بقلم: كنده الجيوش
تعبير «القوة الناعمة» يطلقونه اليوم على أنواع التواصل الاجتماعي وبعض أشكال الإعلام والفن. والحقيقة أن هذا الأمر هو أشبه بـ «كرة الثلج» كلما تدحرجت زاد حجمها وتاثيرها.
وهو ليس أمر بجديد ولكن التعامل معه لا يزال مختزلا ومترنحا ويفتقر إلى الآليات المناسبة… وما أصعبها من مهمة.
وعبر الزمان سمعنا نظريات كان هدفها أن تطال من بعض الرموز ومنها أن السيدة أم كلثوم ساهمت بهزيمة ١٩٦٧ لأنها جيشت العرب وألهتهم بالعاطفة.. وهو أمر مغرض ممن يبحث عن شماعة لأخطاء متنوعة.
وفي هذه الأيام يتم الانتباه ويتم الحديث المطول حول موضوع أن الشعوب يمكن ويتم تحريكها من خلال وسائط الإعلام الاجتماعي وإشكال الفن… وان التوعية بهذا الأمر يجب أن تكون على مستوى أعلى.
وهذا الأمر مختلف جدا عن مثال السيدة. مختلف لأنه يحتوي أوجه حقيقية لا يمكن إنكارها وجوانب متشعبة كثيرا..
وسأتناول مثال قريب. توفي المبدع المخرج السوري بسام الملا صاحب «باب الحارة» والبعض يقول أن عمله ساهم في إذكاء روح الذكورية والانغلاق لدى المجتمع السوري وحتى العربي الذي تفاعل إلى حد واسع جدا مع هذا المسلسل … وهذه حقيقة ولا يمكن إنكارها.. والبعض الآخر يقول المسلسل لا ذنب له لان لم يقل «أنا أؤرخ» وهو عمل فني بحت.. ومثله مثل «صح النوم» وغوار الطوشة الفكاهي.. وهذا أيضا فيه شيئ من الصحة.
والجانب الآخر للحقيقة هو أن الموضوع متشعب لان كل عمل وله إطاره وهناك الكثير من الأعمال الفنية التي كان يمكن لها أن تثير نزعات كثيرة.. ومن الفانتازيا التي تمجد الذكورية أو الفوضى إلى أعمال الجريمة.. و لم تقوم بذلك.
وهناك دوما عامل مشترك بأنها لم تحرك الشارع باتجاه ما تقدمه لأنها بقيت في إطار الإنتاج الفني الدرامي ولم تحاكي مشاعر إنسانية وعواطف وذكريات وثقافة في فترة حرجة تمر بها هذه الشعوب سواء من ناحية التطور الاجتماعي والثقافي والإنساني والسياسي والاقتصادي ويضاف إليه عامل «احتراق» ألا وهو وسائط التواصل الاجتماعي.
ومن انتبه إلى هذه الظاهرة في بداية تحركها استعملها إما بشكل إيجابي أو سلبي… هذا في السنوات الأولى .. من هذه الظاهرة.
اليوم الوضع مختلف قليلا… مستوى التوعية يجب أن يلحق بمستوى استعمال هذه الوسائل في أشكال غسل الدماغ المجتمعي والثقافي.
الإعلام الرئيسي كان ولا يزال قويا وكان ولازال لديه كل إمكانيات التحريك والتجييش. والإنتاج الفني متنوع جداً ويتدرج من أفلام الجريمة «الكلاسيكية» مثل أفلام هتشكوك إلى أفلام العنف والذكورية الغربية في الشوارع التي يمكن أن تحرك أناسا في بلدان بعيدة إلى أفلام يمكن أن تعيد أموراً تاريخية الى مسارها التاريخي في الأذهان مثل «فيلم الرسالة» أو «Passion of the Christ” رغم كل الخلافات حول دقتها في بعض الأحيان.
ولكن وسائط التواصل مسألة مختلفة.. وعالم اليوم وشباب ومجتمعات وشعوب اليوم مختلفة.