مرات متوالية الى العام ٢٠١٤. أي أنها قضت عمدة لمدينة ميسيساغا مدة ٣٦ عاماً عبر اثنتي عشر انتخاباً و في كل مرحلة انتخابية كانت ماكلين ترفض القيام بحملات انتخابية دعائية كما ورفضت قبول التبرعات بل أنها طالبت مؤيديها التبرع بهذا المال للأعمال و الجمعيات الخيرية. لم تحصر عملها في نطاق مدينتها فقط ، في العام ١٩٩٢ أسست ماكلين لجنة تحت أسم عُمد منطقة تورنتو الكبرى GTA Mayors committee.
وبهدف رئيس هو التعاون والعمل معاً للتنمية الاقتصادية . أضف الى ذلك أنها ترأست هذه اللجنة وبكل ما تحمله و تعنيه من أهمية وأثر تُحدثه في حياة سكان و قاطني الولاية عموماً. كما وإنها كانت المؤسسة و الرئيسة الفخرية ل GREATER TORONTO MARKETING ALLIANCE.
والتي هي عبارة عن شراكة بين القطاعين العام والخاص حيث تعمل كمركز اتصال للشركات الباحثة عن الفرص الاقتصادية و الاستثمار في منطقة تورنتو الكبرى. كان تكريمها يتم عبر إعادة انتخابها و منحها الثقة من قبل الناخبين بأنها ذات جدارة و مصداقية تناسب تماماً تعقيدات العمل و تفاصيله ، لم يكن مستغرباً أن يُطلق اسمها على كأس البطولة لرياضة الهوكي النسوي في العام ١٩٨٧ و التي لم تلبث حتى دفعت في العام ٢٠٠٠ على استضافة البطولة العالمية النسوية لهذه الرياضة في مدن اونتاريو ميسيساغا و لندن و باري…الخ . كانت تكرر القول بأنه عليك أن تكون لديك هدف في الحياة، أن تكون ناشطاً جسدياً وذهنياً و ألا تقلق من الأشياء البسيطة. وعن النجاح في العمل أكدت أنه إذا أردت النجاح فعليك العمل بجهد وان تمنح الوقت الذي يتطلبه ذلك النجاح.
If you want to be a success, you’ve got to work hard and you’ve got to give the time that is required to be a success
وفي زمن الوباء Covid-19 التزمت ماكلين المنزل و كان لأحبتها أن يسمعوا صوتها في لقاءٍ إذاعي مختصر فكانت بذات الحيوية و النشاط و القوة. ذكرت أنها تمضي أوقاتها في العناية بحديقتها و إزهارها وأنها تطهو و تتواصل وأحبتها بشكل مستمر ، تشاهد التلفاز و لديها برنامج يومي لا يدع لديها مساحة للملل.
أخر منصبٍ تقلدته كان في العام ٢٠٢٢ في رئاسة المجلس الاستشاري للحزام الأخضر من قبل رئيس وزراء اونتاريو فورد Doug Ford الذي دعمته و دعت خطته بالشجاعة بإخراج المناطق المحمية من الحزام الأخضر لتطوير الإسكان.
هكذا كانت العمدة ماكلين HAZEL McCALLION إمرأة لها رؤيتها، قامت ببناء علاقات مع الحكومات الإقليمية الكندية ، تقول الحقيقة و تدافع عنها، تؤمن بأن النمو والاستقرار و رفاهية المواطنين في الولاية هم غايتها و أساس سياستها على مدى ثلاثة عقود و نصف، خاطبتهم ، ناقشتهم، تواصلت معهم و فهمت هواجسهم و أسئلتهم.تمتعت بمصداقية قلّ نظيرها و خبرة سياسية و احترام من قبل الجميع و آراءٍ يُعوّلُ عليها فكل نقاشٍ بمشاركتها كان ينتهي برأي و معلومات تُثري و يُعتمدُ عليها. توفيت ماكلين في التاسع والعشرين من يناير/ كانون الثاني عن عمرٍ يناهز ١٠١ و سُتقام لها جنازة وداعٍ رسمي في الرابع عشر من فبراير / شباط الحالي. وداعاً يليق بإمرأة عملت جاهدة على أداءٍ سياسي و اقتصادي غايته النفع العام و فهم حاجات مواطنيها بحسٍ عالٍ من المسؤولية السياسية و الأخلاقية. وداعاً سيدة هازل ماكلين. شكراً لك وللمثال الذي قدمته للنساء في عملك السياسي .
أسبوع سعيد لكم جميعاً.
القراء الأحبة، كما تعلمون من جراء الزلزال الذي وقع على سوريا و تركيا هناك العديد من الضحايا اللذين قارب عددهم نحو السبعة آلاف ناهيك عن الجرحى و هم بمئات الآلاف . الآن الأطفال ، أطفال سوريا هم في أشد الحاجة لكم برجاء التبرع لمنظمة اليونيسف ولكن جزيل الشكر ولا أراكم الله مكروه بأنفسكم او بأحبتكم.