بقلم: كلودين كرمة
نعم دائما هناك وجهان لنفس العملة…فالذى يلتقى بالسعادة فى طريق هذه الحياة يتقبل معها الأحزان…والذى يصل إلى أعلى المراكز يتحمل عواقب وظيفته ويكون اول المسئولين عن اى فشل أو تقصير وهو من يدفع ثمن إهمال من هم تحت رئاسته …والذى يحقق الغنى يتحمل الخسائر والانتقادات ..ومن لديه الجرأة على تحدى الظروف والمخاطر ليحقق ذاته ولا يستسلم لمجريات الحياة فعليه أن يصمد رغم كل المعوقات التى تكاد تقضى على طموحه…والذى يصل إلى اكتشاف علمى يغير من الواقع الأليم يكون علية تحمل حقد الحاقدين الذين يعرقلون خطواته…
وهكذا دواليك فكل ما نسعى لتحقيق أحلامنا و غايتنا فى هذه الحياة البائسة علينا أن نواجه المصاعب ونجابه العداء وكأنها حرب شعواء بيننا وبين كل ما نتمناه على هذه الارض.
فهل يصح أن يستسلم الإنسان للظروف و يسيطر عليه اليأس وان يكون قادرا على المواجهه والتحدى والثبات.. واثق الخطوة يمشى رافع الرأس شجاعا يتحلى بالصبر والإيمان بنفسه وإمكانياته ساعيا لاستغلال موهبته و لتطويع الظروف المحيطة فى سبيل إسعاد نفسه وخير مجتمعه ودعم من يحيطون به ويثقون فى قدراته..
لأنه ينبغى أن يكون هناك فى وسط هذه الأمواج المتلاحقة من يدعمنا نفسيا ومعنويا…فهو بمثابة سفينة النجاة إذ علت علينا الأمواج وقست علينا الايام…
فلا أحد يستطيع أن يستقل بذاته ويدعم نفسه بنفسه طوال مشوار حياته…ولذلك أن اختيار الأصدقاء والشركاء يجب أن يكون على مستوي نتوخى فيه الحذر..و يكون مبنى على أسس ثابتة ومبادئ راسخة..وبمنتهى الدقة.
ومن هنا نرى أن نجاح الإنسان فى حياته الشخصية والعملية على حد سواء لا يعتمد على ما هو عليه الآن إنما يعتمد على عوامل كثيرة منها أسلوب تفكيره ونضج شخصيته وترتيب أولوياته ومدى احترامه للقوانين العامة وتقاليد المجتمع الذى يعيش فيه والأهم مدى رقى أخلاقه وطباعة لأن هذا هو العامل الرئيسى فى تحديد ملامحه وألفاظه وصفاته التى على أساسها يتم اختيار الأصدقاء وشركاء رحلة الكفاح ويعتمد عليها أيضا قبول أو رفض الآخرين له..ومدى استعدادهم للتعاون معه الناتج عن احترامهم له وثقتهم فى شخصه.
وكما أن الاهتمام بالحياة العملية يعتبر من الأولويات ، كذلك الحياة السرية لا تقل أهمية…فإن من شاب على شئ شاب عليه فإن من تربى على الخلق الكريم والكلام الحسن والتفكير السوي تكون شخصيته متزنة وحكيم ، ذو عقل راجح ورأى سديد، يدبر حياته بحكمة ويسوس الامور برؤية واضحة ..ويبنى مستقبله بثبات..وبهذا يحقق الاستقرار لعائلته..أعلى الاستقرار النفسي والعاطفى وأيضا المادى.
وهذا ينعكس على نفسية الأطفال ويؤثر على نظرتهم إلى الحياة وتقديرهم للمواقف وطريقة التواصل مع المجتمع.
ولكن عندما لا نهتم بإدارة دفة الحياة بمرارة فإننا نتجمع مرارة الشهد..فبالرغم من عظمة الحياة الأسرية و روعتها إلا أن عندما تفقد المشاعر صدقها وتظهر الأكاذيب فى الأفق ويتهرب الكبار من تحمل مسؤولياتهم..فتنهار الاسرة و يتأثر الأبناء وتصبح أفكارهم مشوهة ويفقدون الثقة بأنفسهم وأيضا تنهار المبادئ و كذلك تفقد المشاعر سموها و يفرغ الحب من محتواه ويتعرضون لصدمات الحياة وهم على أرض متميزة فهنالك منهم المصائب و يصبح مستقبلهم مهددا نتيجة التجارب الصعبة التى افقدتهم المعنى الحقيقى التى تحتوي عليه الكلمات التى لها بريق مثل الحب أو العطاء أو التضحية.
فلننتبه إلى ذواتنا ولنحمى أنفسنا ونتمسك بالمذاق الجميل للشهد ولا نسمح لمرارة الأيام أو الأحداث أو قبح النفوس وظلام العقول أن تفسد علينا دنيانا وتملأ نفوسنا مرارة وقلوبنا أحزانا وبيوتنا اشواكا
حذار ثم حذار من مرارة الشهد..فلا يوجد ما يمحو مرارتها…