بقلم: كينده الجيوش
تشير الدراسات الى ان بعض المتهمين في إذكاء الصراعات والهجمات العنيفة التي تقع اليوم في مناطق مختلفة من بقاع الأرض وبالذات في منطقتنا العربية هم أشخاص عاديين ناشطين أو إعلاميين أصبحوا نجوما ولديهم جماهير تتابعهم تقدر بمئات الألاف واحيانا بالملايين بفضل مهاراتهم في مجال التواصل على وسائط التواصل الاجتماعي.
البعض من هؤلاء النجوم يبعث بأفكار إيجابية تدعو للتسامح وتوسيع الأفق وتبني الأفكار المدنية المتطورة..اما البعض الاخر فيقوم بنشر أفكار كراهية الآخر والعنف كوسيلة من أجل السيطرة السياسية أو ترجيح كفة طرف ما في نزاع فكري وايديولوجي احيانا. وبعض من هؤلاء هم دعاة دينيين وناشطين يعملون على الترويج على تويتر و فيسبوك لما يسمى بالدولة الإسلامية أو داعش أو حتى أفكار سياسية تدعي العلمانية في ظاهرها ولكنها تروج للعنف وتذكي روح الطائفية والعنصرية في تفاصيلها.
هذا النوع من الاعلام كان مسئولاً خلال السنوات القليلة الماضية عن نشر وترويج أفكار عنفية بدائية كان الكثيرون يعتقدون بأن الإنسان تخطاها في بعض المجتمعات، بما فيها الدعوة إلى اغتصاب النساء من الطوائف والاديان الاخرى وسبيهم في مناطق الحروب وتحليل قتل الإنسان لمجرد انتمائه إلى طائفة ما مختلفة أو فكر سياسي معارض.
وفي ضوء انتشار خطاب الكراهية، غير المسؤول والذي لا تقيده قوانين محاسبة، عبر نجوم التشدد وبعض الأسماء الإعلامية البراقة تبدو الحاجة ملحة إلى إيجاد ضوابط قانونية تحدد وتمنع هذا النوع من الخطاب خاصة وأن التجارب الإنسانية في السنوات الماضية أثبتت أن الكلمة سلاح حاد جدا في تحريك الجموع وخاصة ان تم استعمالها عبر وسائط التواصل الاجتماعي من قبل الجماعات المتطرفة وبعض الافراد النجوم الذين وجدوا في خطاب الكراهية وسيلة للتفرد وجذب المزيد من المتابعين من خلال محاكاة النزعات الدينية في النفس البشرية.
وبينما كان العرف والمتعارف عليه في أغلب وسائل الإعلام التقليدي وكذلك الإعلاميين التقليديين، الذين هم تحت سقف المحاسبة ،أن يتم اتباع المفاهيم والأسس الإنسانية البسيطة التي تدعو للحق والتسامح ونبذ العنف، ياتي اليوم بعض النجوم من الإعلاميين أو المتشددين بخطاب كرهي وعنيف ويدعو احيانا الى تجريم طائفة أو مجموعة بأكملها بجرم شخص ما. لا وبل يبرر البعض من هؤلاء بأن هذه ما هي إلا محاولة لتسمية الأشياء بمسمياتها. وهنا تتم محاولة محو أقوال مأثورة ومقاطع دينية تدعو لاحترام ومحبة الاخر عملت على بنائها الإنسانية على مدى عصور طويلة وساهمت بنقل الإنسان من البدائية إلى الحضارة.
ويبدو أن بعض هؤلاء النجوم لازالوا فوق المحاسبة لأنهم لايمثلون جهة مؤسساتية يمكن محاسبتها حسب القوانين المرعية والمتعارف عليها حيث أن هذا الشخص هو القناة وهو المنبر وهو المحرر وهو رئيس التحرير وطاقم التدقيق. ولكن القوانين تتطور اليوم لتلحق بركب الإعلام الاجتماعي.
وتشير احصائيات أخرى مثلا أن 94 ممن تم استبيناهم اكدوا وجود خطاب كراهية في بلد صغير مثل الاردن، بينما تنامت الطائفية بشكل مضطرد بالمنطقة العربية إجمالا خلال السنوات القليلة الماضية.
وبعد ان كانت الطائفية امرا مستهجنا اصبحت محط نقاش يحتمل الوجهين والعديد من التبريرات. وتزداد الدعوات في المنطقة العربية اليوم للمواجهة القانونية للوسائل الإعلامية التي تعتمد أسلوب إثارة النزاع والجدل الذي يثبت ويؤجج الخلاف ويروج الخطاب العنصري الكرهي من أجل جذب المزيد من المتابعين باسم حرية التعبير.
وبينما تبدو البرامج والأشخاص الذين يدعون للتسامح تفتقد لبريق الخطاب ذو النبرة الحادة، يقول الباحثون أن التذكير بحقوق الإنسان ومبادئ احترام الآخر أمر ضروري اليوم. وتسقط فكرة أن هؤلاء النجوم يتحسسون نبض الشارع، حيث يبدو أنهم يستغلون نزعة الغضب والحزن في الشارع بسبب ظلم ما ليثيروا نزعات عنفية بدائية من خلال خطاب غير مألوف يشجع على استظهار أسوأ ما في النفس البشرية من أحاسيس اجتهد الإنسان على تخطيها منذ خروجه من الكهوف.