بقلم: عادل عطية
حتى أواخر التسعينيات، كنا نجتمع ـ أنا والأسرة ـ حول شاشة التلفزيون الصغيرة؛ لنشاهد معاً، ذلك البرنامج الرائع، الذي اسمه: “عالم الحيوان”!
وما زلت ـ منذ ذلك الزمان ـ، تنتابني فكرة مجنونة، ماذا لو جاءنا من العالم الآخر، العالم داروين ـ الصديق الأول للقرود ـ، وحقق لنا نظريته “النشوء والتطور”، بأن يجعل الحيوان، يقدم برنامجاً موازياً، يُطلق عليه: “عالم الإنسان”!
ففي عالم الإنسان، تصرفات غرائبية، منها تمجيد الوحشية!
.. فيطلق على الجندي، لقب: وحش!
(مع أن: وحش المحارب بثوبه أو بسلاحه، أي رمى به مخافة أن يُلحق).
.. كما أطلق على أحد الممثلين بالسينما المصرية، لقب: “وحش الشاشة”!
(هذه عادتنا: فحيث نريد أن نمدح، نجد أنفسنا نذم).
.. ولا ننسى في تاريخ الأدب العربي، أنه كان هناك شاعر دمشقي، يقال له: أبو الوحش!
(يعني عائلة وحشية أباً لابن).
،…،…،…
ورغم كل هذا المدح المذموم، أو الذم الممدوح، فأننا نقول على الإنسان، الذي تغلبه الطباع الحادة والعنيفة في تصرفاته، هذا المثل السائر: “شبه إنسان، ولكن قلب حيوان”!
ولكن في عالم الحيوان، صفات رائعة، دونها صفات البشر..
.. ففي حين نرى القردة التي تقطن الغابات والأدغال في المناطق الحارة، لا تتزوج إلا بواحدة، وتظل أمينة لهذه الزوجة الواحدة، نرى الكثير من الناس، عيونهم فارغة، يتزوجون بأكثر من واحدة!
.. ومع أن الفهود من أشرس الحيوانات المفترسة، إلا انها لا تنغمس في قتل، وجرح الملايين من الخلائق البشرية، كما فعل الإنسان بأخيه الإنسان، في حرب واحدة فقط!
.. والأسد، حين يكون في وليمة، يعرف متى يصل حد الكفاف، بينما هناك أناس ابيقوريين، يعشقون فيما يعشقون بطونهم!
بل هناك تصرفات مذهلة من مثل هذه الحيوانات، هي في الحقيقة، أكثر من إنسانية:
.. فمن المعروف عن الكلب ـ وهو أفضل صديق للإنسان ـ، قيامه بتبني، وتربية ايتام الأنواع الأخرى، بما في ذلك القطط، والدجاج، والخنازير، والسناجب، والغزلان، وحتى النمور الصغيرة!
.. كما أن الدلافين، تحمي وتساعد الكلاب، والحيتان، وحتى البشر!
.. ولا تفوتنا قصة الأسد، الذي التقط قرداً رضيعاً من أعلى الشجرة، التهمت الأسود أمه، وحمله بفمه، وجلس بجواره، واحتضنه، ليحرسه منهم!
،…،…،…
خليق بنا، بعد ذلك، أن نصحح المثل. فبدلاً من: “شبه إنسان، ولكن قلب حيوان”، يصبح المثل: “شبه حيوان، ولكن قلب إنسان”! …