بقلم: يوسف زمكحل
أعلنت إدارة ترامب على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو يوم 18 نوفمبر الماضي أن المستوطنات الإسرائيلية ليست منافية للقانون الدولي ومعنى هذا التصريح أن أمريكا تعطي شرعية لبناء هذه المستوطنات كما أن هذا التصريح سيؤدي إلى تدعيم الموقف الإسرائيلي والذي سيؤدي في النهاية لإضعاف إمكانية التوصل إلى أتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينين . وهذه المستوطنات هي عبارة عن تجمعات سكانية يهودية شيدت في الأراضي التي احتلتها إسرائيل بالقوة العسكرية في حرب يونيو 1967 ، وكانت المفاوضات التي أجريت بين الجانبين في سياق اتفاقيات أوسلو في عام 1993 تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة ولكن أتفاق أوسلو لم يمنع بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة فمضت كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1993 في المضي قدماً في بناء المستوطنات . وللأسف كل رؤساء أمريكا انحازوا لإسرائيل أبنتهم المدللة وبقيت قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن هي لمجرد إثبات أنهما على قيد الحياة ، والحق يقال أن الأمر لا يعيب الأمريكان أو حتى الإسرائيليين بقدر ما يعيب الفلسطينيين أنفسهم فهم الذين أضاعوا فرصة الحصول على أرضهم أو حتى جزءاً كبيراً منها في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عندما رفض الرئيس الراحل ياسر عرفات الجلوس على مائدة المفاوضات مع الإسرائيليين عندما دعاهم السادات إلى مؤتمر مينا هاوس في ديسمبر عام 1977 لمناقشة القضية الفلسطينية والتفاوض من أجل استعادة أراضيهم المغتصبة ولكنهم لم يحضروا ولم يحضر أيضاً كل من ملك السعودية وملك الأردن والرئيس السوري ، وبعد إعلان إتفاقية كامب دافيد بين مصر وإسرائيل في نوفمبر عام 1978 شن الفلسطينيين هجوماً لاذعاً على الرئيس السادات واتهموه بالخيانة وهو الذي نجح في استعادة كل أراضيه المحتلة في عدوان عام 1967 ووصل أمر كراهية ياسر عرفات للرئيس السادات بأنه رقص فرحاً عندما أغتيل الرئيس في السادس من أكتوبر عام 1981 ، أغتيل السادات وهو لم يدخر جهدا في الدفاع عن القضية الفلسطينية حتى عندما ذهب إلى الكنيست الإسرائيلي ليلقي خطابه التاريخي الذي قال فيه أنه لم يأت لإسرائيل من أجل إيجاد حلاً منفرداً بل لحل قضية الشرق الأوسط برمتها . ومضت السنوات وأزداد الأمر تعقيداً عندما انقسمت حكومة حماس بقيادة اسماعيل هنية عن الرئيس عباس أبو مازن ففقدت القضية الفلسطينية مصداقيتها الأمر الذي جعل إسرائيل تزيد من عنفها وبطشها لأنها على يقين أن الانقسام الفلسطيني ادخل القضية الفلسطينية في غيبوبة لا ندري متى ستفوق منها . والغريب أن الفلسطينيين لا يلومون أنفسهم بل يلومون أحياناً الزعماء العرب لاعتقادهم بأنهم تقاعسوا في الدفاع عن القضية الفلسطينية ويصبون أيضاً أوج غضبهم على الجامعة العربية التي لا تملك إلا الشجب والاستنكار ولا حول ولا قوة إلا بالله .!