بقلم: ابراهيم شير
قد لا يوجد شخص لم يسأل نفسه لماذا خرج السوريون في لبنان بهذه الأعداد الكبيرة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي؟ هل المخابرات السورية أجبرتهم على الخروج؟ هل دمشق دفعت لهم الاموال؟ هل هم عناصر في المخابرات السورية ودخلوا لبنان للمشاركة في الانتخابات؟ جميع ما سبق ليس صحيحًا ومن أجبرهم على المشاركة هم اللبنانيون أنفسهم، سمير جعجع وآل الجميل ووليد جنبلاط وسعد الحريري وعقاب صقر هم من أجبروهم على المشاركة لكن كيف ذلك؟
السوري في لبنان هو إنسان درجة خامسة لدى جمهور تيار 14 آذار الذين وجدوا في اللاجئين السوريين يد عاملة رخيصة الثمن في جميع المجالات ومن بينها الدعارة، فالسوري منبوذ، مضطهد، مصادرة حقوقه، مسجون داخل خيم ممنوع عليه سقفها للوقاية من برد الشتاء او حر الصيف، وهذه المخيمات قد تحرق بأي لحظة إن تضايق أي شخص من وجودهم، او اختلف معهم على أجرة عمل ما، وعبارات العنصرية التي تطلق ضد السوريين في لبنان كثيرة مثل ممنوع عليهم التجول من الثامنة مساءً وحتى السابعة صباحًا في بعض المناطق، وممنوع عليهم العمل كسائقي أجرة بمناطق اخرى او في مدرسة كمعلمين، وتم حصرهم بين البقر والغنم في المزارع فقط او كعمال في المصانع والمنازل واعمال البناء بكلفة رخيصة جدا.
أما حوادث التنمر والتذمر والاغتصاب والضرب والقتل للسوريين في لبنان فهي كثيرة وكثيرة جدا وقد لا يكون آخرها تنمر صاحبة الصحيفة الصفراء (ن – أ) عندما هاجمت عمال توصيل الطلبات الذين كانوا يوصلون لها الطعام في ذروة اصابات فيروس كورونا في لبنان وهي جالسة في منزلها مرتاحة.
أما قادة هذا الجمهور فقد وجدوا من اللاجئين السوريين مصدر رزق كبير لأنهم سنويا يحصلون على مليارات الدولارات من الأمم المتحدة بحجتهم، يختلسون ثلاثة ارباع هذه الاموال لتذهب إلى جيبوهم وأرصدتهم البنكية، والباقي تذهب لجمهورهم الذين وجدوا في المخيمات أدوات مهمة للاسترزاق مثل فتح العيادات الطبية والصيدليات والبقاليات بجانبها، والفتات فقط يذهب للسوريين. وقادة 14 آذار وجدوا من اللاجئين يد مسلحة رخيصة أيضا وحاربوا بهم الدولة السورية في بداية الحرب على البلاد عام 2011 وهم من خلقوا الخوف في قلوب اللاجئين من دولتهم لأنهم جعلوهم نار للفتنة فيها ثم رموهم لبرد الشتاء وحر الصيف ولضباعهم ليفتكوا باجسادهم.
يقول الساسة في لبنان أن عدد اللاجئين السوريين لديهم هو نحو مليوني لاجئ ولكن هل هذا الرقم صحيح؟ بالتأكيد لا، لان عدد كبير جدا منهم قد عاد الى البلاد أو هاجر إلى أوروبا أو كندا التي فتحت ابوابها لهم منذ عام 2015 خصوصا من هم في لبنان، ثم ان عدد اللاجئين نحو مليونين ليس بصحيح لعدة أسباب ابرزها انه بين عامي 2011 و2019 كانت الحكومة اللبنانية تسجل اي سوري يدخل إلى البلاد عبر الحدود الرسمية كلاجئ رغم أنّه ليس كذلك، وهذا الاتهام صحيح وصحيح جدا ومن يريد أن يتأكد فليفتح سجلات حكومات نجيب ميقاتي وتمام سلام وسعد الحريري ووقتها سوف ينصدم للحقيقة، وهذه التهم ملقاة على عاتق القضاء اللبناني، أما أنا كصحفي وإعلامي فمهمتي هي إثارة القضية ليس اكثر.
من هم الذين في لبنان الان؟ المتواجدون في لبنان مناطقهم لا تزال محتلة او لا يستطيعون العودة اليها واغلبهم من ادلب والرقة ودير الزور، أما اهالي حمص وريفي دمشق وحلب فقد عادوا منذ سنوات، او هم باقون بسبب اجبارهم على ذلك من قبل قادة تيار 14 اذار، لذلك وجدوا في الانتخابات فسحة امل وحرية ومكان ليعترضوا على واقعهم ويقولوا أنهم يريدون وطنهم، كصرخة في وجه الظلم الذي يتعرضون له.
اللاجئون في لبنان ذهبوا للسفارة للمشاركة في الانتخابات لان تيار 14 آذار أرهبهم وقهرهم وقتلهم واغتصبهم وسلبهم، فوجدوا بعلم وطنهم وقائده الملجأ والحافظ والاب والاخ والمعين، لهذا ذهبوا الى هناك ليصرخوا صرختهم الاخيرة قبل الثورة القادمة، ولذلك على قادة تيار 14 اذار ان يخافوا من ثورة اللاجئين، ثورة الجياع ثورة المحرومين لأنها بالتأكيد سوف تنهي وجود هذا التيار وتعيد للبنان استقراره.
اللاجئون السوريون في لبنان سبب وجودهم ليس خوفهم من الدولة السورية ولو أنهم ضدها لما أتوا للتصويت والمشاركة في الانتخابات، لكن سبب وجودهم في لبنان هو الولايات المتحدة وتركيا اللتان تحتلان اراضيهم في الشمال والشرق، وتيار 14 اذار الذي يسرق اموالهم ويهينهم، وكلامي هذا ليس عن كل الشعب اللبناني ولكن هو على فئة شوهت صورة هذا الشعب الطيب، فئة أرادت أن تنتقم عن أخطاء ارتكبها أشخاص هم الان اموات من أشخاص بسطاء وفقراء.
في النهاية قاعدة وحدة المسار والمصير التي وضعها القائد حافظ الاسد رحمه الله باقية ومستمرة وسوف تكرس اكثر في الفترة المقبلة، ولذلك على قادة تيار 14 آذار أن يفهموا ما بين السطور ويعيدوا التفكير بمواقفهم السابقة، ودمشق لا ترد من أتى إليها حاجًا ومعتذرًا الان، لكنها سترده عندما يحصحص الحق وهذا الامر ليس ببعيد أبدا.