أجرى الحوار: علي أبو دشيش
– الإرهاب الذي تعاني منه مصر ليس جديدًا على مصر العظيمة
– مصر سوف تنتصر في حربها ضد الإرهاب في ظل قيادة السيسي
– السيسي أنقذ آثار مصر من الإرهاب والإرهابيين
– السيسي أول رئيس مصري يهتم بمنطقة الهرم ويطالب بتطويرها على أعلى مستوى
– الآثار كنز مصر الاستراتيجي
– مصر في حرب ضد الإرهاب وقوى الظلام دائمًا
– مصر أول كلمة في كتاب التاريخ وأهم موقع في كتاب الجفرافيا
– المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم
– مصر هي سيدة العالم الثقافية
عالم وأثري وروائي على مستوي عالٍ يجمع بين الماضى والحاضر. وحين تجلس معه، يأخذك في رحلة إلى مصر الفرعونية، ويتجول بك بين معابدها ومقابرها، هو الدكتور حسين عبد البصير الذي حصل على درجة الليسانس في الآثار المصرية القديمة في كلية الآثار في جامعة القاهرة. وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الآثار المصرية القديمة وتاريخ وآثار الشرق الأدنى القديم في جامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة الأمريكية. وألف عددًا من الكتب والمقالات العلمية والروايات. وشغل العديد من المناصب في الداخل والخارج. وأشرف وأدار العمل الأثري بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، والمتحف المصري الكبير بالجيزة، ومنطقة أهرامات الجيزة، والمقتنيات الأثرية، والمنظمات الدولية واليونسكو، وإدارة النشر العلمي، بوزارة الآثار، وغيرها. ودرّس في جامعة جونز هوبكنز وجامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية والجامعة الفرنسية (السربون 4) وغيرها. ويتقلد الآن منصب مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية والمشرف على مركز الدكتور زاهى حواس للمصريات. وإلى نص الحوار.
س: ماذا عن نشأتك وارتباطك بالآثار منذ الصغر؟
ج: كنت الوحيد الذي دخل كلية الآثار برغبتي في أبناء دفعتي؛ فقد نشأت في مدينة في الدلتا هي عاصمة الأسرة التاسعة والعشرين «مدينة منديس الأثرية». وكنت دائمًا أتجول فى هذه المناطق الأثرية منذ الصغر وأعشقها بشدة، وكنت شغوفًا جدًا بمعرفة اللغة المصرية القديمة والحضارة المصرية القديمة، وكانت والدتى دائمًا تحدثنى عن الآثار والتاريخ مما جعل أحب التاريخ والآثار، وكنت دائمًا منذ الصغر أذهب إلى المتحف المصري بالتحرير، وكنت أتعجب من الذين يقرأون الهيروغليفية، ومن هنا نشأ في داخلى عشق الآثار، ولهذا السبب التحقت بكلية الآثار بجامعة القاهرة لدراسة الفراعنة والحضارة الفرعونية بشكل أكاديمي وتخرجت في كلية الآثار ثم حصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة الأمريكية منذ حوالي عشر سنوات.
س: من هو أهم عالم آثارعملت معه؟
ج: عملت منذ تخرجي في المجلس الأعلي للآثار مع قيادات عديدة من رجال الآثار. فعملت مع العالم الكبير الأستاذ الدكتور عبد الحليم نور الدين- رحمه الله- حين كان الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار. وعملت في منطقة الهرم. وتم نقلي للعمل في منطقة آثار المطرية. ثم عملت مع عالم الآثار العالمي الأشهر الأستاذ الدكتور زاهي حواس الذي يعد أهم من عملت معهم، في تقديري مع احترامي للجميع. وهذا العالم العالمي الكبير، الأستاذ الدكتور زاهى حواس، عملت معه لقرابة ربع القرن، وتتلمذت على يديه وتعلمت، وما أزال، من بحر علمه الكثير والكثير.
س: أهم المناصب التي تقلدتها؟
ج: عملت لمدة ثلاثة أعوام فى المتحف المصري الكبير. وعملت في أماكن كثيرة داخل الآثار، لكن أهم المناصب هو منصب المشرف العام على مشروع المتحف المصري الكبير ومدير عام منطقة آثار الهرم. واستلمت مشروع المتحف المصري الكبير في وقت ثورة 25 يناير 2011 وكان به مركز ترميم الآثار فقط، فوقعنا مناقصة بناء المتحف وتم بناء مبنى المتحف نفسه في عهدي. وتعاونت مع الجايكا اليابانية لتمويل المشروع، وجلبت من أمريكا منح الماجستير وما بعد الدكتوراه للعاملين بالمتحف والآثار، ودربت الأثريين في الخارج، وساهمت بشكل كبير في مشروع مركب الملك خوفو الثاني وكنت صاحب فكرة نقله إلى مبنى المتحف المصري الكبير.
س: ماذا عن عملك بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط؟
ج: عملت به عندما قدمت من الولايات المتحده الأمريكية بعد حصول على درجة الدكتوراه في الآثار المصرية القديمة. وتم تكليفي بالعمل بالمشروع من الوزير الفنان فاروق حسنى والدكتور زاهى حواس من 2009 إلى 2011. وهو متحف مهم جدًا ويشرف اليونسكو عليه. واكتمل من ناحية البناء. ويبقى العرض المتحفي مؤجلاً. وكنا نعمل للانتهاء منه. وبه قاعة عرض مؤقت تم افتتاحها لتضم الحرف والصناعات في مصر. ولابد من افتتاح المتحف بالكامل ونقل المومياوات الملكية إلى هذا المتحف، ولابد أن يتم استغلال بحيرة عين الصيرة التي يطل عليها المتحف والتي تعتبر البحيرة جزءًا مهمًا من المشروع ولابد من استغلالها سياحيًا بشكل كبير.
س: كنت مديرًا عامًا لأعظم منطقة أثرية بالعالم، منطقة «الأهرامات»، ماذا عملت في مشروع تطوير هضبة الأهرام؟
ج: عملت في الهرم قرابة ربع القرن، وتوليت إدارته قرابة العام، ولم أكن أحب الجلوس في مكتبي، وعملت فى مشروع تطوير هضبة الهرم وتحويل المسار لمدخل الفيوم الجديد بكل قوتي وخبرتي وعلمي عبر السنين.
س: هل الاكتشافات الأثرية الحديثة تساهم في عودة السياحة إلى مصر؟
ج: دون شك، غيرها أنها تحتاج أن ننظمها ونعلن عنها بشكل أفضل.
س: ما تقييمك لوزراء الآثار ومن هو أفضلهم؟
ج: وزراء الآثار بعد ثورة 25 يناير مروا بظروف صعبة كثيرة. ويبقي الأستاذ الدكتور زاهي حواس أهم وزير آثار أعطى لمصر وآثارها والأثريين المصريين من كل الأجيال وفي كل مكان، مع احترامي وتقديري لكل من خدم آثار مصر والأثريين المصريين حقًا وصدقًا.
س: ما إنجازاتك في متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية وما الذى تريد إضافته لهذا المتحف الذي لم نكن نعلم عنه أي شيء قبلك؟
ج: تم تكليفي من المفكر السياسي الكبير والمثقف الموسوعي العظيم الأستاذ الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية بالعمل مديرًا لمتحف الآثار في مكتبة الإسكندرية بترشيح من عالم آثار مصر العالمي الأستاذ الدكتور زاهي حواس وبموافقة وزير الآثار الحالي الأستاذ الدكتور خالد العناني. ومنذ البداية أخذت على عاتق الترويج لهذا المتحف المهم وتسليط الأضواء عليه مع زملائي في المتحف من خلال الكثير من المؤتمرات والمحاضرات والندوات والمعارض من مصر ومن خارجها ودعوة كل العلماء للعمل معنا في المتحف والقدوم كي يشاركوا معنا ويحاضروا لنا ولجمهور وأهل مدينة الإسكندرية العظيمة ومكتبة الإسكندرية العالمية. وأتمنى أن نكون عند ثقة وتقدير الجميع.
س: ماذا عن كتابك الأخير ملكات الفراعنة دراما الحب والسلطة؟
ج: يتناول هذا الكتاب سير ثلاثين ملكة مصرية منذ الملكة نيت حتب في الأسرة الأولى المصرية القديمة مرورًا بالملكات العظيمات حتشبسوت وتي ونفرتيتي ونفرتاري وتاوسرت وصولاً إلى الملكة المصرية الشهيرة كليوباترا. ومن خلال هذه المجموعة المنتقاة من ملكات مصر القديمة منذ أقدم العصور إلى الملكة الساحرة كليوباترا السابعة، نتعرف على تاريخ مصر وأحداثها السياسية ودور المرأة المصرية القديمة المهم والمؤثر بقوة في مجتمع خصوصًا في عالم الملكية المصرية المقدسة. وأوضح أهمية دور المرأة في مصر القديمة وانفتاح المجتمع المصري القديم وتقلد المرأة المصرية العظيمة فيه حكم مصر العظيمة وتحقيق إنجازات لا تقل عظمة عما أنجزه ملوك مصر العظام من الرجال. هذه مصر العظيمة.
ويقدم الكتاب عالم الآثار المصري العالمي الدكتور زاهي حواس قائلاً: «يأتي هذا الكتاب في توقيت مهم للغاية؛ إذ أن هذه أول مرة يُنشر فيها كتاب باللغة العربية عن ملكات مصر القديمة، بالإضافة إلى أن مؤلف الكتاب د. حسين عبد البصير أثري على مستوى عالٍ، وحصل على درجته العلمية في الآثار المصرية القديمة في جامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة الأمريكية، وأعطاه الله سبحانه وتعالى ملكة الكتابة؛ لذلك فإن هذا الكتاب يعتبر إضافة مهمة للمكتبة العربية». ويضيف الدكتور حواس: «إن هذا الكتاب سوف يكون مفيدًا لكل دارسي الآثار ومضيفًا الجديد للمكتبة العربية التي تفتقد هذه النوعية من الكتب. وقد قام الدكتور حسين عبد البصير بمجهود كبير للغاية في تجميع المعلومات العلمية عن كل ملكة وقام بصياغتها وعرضها بشكل بسيط ورائع وجميل». ويؤكد الدكتور حواس «ملكات الفراعنة.. دراما الحب والسلطة» كتاب يجب أن يقرأه كل المصريين».
س: ماذا عن رواياتك «الأحمر العجوز و»البحث عن خنوم» وأعمالك القادمة؟
ج: رواية «البحث عن خنوم» هي أول رواية فرعونية من «جيل التسعينيات» في تاريخ الأدب المصري المعاصر. فهي تجربة جديدة تعيد بعث الأدب الفرعوني في الأدب المصري الحديث بعد أن كاد أن يندثر بعد المحاولات الرائدة للكاتب المصري الراحل نجيب محفوظ في النصف الأول من القرن العشرين، وقد صدرت هده الرواية في أوائل العام 1998 عن هيئة قصور الثقافة بمصر. وتدور أحداث الرواية في مصر الفرعونية في ما يعرف بـ»عصر الانتقال الثالث» (حوالي 1070-715 قبل الميلاد)، وتحديدًا في أوائله، أي عصر الأسرة الحادية والعشرين (حوالي 1070-945 قبل الميلاد). وأعتمد كمؤلف في سياقي المروي على حكاية متخيلة تدور في هذا الزمن التاريخي من عصور مصر القديمة. وتبدأ الرواية بالساحرة والكاهنة «رخت»، وهي تترك «أتريب»، مدينتها الصغيرة الواقعة في قلب الدلتا المصرية. ويصاحبها في هذه الرحلة ابنها الوحيد «رخ» التابع لها كظلها، ويبحران صاعدين في نهر النيل إلى منف، العاصمة المصرية القديمة العريقة، من أجل مقابلة حكيمها، وأثناء انتظارها مقابلة الحكيم تتعرف على الكاهن «حور» من مدينة «منديس» الواقعة في شرق الدلتا المصرية الذي يعمل مساعداً لكبير كهنتها وساعده الأيمن. وبعد أن يقابلوا الحكيم ينصحهم بالذهاب إلى الجنوب ويرسل معهم أحد مساعديه المخلصين المدعو «سيا»، ويستأجرون مركبًا كبيرًا من أجل رحلتهم إلى الجنوب، وهذا المركب يخص الملاح «عنخ» ويساعده اثنان من مساعديه هما: «شن» و»رن». وتدعي «رخت»(وبالتبعية ابنها «رخ») و»حور» اختفاء الإله المصري القديم «خنوم»؛ لذا قاموا بهذه الرحلة من الشمال إلى الجنوب في فضاء مصر القديمة الجغرافي بحثًا عنه كما يزعم ثلاثتهم. وتتعدد محطات الرواية على صفحة النهر الخالد، فتمر بمدينة المارق، كما يطلق عليه البعض، «أخناتون» في تل العمارنة في مصر الوسطى، ويتوقف بطلا الرواية ومعهما بعض الشخصيات بحثًا عن ذلك الإله اللغز «خنوم» كما يمران بعدد من المدن المصرية القديمة المهمة في سياق البحث المزعوم مثل أخميم ودندرة وقفط وطيبة وإسنــا وإلفنتين وفيلة. وتنتهي الرواية بمنف مرة أخرى في رحلة دائرية أبدية من البحث الذي لا ينتهي. هذا هو الإطار الفكري أو الفلسفي الرئيسي لهذا العمل. وتروي الرواية هذه الشخصيات الخمس: «رخت»، و»رخ»، و»حور»، و»سيا» و»عنخ؛ لذا فهذه الرواية هي رواية الأصوات المتعددة والمتداخلة، كل منها يكمل الحدث للآخر أو يلقي عليه ببعض من وجهة نظره. وذلك يجعل القاريء يرى الشخصيات وهي تفكر وتتفاعل مع بعضها البعض؛ مما يجعل القاريء مشاركًا في صناعة الأحداث ومن ثم الرواية. ودور الرواي العليم بكل الأحداث، الذي يروي الأحداث من وجهة نظره الكلية العليمة بكل شيء، يعد غائبا في هذه الرواية. ويبدأ الراوي المستتر الرواية بمفتتح يذكر فيها الأسباب التي دفعته إلى كتابة هذا النص الأدبي وظروف العمل التي كتب فيها، ثم يصدر الرواية بنص مصري قديم عن المعبود المصري القديم «خنوم». وتبدأ الرواية بصوت جماعي، ثم تتوالى الشخصيات في رواية الأحداث تباعًا حتى النهاية. ويختم الراوي المستتر الرواية. واللغة التي استخدمتها في تشييد صرحي الروائي تقترب من لغة الشعر المكثف وتحاكي لغة الأدب المصري القديم في كثير من الأحيان خصوصًا ما يعرف بـ»أدب الحكمة» والأناشيد والابتهالات الخاصة بالآلهة وأساطير الخلق الدينية. والنص به كثير من الأقوال الكاشفة لشخصيات الرواية سواء في حسيتها المفرطة أو في إحساسها الصوفي الفريد أو في إحساسها العدمي أو في إحساسها بالتيه والضياع. واللغة هنا توحي أكثر مما تظهر في أحيان كثيرة. والأسلوب الأدبي المستخدم في الرواية هو أسلوب وصفي تصويري يظهر الشخصيات وهي تقوم بأدوارها مما يجعل الشخصيات تتحدث بلسانها. واعتمد ككاتب على أسلوب التداعي الحر للشخصيات أو ما يعرف بـ»تيار الوعي» أو «المونولوج الداخلي». وأفيد من تقنيات المونتاج السينمائي في تقديم مشاهد وأحداث روايته. وتظهر طبيعتي البحثية في الهوامش الكثيرة التي أشرح فيها الكثير من المفاهيم والأماكن والمفردات المصرية القديمة، والرواية في ذلك تشبه كتابًا بحثيًا. ونعرف أغلب المعلومات عن معظم المفردات الحضارية والمكانية ما عدا عن «خنوم» الذي أتركه مفتوحًا وعامًا وغامضًا ولا أقدم أي تعريف محدد عنه مثلما أفعل مع أغلب الآلهة الوارد ذكرها في الرواية، وقد يتعرف عليه القاريء من خلال تخيل أو انطباع أو وصف أو مواقف الشخصيات، أو من خلال وجهة القاريء نفسه التي يكونها خلال رحلة القراءة.
ورواية «الأحمر العجوز» هي الرواية الثانية لي وصدرت الرواية في عام 2005 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة. وكروايته السابقة، تقوم هذه الرواية على استلهام وإحياء التراث المصري القديم مستفيدة من تقنيات السرد الحديث والواقعية الشعرية الأسطورية. ويقوم البناء السردي للرواية على قصة متخيلة لها انعكاساتها وإرهاصاتها في الواقع المصري المعيش. إذن فعلى الرغم من بعدها الزمنى السحيق المستمد في الغالب من مفردات الحضارة المصرية القديمة، فإنها لا تبتعد عن الواقع المصري الراهن بكل إشكالياته المتعددة والمعاصرة. وتبدأ الرواية بـ»مفتتح» شعرى أسطورى يمهد المتلقى للقادم من الأحداث والسخصيات. ثم تتوالى الأقسام الثلاثة المكونة للرواية. والقسم الأول من الرواية يسمى «دشر ور» وهي كلمة مصرية قديمة تعنى «الأحمر العجور»، وهى صفة لفرس النهر المعمّر»الأحمر العجوز» الذي تحمل الرواية اسمه. وقبل أن يلتقى القاريء بـ»فرس النهر الأحمر العجوز» وجهًا لوجه، يتعرف إلى قرية « ِبر ُمورا»، أي «بيت مورا»، نسبةً إلى ربة القرية «مورا»، ربة الخصوبة والحب العظمى، التي تدور على أرضها أغلب أحداث الرواية. ومن ثم يتعرف القاريء أيضًا إلى الجد «آناتم»، المؤسس الأسطوري للقرية، والذي انحدر من صلبه «أونان»، بطل الرواية الرئيسي وسيد القرية، والذي يحمل القسم الثاني من الرواية اسمه. ثم يتم التعرف على البحيرة الأزلية العجوز التي تقوم عليها حياة القرية من صيد وحرف أخرى كثيرة. ثم يتعرف القاريء على «الفرس الأحمر العجوز»، سيد البحيرة، وكذلك المتحكم في القرية وأهلها. ويتعرف القاريء إلى الوجه الإنساني لـ» الأحمر العجوز»، وهو ينتظر وصول مولود له، وحالة التوتر والقلق التي تنتابه لدى ولادته. ويحلم هذه المرة بأن يولد له ذكر يرث مملكته من بعده. ثم يتعرف القاريء إلى أهل القرية وأنشطتهم والربة مورا السمراء الجميلة، ربة القرية. ومشكلة القرية الحقيقية مع أفراس النهر أنها تأكل ليلاً محصول القرية الذي تعب أهلها كثيرًا في زراعته، بينما هم نائمون. ومن ثم يقرر أهل القرية الانتقام من جماعة أفراس النهر وكبيرها الفرس الأحمر العجوز. وفكر «نارام»، الابن الأوحد لسيد القرية «أونان»، في الانتقام من الأفراس، فصنع حيلة، وقع على أثرها في أيديهم، الفرس الأحمر الصغير، الابن الأوحد للفرس الأحمر العجوز، سيد البحيرة، فيقرر الفرس الانتقام من أهل القرية جميعًا، وينجح في قتل الابن الأوحد لسيد القرية «أونان»، نارام هو وزوجته مريام وهما في نزهة في عرض البحيرة، بعد أن هاجمهما، بينما دفع مهد ولدهما الصغير آشيل إلى الشاطيء. ومن هنا يشتد الصراع داخل الرواية بين سيد البحيرة، الفرس الأحمر العجوز»، وبين سيد القرية، «أونان». ويبدأ القسم الثاني من الرواية والمعنون «أونان»، بالبطل «أونان» وسيرته وتاريخه وقراره الانتقام من «الفرس الأحمر العجوز»، سيد البحيرة، الذي قتل ولده انتقامًا لمقتل ولده الفرس الأحمر الصغير. وينتهى باختفاء «أونان» ونهايته على أيدى الأحمر العجوز. ويبدأ القسم الثالث والأخير من الرواية والمسمى «أوشتاتا»، بـ»فارسة النساء»، «أوشتاتا»، زوجة «أونان» وأم «نارام»، التي تقرر الانتقام لزوجها وولدها. فتظن أنها قد نجحت في قتل «الأحمر العجوز»، بعد معركة مضنية معه، ثم تسلم الروح لخالقها. وتنتهى الرواية بـ»مختتم»، كما بدأت بـ» مفتتح»، يؤكد فيه : «أحد عجائز القرية أن العجوز لم يمت، وأنه لا يموت أبدًا، قد يحدث هذا أحيانًا، وكم مر بنا من تجارب ومحاولات للقضاء عليه، لكنه لا يلبث أن يعود من جديد بنفس القوة والحيوية التي كان عليها، متجددًا ولافظًا كل ما مضى. لا يموت أبدًا، دائمًا يوهم المرء نفسه بذلك، بل يتمناه في قرارة نفسه حتى يتحرر من إساره، لكنه لا ينجح في ذلك أبدًا، قد ينجح في تمني ذلك بعض الوقت، لكنه سرعان ما يلبث أن يفيق من حلمه على الحقيقة المؤكدة التي لا تتغير أبدًا.» وهكذا تنتهى الرواية في دائرية تؤكد أزلية الصراع واستمراريته، وأن الصراع بين الإرادتين البشرية والإلهية مستمر إلى الأبد، وأن فكرة الانتقام قد تدمر حياة الإنسان، كما حدث لأغلب شخصيات الرواية، دون تحقيق أية فائدة ترجى. والرواية ليست كبيرة الحجم، وتقوم على التكثيف والإيجاز والتلميح لا التصريح. واللغة شعرية فائقة، والبناء الفني بسيط يدفع دائمًا الأحداث بإطراد للأمام. والرواية غنية بالتفاصيل الدقيقة التي تضفي الكثير من الأبعاد على المناخ الأسطوري الذي تدور فيه أحداث الرواية.
وهناك مجموعة قصصية قادمة تحت اسم «الحب في طوكيو»، ورواية جديدة، وكتاب أثري باللغة العربية، وكتاب علمي باللغة الإنجليزية.
س: ما رأيك عن وجود مقبرة نفرتيتى داخل مقبرة توت عنخ آمون؟
ج: لا أعتقد في ذلك مطلقًا ورفضت هذه الفرضية وكتبت ذلك منذ البداية.
س: كلفك الدكتور مصطفى الفقى بالإشراف على مركز الدكتور زاهى حواس للمصريات بمكتبة الإسكندرية، فما هى أنشطة هذا المركز؟
ج: هذا المركز مقره مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي بالقرية الذكية بالجيزة. ويعد هذا المركز ضمن المشروعات التي تتبناها مكتبة الإسكندرية بقيادة الدكتور مصطفى الفقي. ويأتي إنشاء هذا المركز نظرًا لأهمية الدور الكبير الذي يقوم به عالم الآثار العالمي الدكتور زاهي حواس على مستوى العالم من خلال محاضراته العامة ومؤلفاته التي أثرت التراث الإنساني والثقافي لأكثر من نصف قرن. ويطمح هذا المركز أيضًا إلى أن يكون مركز إشعاع بحثي وتعليمي وتدريبي على المستوى المحلي والعربي والعالمي قادر على نشر التراث الثقافي بين الأطفال والشباب وكل فئات المجتمع، بالإضافة إلى دوره الكبير في استقطاب الخبرات في مجال الآثار والتراث الثقافي، والقيام بالعديد من الفعاليات الأثرية والعلمية والدورات المتخصصة والمنح البحثية التي تخدم البحث العلمي وتثري العمل الأثري. وسوف يقوم المركز بتقديم العديد من الجوائز السنوية باسم الدكتور زاهي حواس للعاملين في حقل الآثار من التخصصات المختلفة.
س: ماذا لو تم تكليفًك بالعمل وزيرًا للآثار؟
ج: هذه مسؤولية كبيرة. ولو تم تكليفي بهذا المنصب، فسوف أهتم كثيرًا بالبشر قبل الأثر، وسوف أعمل على إدارة منظومة الآثار بشكل مختلف ومتكامل ومتفاعل، وأن تكون الآثار في الصدارة، وأن توصل رسالة مصر الحضارية للعالم كله، فضلاً عن الإفادة كل الإفادة منها والانفتاح على العالم وتطبيق أحدث ما يحدث في العالم في الآثار، وسوف أهتم بالشباب كثيرًا، وسوف تدار الآثار بفكر مؤسسي متكامل وشامل وفقًا لخطة عمل محكمة على مستويين عاجل وآجل. أنني أريد أن أدخل بالآثار والأثريين إلى القرن الحادي والعشرين اليوم وليس غدًا.
س: ماذا تحب أن تقول في نهاية الحوار؟
ج: أحب أن أقول إن الإرهاب الذي تعاني منه مصر ليس جديدًا على مصر العظيمة وأن مصر سوف تنتصر في حربها ضد الإرهاب في ظل القيادة الحكيمة والواعية للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أنقذ آثار مصر من الإرهاب والإرهابيين وأعتبر الرئيس السيسي أول رئيس مصري يهتم بمنطقة الهرم ويطالب بتطويرها على أعلى مستوى. والآثار هي كنز مصر الاستيراتيجي، وأن مصر في حرب ضد الإرهاب وقوى الظلام دائمًا؛ نظرًا لاهميتها باعتبارها أول كلمة في كتاب التاريخ وأهم موقع في كتاب الجفرافيا. ومشروع المتحف المصري الكبير هو هدية مصر للعالم باعتبار أن مصر هي سيدة العالم الثقافية.
أرجو أن يكون هذا الحوار قد نال إعجابكم، وعلى موعد دائما مع حوارات أخري مع شخصيات مهمة أخرى.