بقلم: علي عبيد
قائمة طويلة من المسوغات، ساقتها “جائزة الشيخ زايد للكتاب” لتسمية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، شخصية العام الثقافية للدورة التاسعة 2015 – 2016، منوهة إلى أن سموه شخصية فاعلة وواسعة التأثير، ليس على مستوى الإمارات وحدها، بل على المستويين الإقليمي والدولي، مرجعة ذلك إلى الرؤية الفريدة التي يمتلكها سموه، وما حققه من إنجازات كبرى على شتى الصعد. وأسندت اختيارها هذا إلى إنجازات سموه الكبيرة التي وضعتها في إطر منها؛ الإجابة على تحديات الواقع الراهن، ودور الشباب، وعلى المستوى المعرفي، والأبعاد المجتمعية والإنسانية والإبداعية والمستقبلية. وهي مسوغات جديرة بأن تجعل من هذا الاختيار قرارا صائبا بكل المقاييس، وهو ما فعلته الجائزة بمجلس أمنائها وهيئتها العلمية التي اختارت سموه.
لكن المسوغ الأكبر الذي يجعل من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الشخصية الأجدر بهذه الجائزة هو أنه يمثل قيادة استثنائية كسرت كل القوالب التي اعتاد الناس أن يروا فيها القادة والرؤساء، حتى أولئك الذين وصلوا منهم إلى مرتبة الزعامة، فهو قائد ميداني لا يعترف بالجلوس في المكاتب وإدارة العمل من خلف الأبواب المغلقة، لذلك كانت زياراته الدائمة لمواقع العمل والوزارات والدوائر خبرا يوميا في الصحف ونشرات الأخبار. وهو قائد لا يعترف بالمستحيل، ويعتبر ما يراه الناس مستحيلا تحديا عليه أن يقهره. كما أنه قائد لا يعترف بالحواجز بينه وبين الشعب، لذلك أصبح مألوفا أن يراه الناس راكبا عربة من عربات الترام أو المترو، أو ماشيا في مركز من المراكز التجارية، أو جالسا على طاولة في مطعم من المطاعم التي يؤمها الجميع، دون حرس أو مظاهر بروتوكولية من تلك التي اعتاد الناس رؤيتها.
لقد استطاع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن يجسّر الهوة بين الأجيال، فأصبح أكثر قربا إلى الشباب من أنفسهم، يتحاور معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويمنحهم التي تمكنهم من الاضطلاع بدور مهم في البناء والتنمية، فأصبحت أفكارهم على رأس قائمة الأفكار التي يسعى سموه لتحقيقها، لأنها الأقرب إلى المستقبل الذي يتطلع إليه سموه دائما، والذي يقول إنه يبدأ اليوم وليس غدا. لذلك التف الشباب حول سموه، واعتبروه الأقرب إليهم، حتى غدا رمزا وقدوة لهم، يحاولون أن يجاروا أفكاره فيسبقهم بمسافة، ثم يترك لهم المجال لقيادة القاطرة نحو المستقبل. وهذه مهارة في القيادة لا يمتلكها إلا القليل من القادة، وسموه واحد من هؤلاء القادة القلائل الذين يضرب بهم المثل في تشجيع الشباب وتحفيزهم، ومنحهم الفرص الكاملة في أخذ دورهم، والمساهمة بالتفكير والتخطيط والتنفيذ والإبداع في كل المجالات.
إنجازات سموه على المستوى المعرفي والإعلامي والتقني لا تعد ولا تحصى، فدبي من أوائل البلدان التي أنشأت مدنا للإعلام والإنترنت والأستوديوهات والرياضة، وقرية للمعرفة، واستقطبت البشر من كل أنحاء المعمورة، ووفرت لهم المناخ المناسب للعمل والإبداع، دون قيود أو تعقيدات يواجهونها في بلدانهم، حتى إذا ما وصلوا إلى دبي ألقوها خلف ظهورهم وكأنهم في عالم آخر، لا يشبه العوالم التي أتوا منها، بل يسبقها بمراحل من الصعب تجاوزها.
قبل يوم واحد فقط من اختيار “جائزة الشيخ زايد للكتاب” صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم شخصية العام الثقافية للدورة التاسعة من الجائزة، أعلن سموه عن بدء الإعداد لإطلاق أول مسبار عربي إسلامي لاستكشاف كوكب المريخ. وأكد سموه أن مسبار المريخ سيكون بداية لدخول العرب عصر الفضاء. وقال في تغريدة له على حسابه الرسمي على “تويتر”: رحلة المريخ هي تحد كبير.. وهي مصدر إلهام لنا جميعا كأمة عربية بأننا نستطيع المنافسة في السباق الحضاري والمعرفي العالمي”. ودعا الجمهور للمساهمة في اختيار اسم للمسبار قائلا: “أطلب اليوم من جميع من ستصلهم رسالتي هذه المساهمة باختيار اسم عربي مميز لمسبار المريخ، ووضعه على الوسم مسبار- المريخ”.
إن قائدا يبحث عن الإلهام، ويجعل مصدر إلهامه غزو الفضاء، ويدعو الجمهور للمساهمة معه في اختيار اسم لمصدر إلهامه، لهو قائد استثنائي بكل المقاييس. فقد تعودنا من القادة أن لا تتجاوز أحلامهم أسقف القصور والثكنات التي يقيمون فيها، وأن ينسبوا كل إنجاز لأنفسهم، وأن يحتكروا كل فعل لهم، وهو ما لم نعرفه عن قادتنا، وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الشخصية الثقافية لجائزة الشيخ زايد للكتاب، هذا القائد الذي استحق عن جدارة هذه الجائزة التي تحمل اسم القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه،. ومن أجدر بجائزة تحمل اسم المؤسس زايد، رحمه الله من قائد بقامة وعظمة وإنجاز صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله؟