بقلم: هيثم السباعي
نستكمل اليوم بقية نتائج إجتماعات الناتو لننتقل بعدها للحديث عن إجتماعات قمة هيلسينكي مع الرئيس الروسي ڤلاديمير پوتين.
وجه أثناء الزيارة المذكورة إنتقاداً شديداً لألمانيا متهماً إياها بأنها “تحت سيطرة روسيا” بإشارة إلى استيرادها الغاز الذي يغطي ٩٪ فقط من حاجة ألمانيا للطاقة. ردت الديبلوماسية المخضرمة، أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا على التهمة بأدبها وديبلوماسيتها المعروفة عندما أجابته: “لقد عشت فترة في ظل الإتحاد السوڤييتي (بإشارة إلى كونها كانت تعيش تحت ظله في ألمانيا الشرقية قبل هدم جدار برلين عام ١٩٨٩ وإعادة إتحاد الألمانيتين) ونحن الآن نعيش سعداء في ظل جمهورية فيديرالية واحده، لذلك لا أحتاج إلى دروس في التعامل مع الديكتاتوريات.”
علاقته بروسيا عجيبة غريبة، لم يسبق، إطلاقاً لرئيس أميريكي ظهر بهذا الخنوع أمام رئيس من دولة أخرى بشكل عام أو من الإتحاد السوڤييتي أوروسيا بشكل خاص. أكد مديران سابقان لوكالة المخابرات المركزية (سي آي إي) أن لدى روسيا، بدون أدنى شك معلومات عنه خائف لحد الرعب من نشرها. نُشِرَ له شريطاً مصوراً (ڤيديو) يقوم بالتبول مع إحدى بنات الهوى على السرير الذي نام علية الرئيس باراك أوباما وزوجته وذلك في إحدى زياراته لروسيا قبل أن يصبح رئيساً. من جهته أنكر ذلك طبعاً.
لم يسبق لرئيس قبله أن اجتمع برئيس دولة أخرى منفرداً بدون مستشاريه لأن مثل هذه الإجتماعات يجري توثيقها عادة، فإذا كانت مكالمات الرئيس الهاتفية تسجل جميعها، فمابالك بإجتماعه مع رئيس دولة أخرى تعتبر منافسه إذا تجاوزنا إتهامها بالعداء. مع ذلك اجتمع بالرئيس پوتين على انفراد لمدة ساعتين في هيلسينكي، مرتكباً بذلك مخالفة دستورية صارخة وخروج عن التقاليد الديبلوماسية الأميريكية، داعيك من أن أحداً لا يعلم ماهي المواضيع والإتفاقات التي تمت بين الرئيسين في هدا الإجتماع. بدأ على أثرها ولايزال كبار مساعديه بدءاً من مدير موظفي البيت الأبيض إلى وزير الخارجية مروراً بكبير مستشاريه للأمن القومي يتخبطون ويتحذرون عن ما جرى بحثه في ذلك الإجتماع.
إتسمت تصريحاته بالمؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس پوتين بتبرئته وروسيا من كل التهم التي وجهتها لهما أجهزة الأمن الأميريكية الرئيسية من التدخل بالإنتخابات إلى عمليات القرصنه الإليكترونية والتجسس وغيرها عندما قال أن الولايات المتحده لم تعد هدفاً لروسيا رغم تصريحات أجهزه الأمن قبل أيام أن “خطر تهديدات موسكو وصلت أقصاها” وعاد بعد يومين من عودته إلى البلاد وتراجع عن هده التصريحات بحجة “تسرعه بالكلام.” وُصف فشل انتقاد الجمهوريين – الذي أغضب الكثيرين منهم ومن الديموقراطيين – لأداء دونالد ترامپ في الموتمر الصحفي إلى جانب پوتين بأنه مثال حي عن سيطرة االرئيس على حزبه.
أما ردود أفعال المسؤولين الروس فقد وصفها وزير الخارجية سيرغي لاڤروڤ بأنها أكثر من رائعة وأنها تفوق كل التوقعات. إلا أن هذه السعادة الروسية الغامرة التي شعرت بها بنتائج قمة ترامب – پوتين، انقلبت إلى قلق شديد، خوفاً من قيام أعدائه بعمل كل مايمكن لإبعاده عن السلطة وجعل العلاقات بين البلدين أكثر تدهوراً، حسب رأي أحد أعضاء مجلس الشيوخ الروسي.
بالنتيجة، يحاول الجنرال “چون كيلي” كبير موظفي البيت الأبيض تجنيد الجمهوريين لتوبيخ ترامپ على تصريحاته المثيرة للجدل بالمؤتمر الصحفي مع پوتين، ولكن الرئيس على مايبدو واثق من نفسه وأن ليس هناك أي تداعيات أخرى لمؤتمر هيلسينكي. بل أكثر من ذلك، أعلن من جديد أنه دعا الرئيس الروسي ڤلاديمير پوتين لزيارة البيت الأبيض لعقد اجتماع آخر مع بوتين،
يذكر أن علاقته بالصحافة سيئة للغاية لأنها تصفة بالمراوغ أحياناً وبالكاذب المضلل أحياناً أخرى، وهو يعتبرها “عدو الشعب.”
يبذل حالياً قصارى جهده للفوز بفترة رئاسية ثانية في عام ٢٠٢٠ وصرح بأنه لا يمكن لأحد هزيمته عندها. لا أعلم إذا كان سيفوز أم لا، ولكنه بالتأكيد سيحظى بأصوات اليمين المتطرف بكامله وكذلك أصوات الإنجيليين الجدد وأحزاب البيض العنصرية واليهود الذين يدعمون عادة الحزب الديموقراطي ولكن هذه المرة ستدعم غالبيتهم ترامب بسبب دعمه اللامحدود لإسرائيل وانحيازه الصارخ لطرفها ضد السلطة الفلسطينية، خاصة بعد نقل السفارة الأميريكية إلى القدس المحتلة باعتبارها، كما يدعي الإسرائيليون عاصمة أبدية لليهود.