بقلم: أ.د. ناهدة العاصي
(الجزء الأول)
في العام ٢٠١٨، شرّعت الحكومة الكندية إنتاج الماريجوانا وذلك لغرض حماية الصحة والسلامة العامة. وهو في تقديري يتعارض مع ذلك الهدف حيث نصّ القانون على التّالي:
• حماية صحة الشباب عن طريق تقييد وصولهم إلى الماريجوانا.
• حماية الشباب وغيرهم من إغراءات إستخدام الماريجوانا.
• مع النص على الإنتاج المشروع منه لتخفيض الأنشطة غير المشروعة المتعلقة به.
• مع ردع الأنشطة غير المشروعة فيه من خلال اتّخاذ التدابير الجزائية المناسبة.
• تخفيف العبء على النّظام العدلي الجنائي فيما يتعلق به.
• توفير إمكانية الوصول إلى إمدادات الماريجوانا الخاضعة لمراقبة الجودة (وهو الأمر المضحك المبكي خاصة عندما تتكلم الحكمة عن).
• تعزيز الوعي العام بالمخاطر الصحية المرتبطة باستخدام الماريجوانا.
أوّل ما يستوقفني هنا هو عبارة المخاطر الصّحية التي سأستعرض بعضها علّها تدرك حجم مشكلة إجازة تشريع استخدام الماريجوانا. وهنا أكون قد أتخذت الإتجاه الصّحيح نحو توضيح الفكرة التي يستند عليها هذا المقال ويتطلّب إلغاء هذا القانون وعدم العمل به. ولنبدأ بالتّالي:
الآثار الصحيّة على المدى القصير:
ـ إستعمال زهور وأوراق نبات الماريجوانا يولّد شعوراً عالٍ بالنّشوة وبالرّاحة والإسترخاء، ويزيد من حالة تنبُّه حواس المذاق والنّظر والشمّ والسمع.
ـ قد يشعر القلب بالإسترخاء والسّعادة، إلّا أن الجسم والدماغ سيواجهان تأثيرات سلبيّة تشمل الإرتباك، النّعاس، التّعب، ضعف القدرة على التّذكُّر والتّركيز والإنتباه وسرعة التّفاعل، بالإضافة إلى الشّعور بالقلق والخوف أو حتّى حالات الذّعر على حسب قولهم.
الآثار الصحيّة على المدى البعيد:
تتطوّر التأثيرات على الأمد البعيد تدريجيّاً. أن كنتَ من المدخنين وأوعيتك الدّموية متأثّرة سلبياً بسبب ذلك، فسيؤدي ذلك إلى
ـ انخفاض ضغط الدّم الذي قد يسبّب الإغماء وإلى زيادة معدّل ضربات القلب وبالتالي خطر الإصابة بنوبة قلبيّة مع التّأثير السّلبي على الذاكرة والتركيز ونسبة الذّكاء والقدرة على التّفكير واتخاذ القرارات إضافة للإصابة بنوبات ذهنيّة تنتهج أعراض جنون العظمة والأوهام والهلوسة.
بعض الآثار السلبية الأخرى لأسباب متنوعة:
ـ استخدام الماريجوانا في مرحلة المراهقة ولفترة طويلة من الزمن قد يكون سبباً في إلتهاب الشعب الرئوية، عدوى الرّئة، والسّعال المزمن.
ـ آثار استخدامه أثناء الحمل والرضاغة الطبيعية مثلها مثل آثار الكحول. فالمواد الموجودة في الماريجوانا تنتقل إلى الجنين عبر دم الأم أثناء الحمل مما يؤدي إلى انخفاض وزن الطّفل عند الولاة بالإضافة إلى احتمال تشويه الأجنّة وإدمانهم على هذه المادّة، ومن خلال الحليب في فترة الرّضاعة، ما قد يؤدي إلى مشاكل صحيّة للطفل في المدى القصير أو البعيد.
كما وعلينا التتبّه أيضاً إلى أن الإحصاءات تشير إلى أن نسبة ١٠٪ من الأشخاص الذين يستعملون الماريجوانا يدمنون على استعماله، وقد تصل نسبة المراهقين منهم إلى ١٦،٦ ٪ . أما آثار استخدامه فهي نقصان في وظيفة الذاكرة، القدرة على التّعلُّم، مهارات الإستدلال والقدرة على حل المشكلات.
الإستخدامات العلاجيّة المحتملة للقنّب:
هناك بعض الأدلة على إستخدامات علاجيّة محتملة للقنَّب أو المواد الكيميائية المكوِّنه له. فمثلاً يوجد لدى وزارة الصّحة الكندية معلومات تتعلّق بالرّعاية الصّحية والمرضى المُرخّص لهم باستخدام الماريجوانا للأغراض الطبّية. يتضمن هذا معلومات حول الإستخدامات العلاجيّة المحتملة، الجرعات، التحذيرات، والآثار السّلبية.
هل هذا كافٍ؟ طبعاً لا. هل هناك بدائل لهذا الإستعمال؟ طبعاً!
هل كان قرار الوزارة عن دراسة كفاية واعية لما سيليه من تبِعات سلبيّة تؤثر ليس فقط على جيل واحدٍ فقط وإنّما على أجيالٍ وأجيال؟
والسّؤال هنا، ما هو الأهم القيام بتقنين زراعة الماريجوانا بحجّة ضبط إنتاج هذه المادة وترويجها في حين أننا ندرك عدم إمكانية ذلك؟ أم منع زراعتها من الأصل وملاحقة كل من يقوم بالإتجار بها أو بتعاطيها قانونياً من أجل الصّالح العامّ للمجتمع والوطن إلّا إذا كان الأمر يتعلّف بعض مصالح الكبار؟
هل يمكن لدولة غنيّة بحجم كندا أن تكون بحاجة لزيادة دخلها القومي عبر تشريع زراعة الماريجوانا والإتجار بها؟
وهل حسبت الدّولة حجم الكلفة الباهظة التي ستتكبّدها لعلاج المرضى المتضرّرين صحّياً من استعمال الماريجوانا وكيف ستكون أكبر بكثير من أيّ ربح قد تدرّه على دخلها القومي؟ (وماذا يفيد الإنسان إذا ربح العالم وخسر نفسه؟) وماذا سيفيد الحكومة الكنديّة إذا خسرت مواطنيها في سبيل زيادة دخلها القومي؟
ما دور الأطبّاء النّفسيين وكلفتهم في قياس التأثيرات النفسيّة الناتجة عن استعمال جيل الشّباب لنبتة الماريجوانا وكيف سيتعاملون معها؟
وهل هذا سيخفف من العبء الملقى على كاهل العدالة الجنائية أو على النظام العدلي أمام حجم الجرائم العائلية والإجتماعيّة التي ستنتج عن تناول كلّ هذه المخدّرات؟
في النّهاية، أنا أعلم والحكومة تعلم وكلّنا يعلم أن مروِّجي المخدّرات لن يتوقفوا عن عملهم بين ليلة وضحاها بل سيحاولون أيجاد أساليب جديدة لترويج منتجهم سواء للحكومة أو للأفراد بعد أن فتحت لهم الدولة الباب على مصراعيه للإبتكار وإيجاد منافذ جديدة لتسويق منتجاتهم بحماية الحكومة ونصّ القانون.
والسّؤال الأخير، هل الخروج من نفق الماريجوانا متاحٌ لنا كما أُتيح لأولادنا أن يدخلوه؟
للإجابة على هذا السّؤال، تابعونا في مقالنا القادم على موقع الجريدة الرّسمي. www.el-ressala.com