بقلم: علي عبيد الهاملي
طفل صغير، يبلغ من العمر 13 عاما فقط، استطاع أن يكشف عن الثغرات الهائلة التي تنطوي عليها الإجراءات الأمنية لملايين الأجهزة التكنولوجية المستخدمة يومياً، حيث نجح في اختراق طائرة بدون طيار بشكل حي أمام الجمهور خلال «مؤتمر عطلة أسبوعية للأمن السيبراني» الذي نظمته شركة «كاسبرسكي لاب» المتخصصة في مجال الأمن الإلكتروني. ولم تستغرق عملية الاختراق أكثر من دقائق معدودة، لتسلط «كاسبرسكي لاب» الضوء على الحاجة الملحة لاعتماد إجراءات أمنية أكثر صرامة من الشركات التي تقوم بتطوير أجهزة متصلة بإنترنت الأشياء، مثل الطائرات بدون طيار، وشاشات مراقبة الأطفال، والأجهزة الذكية، والألعاب المتصلة، وغيرها من التقنيات المتصلة بالإنترنت. اسم هذا الشاب هو روبن بول، ويعرف بلقب «النينجا السيبراني». وقد قررت الشركة العملاقة في مجال الأمن الإلكتروني أصدار تقرير شامل حول إنترنت الأشياء، بهدف إلقاء الضوء على أهم نقاط الضعف الأمنية في الأجهزة المنزلية الذكية المتصلة بالإنترنت.
في ظل النمو المتسارع للتقنيات التي توظف أجهزة إنترنت الأشياء، مثل الطائرات بدون طيار، تزداد المخاوف إزاء الثغرات الأمنية، والتي قد تؤدي إلى انتهاك الخصوصية والبيانات، وحتى تهديد الحياة البشرية. لذلك يدعو خبراء «كاسبرسكي لاب» إلى اعتماد إجراءات أكثر صرامة من قبل الشركات المطورة لأجهزة إنترنت الأشياء، بهدف تفادي هذه الثغرات الخطيرة. ولكن إذا كان طفل صغير يبلغ من العمر 13 عاما فقط، من المفترض أن يكون منشغلا بدراسته أكثر من أي شيء آخر، استطاع أن يخترق طائرة بدون طيار، وأن يوجهها كيفما يشاء، فماذا نتوقع من الخبراء الكبار، الذين يجوبون عالم الإنترنت ليل نهار، ويتجولون بين مواقع المصانع والشركات الكبرى دون أن يستطيع اعتراضهم أحد، وإن اعترضهم أحد، وأغلق الأبواب في وجوههم، وجدوا ألف وسيلة للدخول من الشبابيك والمنافذ الخلفية، واختراق الحسابات العامة والشخصية، والعبث بها، ونشر محتوياتها على الملأ من أقصى الكرة الأرضية إلى أدناها؟
قبل 13 عاما تقريبا استطاع ناشط إنترنت أسترالي أن يحدث ضجة في أوساط الدول الكبرى، والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص، عندما أنشأ ومعه مجموعة من المنشقين الصينيين والصحفيين والرياضيين، وتقنيون مبتدئون لشركات عاملة في الولايات المتحدة وتايوان وأوروبا وأستراليا وجنوب أفريقيا، أنشؤوا نطاقا على الإنترنت أطلقوا عليه « .»wikileaks.orgهذا الناشط يدعى «جوليان أسانج»، وتاريخه يقول إنه كان «هاكر» عندما كان مراهقا، ثم أصبح مبرمج كمبيوتر، قبل أن يدخل عالم الشهرة بعد إنشاء «ويكيليكس» التي أصبحت معروفة عالميا في عام 2010 عندما بدأت، بمساعدة من شركائها، نشر وثائق عسكرية ودبلوماسية عن الولايات المتحدة، في وسائل الإعلام. جدل كبير دار حول «أسانج» الذي تعرض لمطاردات دولية، ولجأ إلى سفارة الإكوادور في لندن، التي منحته اللجوء السياسي، وبقي فيها سبع سنوات قبل أن تعتقله الشرطة البريطانية داخل السفارة يوم الحادي عشر من شهر إبريل هذا العام، بعدما سحبت الإكوادور اللجوء السياسي منه.
إلى أي مدى نحن محصنون ضد الهجمات الإلكترونية، وإلى أي مدى نحن معرضون للاختراق؟ سؤال أجابت عنه الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في دولة الإمارات العربية المتحدة، عندما أعلنت عن تراجع عدد الهجمات التي استهدفت مواقع إلكترونية في الدولة بنسبة 43.2% خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2019 مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2018. وكشفت الهيئة أن عدد الهجمات الإلكترونية التي جرى إحباطها وصل إلى 88 هجمة خلال الربع الأول من عام 2019 مقابل 155 هجمة إلكترونية خلال الفترة نفسها من عام 2018. وصنفت الهيئة 53 هجمة إلكترونية كانت آثارها شديدة أو حادة، و21 هجمة منخفضة الآثر، وسجلت البقية هجماتٍ متوسطة الشدة. وانطلاقا من دورها في نشر التوعية، نصحت الهيئة جميع المستخدمين بعدم مشاركة بيانات البنوك الخاصة بهم مع أي شخص عن طريق الهاتف المتحرك، والتحقق من قائمة الصلاحيات الممنوحة عند تثبيت أي نظام جديد على أجهزتهم، وأكدت ضرورة تغيير رمز المرور السري لجهاز الإنترنت المنزلي بصورة دورية.
ما نشرته هيئة تنظيم الاتصالات في دولة الإمارات ما هو إلا مثال على ما يحدث في دول كثيرة. فإلى أي مدى تطمئننا مثل هذه الأخبار، وتجعلنا نستخدم حواسيبنا وهواتفنا المحمولة ونحن نشعر بالأمان، وإلى أي مدى تبعث على القلق، وتجعلنا نشعر بأننا مخترقون؟
أترك الجواب لكم، بعد أن أصبح الاختراق هواية يمارسها الصغار قبل الكبار هذه الأيام.