بقلم: تيماء الجيوش
تواجه النساء معضلات و صعوبات لا متناهية في حال اتخاذ قرار بخروجهن من علاقة تتسم بالعنف على اختلاف أنواعه و درجاته. وغالباً تطرح هؤلاء النساء أسئلة تتشابه في جوهرها على اختلاف تواجدهن في الغرب أو الشرق ، تبدأ بما هي الخطوة الأولى التي عليها اتخاذها في طلب المساعدة؟ من يمكنه مساعدتها؟ هل تغادر البيت إلى المجهول أم إلى وجهة أو منظمة معينة إن وُجِدتْ؟ وهل يمكن لها أن تصحب أطفالها؟ ماذا عن حضانتهم في نهاية المطاف؟ هل سيكفلها لها القانون؟ هل ستكون و إياهم في منأى عن الخطر؟ ما هي المصادر المالية التي يمكنها الاعتماد عليها وتتيح لها المساعدة القانونية ؟ ماذا عن الحماية الدائمة هل هي متوفرة ما دام الخطر قائماً؟ هل هناك من احترامٍ للخصوصية و الحفاظ على سرية المعلومات؟
بدايةً تُعنى كندا على الصعيدين الفيدرالي و صعيد المقاطعات بحقوق المرأة و ضحايا العنف و هو يُعدُّ أمراً يدخل في صلب استراتيجياتها و برامجها.
الخدمات التي تُقدّمْ للضحايا يقع جانب هام منها على عاتق المنظمات المدنية كشريكٍ أساسي فهي من حيث المبدأ تعمل مع الأجهزة التنفيذية/ أي جهاز الشرطة/ و تتضمن مساعداتٍ مركزية و تبني خطة على المدى البعيد للحفاظ على سلامة الضحية و حمايتها و كل ما يتناول تفاصيل الحياة اليومية للبقاء من غذاءٍ و ملبس و ملجأ و مساعداتٍ مالية مع عدم إغفال المناحي الثقافية و العرقية و اللغوية المتنوعة في مجتمع قائم على استقبال المهاجرين و اللاجئين و بالتالي الحرص على تواجد الترجمة بلغات مختلفة لما للغة الأم من أهمية في معالجة مسألة العنف و التواصل مع الضحية. منظمات المجتمع المدني هذه يقوم موظفوها و متطوعيها بالتواصل المباشر و الشخصي مع الضحية ، البحث عن الخيارات القائمة و ربما إحالتها إلى المحامي المختص أو إلى خدمات أخرى كالمساعدة المالية ….الخ.
و لدى المنظمات الكندية بمعظمها سياسة واحدة احترام مبدأ الخصوصية و الحفاظ على سرية المعلومات و عدم انتهاكها مهما اختلفت الذرائع إلا إن أبدت المرأة الضحية موافقة مبدئية في تداول معلومات ملفها، و كذلك الأمر في التبليغ عن واقعة العنف للجهات المختصة من أجهزة شرطة، ادعاء عام و قضاء ، فهي أي المنظمات لديها شبكات للتعاون مع كادرٍ من المحامين و المستشارين اللذين يرافقون الضحية في تفسير المعلومات القانونية و جوانبها أولاً، دراسة تأثير القرار بتقديم شكوى رسمي او طلب تحقيق و اتخاذه و من ثم التوجه فعلاً بالشكوى. أكثر من هذا وذاك أنشأت وحدة السياسات لقضايا الضحايا في وزارة العدل الكندية ، دليل خدمة الضحايا THE VICTIM SERVICES DIRECTORY(VSD).
و ذلك بهدف تقديم الدعم و المساعدة الفيدراليين لمقدمي الخدمات بمن فيها منظمات المجتمع المدني و الأفراد و الضحايا في عموم كندا. على صعيد كيبيك و مدينة مونتريال تحديداً هناك العديد من المنظمات على سبيل المثال و ليس الحصر Shield Athena ،
SOS DOMESTIC VIOLENCE.
الكثير من الدقة تصاحب عملية هذه المنظمات من بينها العناية المستمرة بالضحية و الأطفال والتنبه إلى جوانب أخرى ذات أهمية بالغة ومنها عدم استخدام المحيط الاجتماعي بالضحية كوسيلة للإيذاء الأوسع ، فغالباً ما يسعى مرتكبي العنف الى استغلال وضع المرأة المُعنفة و خلق محيط من الانحياز ضدها و سلبها مصداقيتها عبر الترويج لآراءٍ معينة ضدها ضمن دائرتها الاجتماعي من أفراد عائلتها إلى أقربائها إلى أصدقائها بل و حتى الجوار مما يدفعها إلى مزيدٍ من الوضع التصادمي و العزلة. ناهيك في وقتنا الحاضر و ما نعاصره عن سنوات الوباء COVID-19 و آثاره.
منظمة SOS ذكرت في موقعها الرسمي أنها تلقت ما يجاوز ثلاثمائة ألف طلب سنوياً من قبل نساء يشتكين العنف الزوجي أو الشريك intimate partner ((violence ( IPV)). و أن هذا قد زاد بنسبة ٨٠٪ مع وباء كورونا و ما رافقه من ظروف استثنائية.. العملية الحسابية ستكون مثيرة للقلق إن علمنا أن هذه المنظمة تم تأسيسها في العام ١٩٨٧ . أي بمعنى إن كان العدد الوسطي هو ثلاثمائة ألف سنوياً فهذا يعني ٦٠٠ ألف طلب خلال عامين فقط ، حقيقة الرقم ضخم و يحتاج عملاً لا يتوانى إلى حين تحرر المجتمع من العنف ضد المرأة. و حقيقة أخرى تُبرز أهمية هذه المنظمات التي تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع و جهدها في وصول الضحية إلى الموارد و بالتالي تلبية احتياجاتهم على تنوعها و اختلافها في ظل الوباء و ظروف صعبة عانى منها مجتمعات بأكملها. طريق الألف ميل يبدأ بخطوة و أن ينتهي العنف ضد المرأة بكافة أشكاله و صيغه يتطلب استراتيجياتٍ مناسبة تلحق المتغيرات الاجتماعية الاقتصادية و السياسية في هذا البلد أو ذاك. لا زال الأمل مستمراً بإنهاء العنف و لا زال العمل دؤوباً في كندا كما في العديد من البلدان و المجتمعات المدنية في عدم انتهاك حقوق المرأة و صون كرامتها.
رمضان كريم ، عيد فصحٍ سعيد، و أسبوع جميل لكم جميعاً.