بقلم: أ.د. ناهدة العاصي
لكلّ قانون ضوابطه التي يجب مراعاتها بدقّة من قِبل مُطبِّقيها. لكن السؤال هو هل يكفي أن يعرف مُطبِّق القانون ماهيّتَهُ وجزاءَ مخالفةِ كلّ بندٍ من بنوده؟ بالطبع لا! فالتطبيق ضروري في الأساس، لكن الإلتزام بروح القانون هو الأهم لأنّ ذلك يعني وضع الضوابط اللازمة لتطبيقه كي لا يحدث بصورة تعسّفيةً. إذاً مَن يفهم ويطبّق روح القانون
ـ يتعامل مع مُخالف القانون باحترام وإيجابيّة ويشرح بوضوح الأسباب الموجبة لاتّخاذ إجراءٍ ما بحقّه دون أن يفكّر بنسبة العمولة التي سيحصل عليها من جرّاء تسجيل المخالفة.
ـ لا يميّز بين المواطنين على أساس الهويّة أو الجنسيّة أو العِرق… كي لا يسود الشعور بالغُبن لدى أي فئة من فئات المجتمع.
ـ يتعامل مع القانون على أنّه مَرِن ولم يوضع لكي يكون مصيدة للناس. لذلك يستعمل ما لديه من هامش الحريّة لكي ينظر في ظروف كلّ إشكاليّة بحدّ ذاتها وبالتالي يختار الجزاء المناسب لها.
ـ يتحلّى بالموضوعيّة والمرونة والقدرة على اتخاذ قرار نهائي وسريع بخصوص الجزاء المناسب. فمثلاً إن وجد شرطيٌّ أن صاحب سيّارةٍ لم يسدّد مبلغ التأمين السنويّ المستحق، قد يختار أحد جزاءين: إمّا جزاءً تخفيفيّاً إن وجد أن المُخالفة حصلت عن سهوٍ أو بسبب مشاغل وأن مرتكِب المخالفة ليس لديه أيّ سوابق في سجلّه، فيعطيه فترة زمنية قصيرة، أو ما يُسمّى بفترة سماحٍ، يحدّدها له لكي يسدّد ما عليه، أو أن يكون حازما وصارماً في تطبيق القانون بحق مُخالفٍ لديه سوابق وسلوكه يشكّل خطراً على المجتمع وهنا تكمن أهمّية استعمال الأجهزة المتطورة الموضوعة في خدمة الأجهزة الأمنيّة في إستقاء المعلومات ومتابعتها بشكل صحيح.
لكن السؤال الأهم هو إن كان منفّذوا القانون في كيبيك يتحلّون بهذه المزايا. الجواب هو أن الأغليّة ليسوا كذلك. ولهذا نجد أن
الكثيرين يتساءلون أين تذهب الأموال التي تجبيها الدولة من محاضر الضبط ولماذا لا تُصرف على تزفيت الطّرقات التّالفة الممتلئة بالحُفر والتي تسبّب أعطال مركبات المارّة دافعي الضرائب؟ مَن يحصّل حقّ مالك المركبة ما يتكلّفه من مصاريق الصيانة وخلافه. بدورنا نكرّر المطلب بالتركيز على أهميّة:
ـ أن يحصل منفّذوا القانون على قدرٍ كافٍ من التدريب ليصبحون ذوي كفاءة عالية تمكّنهم من فرض هيبة الدولة بأساليب حضاريّة لكي يتماشى سلوك الأجهزة الأمنيّة مع سياسات الدولة المُعلنة في الحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطن.
ـ وعلى الدولة أن تقوم الدولة بدورها من أجل تعزيز ثقة الشعب وتحفيز إنتماءهم للوطن بصورة أفضل.
وكلّنا أمل في حصول تغييرات إيجابية قريباً… وللحديث بقيّة.